تمكنت إسرائيل من صد الهجوم الإيراني "غير المسبوق"، بفضل نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي المتطور والمساعدات الحاسمة التي قدمتها الولايات المتحدة وغيرها من الشركاء الغربيين والعرب، لكن "التصعيد المرتقب" بين الجانبين قد يحمل "تداعيات خطيرة"، وفق تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال".
"هل انتهى الأمر أم لا؟"، سؤال أثار حالة من الجدل في أعقاب الهجوم الإيراني على إسرائيل، والذي تبعه "توعد إسرائيلي بالرد" في مقابل اعتبار إيران "الأمر منتهيا".
والرد بقوة على الأراضي الإيرانية قد يؤدي إلى عمليات انتقامية أكثر تدميرا، لكن عدم الرد على الإطلاق، أو بشكل ضعيف للغاية، يمكن أن يؤدي أيضا إلى تآكل الردع، مما يجعل إسرائيل وغيرها أكثر عرضة للهجمات الإيرانية المستقبلية، وفق ما قاله نداف بولاك، وهو محلل حكومي إسرائيلي سابق يدرس في جامعة رايخمان.
وأضاف: "لقد بدأت إيران مرحلة جديدة.. لقد توقفت عن الاختباء خلف الوكلاء وأصبحت الآن معرضة لهجوم مباشر من إسرائيل".
جزء صغير من "ترسانة كبيرة"
إيران مسلحة بأكبر عدد من الصواريخ الباليستية في المنطقة، وفق مكتب مديرة المخابرات الوطنية الأميركية.
ولم يستهلك هجوم السبت، سوى جزء صغير من قوة ترسانة طهران، حسب "وول ستريت جورنال".
إيران أطلقت سربا كثيفا مكونا من 200 طائرة مسيرة فتاكة وصواريخ بالستية وصواريخ كروز باتجاه إسرائيل تم اعتراض "الغالبيّة العظمى" منها.
ما هي قدرات إيران "الصاروخية"؟
نشرت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية شبه الرسمية، رسما بيانيا لتسعة صواريخ إيرانية قالت إنها قادرة على الوصول إلى إسرائيل.
ومن بين هذه الصواريخ، "سجيل" الذي يستطيع قطع أكثر من 17 ألف كيلومتر في الساعة وبمدى يصل إلى 2500 كيلومتر، و"خيبر" الذي يصل مداه إلى ألفي كيلومتر و"الحاج قاسم" الذي يبلغ مداه 1400 كيلومتر ويحمل اسم قائد فيلق القدس، قاسم سليماني، الذي قتل في غارة أميركية بطائرة مسيرة في بغداد قبل أربع سنوات.
وفي حزيران/ يونيو الماضي، ذكرت وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء (إرنا) أن إيران أزاحت الستار عما وصفه المسؤولون بأنه أول صاروخ باليستي فرط صوتي من إنتاجها.
ويمكن للصواريخ فرط صوتية الانطلاق بسرعات تزيد بخمس مرات على الأقل عن سرعة الصوت وفي مسارات معقدة مما يجعل من الصعب اعتراضها.
وفي آب/ أغسطس الماضي، قالت إيران، وهي منتج رئيسي للطائرات المسيرة، إنها صنعت طائرة مسيرة متطورة محلية الصنع تسمى مهاجر-10 يصل مداها إلى ألفي كيلومتر وقادرة على الطيران لمدة تصل إلى 24 ساعة وعلى حمل ما يصل إلى 300 كيلوغرام.
ورغم أن عددا قليلا فقط من الصواريخ الإيرانية تمكنت من دخول الأراضي الإسرائيلية السبت، فقد استمد الجيش الإيراني معلومات استخباراتية قيمة من مراقبة كيفية عمل الدفاعات الجوية الإسرائيلية والأميركية، حسبما تشير "وول ستريت جورنال".
وقال جوناثان شانزر، الباحث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن: "كانت إيران تختبر نظام الدفاع الصاروخي، وعزم دول المنطقة، وعزم الولايات المتحدة".
ماذا عن الرد الإسرائيلي؟
تمتلك إسرائيل واحدا من أكبر الجيوش في العالم، لاسيما من ناحية التجهيز العسكري، وتعتمد على "ضخامة قوتها العسكرية"، من أجل الحفاظ على نفوذها في المنطقة، مستفيدة من دعم الولايات المتحدة "ماديا وعسكريا".
وتحتل إسرائيل المرتبة الـ14 بين أقوى جيوش الأرض، بينما تحل إيران بالمرتبة الـ17 عالميا، وفق موقع "غلوبال فاير باور".
عندما تدرس إسرائيل ردها، يجب عليها أيضا أن "تزن مصالح شركائها العرب"، مثل الأردن والسعودية والإمارات، حسبما تشير "وول ستريت جورنال".
وعلى الرغم من الغضب الشعبي إزاء مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين خلال الحرب في غزة، ساعد الأردن وشركاء آخرون إسرائيل في التصدي للصواريخ والمسيرات الإيرانية، السبت.
وقال ستيفن كوك، محلل شؤون الشرق الأوسط في معهد واشنطن لأبحاث الشرق الأوسط: "لقد كثف شركاؤنا الإقليميون جهودهم على الرغم من التوتر الكبير للغاية بينهم وبين إسرائيل منذ ستة أشهر، وبينهم وبين الولايات المتحدة".
وبغض النظر عن مدى كره دول المنطقة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، فإنها "تكره الحكومة الإيرانية أكثر"، وفق كوك.
ومن المرجح أن يلعب هؤلاء الشركاء العرب إلى جانب الولايات المتحدة وآخرين، دورا حيويا في "توفير المعلومات الاستخباراتية وفتح مجالهم الجوي، وفي حالة الأردن، إسقاط الأسلحة الإيرانية".
وقال مسؤولون أميركيون لـ"وول ستريت جورنال"، إن نصف الصواريخ الباليستية التي أطلقتها إيران إما فشلت في الإطلاق أو سقطت من السماء قبل أن تصل إلى أهدافها.
وفشل إيران في إلحاق الضرر بإسرائيل نتيجة للدفاعات الجوية الإسرائيلية المتفوقة "كشف عن مدى ضعف طهران عندما يتعلق الأمر بالتهديد العسكري التقليدي".
وهذا هو السبب وراء "استثمار إيران كثيرا في الجماعات الإرهابية والقوات المسلحة".
وقال بريان كاتوليس، وهو زميل بارز في معهد الشرق الأوسط، إن تلك الجماعات المختلفة لديها "قدرة كبيرة على زرع الخوف والتسبب في قدر كبير من المخاطر للمنطقة".
الخيار النووي؟
حذر علي فايز، مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية، من أن الضعف الواضح في القدرة العسكرية التقليدية لإيران قد يحمل في طياته مخاطر تصعيدية.
وبما أن الهجمات بالوكالة التي يشنها حزب الله أو حماس ولا القصف المباشر على إسرائيل تنجح، فقد يميل صناع القرار في طهران بشكل متزايد إلى "الخيار النووي"، وفق فايز.
وإذا كانت "الصواريخ الباليستية والمسيرات" غير كافية فمن المحتمل أن تستنج إيران أن "المنفذ الوحيد المتبقي لهم هو الردع النهائي".