ينظم العقل البشري العواطف التي يمكن أن تكون حاسمة في حياتنا اليومية، خاصة عند الحاجة للتحلي بالمرونة للتحكم بسلوكنا واتخاذ القرار المناسب تبعا للأحداث من حولنا.
وترتبط بعض مشكلات الصحة العقلية بعدم قدرة الأفراد على التحلي بالمرونة في الواقع، كما هو الحال عند سيطرة الأفكار السلبية بحيث يكون من الصعب إدراك الموقف بشكل مختلف.
وبهذا الصدد، أجرى باحثو كلية دارتموث الأميركية دراسة جديدة تعد الأولى من نوعها في مجال فصل النشاط المتعلق بتوليد المشاعر عن تنظيم المشاعر في الدماغ البشري.
وفحص الباحثون مجموعتين من البيانات المستقلة لدراسات الرنين المغناطيسي الوظيفي. وتم تسجيل نشاط دماغ المشاركين أثناء مشاهدتهم لصور من المحتمل أن تثير رد فعل سلبي، مثل مشهد دموي أو حيوانات مخيفة المظهر.
ثم طُلب من المشاركين إعادة صياغة سياق التحفيز من خلال توليد أنواع جديدة من الأفكار حول الصورة لجعلها أقل نفورا، قبل تقديم صورة محايدة تليها صورة أخرى غير محببة.
وتمكن الباحثون من تحديد مناطق الدماغ التي تكون أكثر نشاطا عندما يتم تنظيم العواطف مقارنة بتولد العواطف.
وتكشف الدراسة أن تنظيم العواطف، المعروف أيضا في علم الأعصاب باسم "إعادة التقييم"، يشمل مناطق معينة من قشرة الفص الجبهي الأمامي وغيرها من التسلسلات الهرمية القشرية ذات المستوى الأعلى، والتي لم يتم عزل دورها في تنظيم العواطف من قبل بهذا المستوى من الدقة.
وتبين أنه كلما زاد عدد الأشخاص القادرين على تنشيط مناطق الدماغ الانتقائية لتنظيم المشاعر، كلما أصبحوا أكثر مرونة في مواجهة حدث سلبي دون السماح له بالتأثير عليهم شخصيا.
ويقول المعد الرئيسي كي بو، باحث ما بعد الدكتوراه في مختبر علم الأعصاب الإدراكي والعاطفي (CANlab) في دارتموث: "من المثير تحديد بعض مناطق الدماغ التي تنفرد بتنظيم العواطف. وتوفر نتائجنا رؤية جديدة لكيفية عمل تنظيم العواطف من خلال تحديد الأهداف التي يمكن أن يكون لها تطبيقات سريرية".
وعلى سبيل المثال، يمكن للأنظمة التي حددها الباحثون أن تكون أهدافا جيدة لتحفيز الدماغ لتعزيز تنظيم العاطفة.
ويضيف بو: "إن القشرة الدماغية هي المسؤولة حقا عن توليد الاستجابات العاطفية لدى الناس، عن طريق تغيير الطريقة التي نرى بها الواقع".
وتعد الناقلات العصبية، مثل الدوبامين والسيروتونين، المشاركة في تواصل شبكات الخلايا العصبية، أهدافا للمخدرات غير المشروعة والعلاجات على حد سواء. وقد تكون بعض الناقلات مهمة لتمكين القدرة على التنظيم الذاتي.
وأظهرت الدراسة أن مستقبلات القنب والمواد الأفيونية والسيروتونين، بما في ذلك 5H2A، كانت كثيرة في المناطق التي تشارك في تنظيم العاطفة. وعند تناول الأدوية التي ترتبط بهذه المستقبلات، فإنها تؤثر على نظام تنظيم المشاعر.
وتشير النتائج إلى أن تأثيرات الأدوية على الاكتئاب وغيره من اضطرابات الصحة العقلية قد تعمل جزئيا فقط، عن طريق تغيير طريقة تفكيرنا في أحداث الحياة.
وقد يساعد هذا في تفسير سبب عدم فعالية الأدوية، وخاصة المخدرات، بدون الدعم النفسي المناسب.