لا صوت يعلو فوق صوت ملف النازحين الذي يشكّل مادة استقطاب حاد على المستوى الداخلي، بعدما تصدّر هذا الملف واجهة الاهتمامات الداخلية في أكثر من اتجاه. وينتظر أن يفتح هذا الموضوع بإسهاب في الجلسة النيابية التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري، غداً، حيث سيتحدث عدد من النواب الذين سيتطرقون إلى تداعيات النزوح على اللبنانيين، وما يخلفه من أثار بالغة السلبية على الأوضاع الداخلية، بعدما بات يشكّل عبئاً أكبر بكثير من قدرة الشعب اللبناني على تحمّله. وهو ما حذّر منه البطريرك بشارة الراعي في عظته الأخيرة، منبّهاً من خطورة بقاء النازحين في لبنان، الأمر الذي يشتم منه، برأي مصادر قريبة من بكركي، وجود مخطط دولي يرمي إلى الدفع باتجاه إبقاء النازحين في لبنان، تمهيداً لإرغام الدول المستضيفة على توطينهم حيث هم. وهذا المخطط يجري العمل عليه منذ مدة، عن طريق المساعدات المالية التي يقدمها للدول المستضيفة، على غرار رشوة المليار دولار التي قدمها الاتحاد الأوروبي للبنان، والتي تشكّل جزءاً يسيراً من تكلفة النزوح الباهظة على الاقتصاد اللبناني.
وشدّدت أوساط نيابية معارضة، عبر "اللواء"، على أن دور الثنائي يجب أن يكون أساسياً في تفهّم المعارضة اللبنانية الواسعة، لبقاء النازحين في لبنان، وما ترتب عن وجود هؤلاء بهذا الشكل، من نتائج على قدر كبير من الخطورة، على اقتصاد لبنان وأمنه. وهذا ما يفرض على نواب الثنائي أن يبادروا إلى دعم مواقف زملائهم في إعلاء الصوت، باتجاه إيجاد حل لهذا المأزق، وأن يقوم النظام السوري بما عليه في هذا الإطار، لتسهيل عودة النازحين. كذلك الأمر مطالبة المجتمع الدولي بأن يتحمّل مسؤولياته، باتجاه تفهّم مطالب لبنان من هذا الملف، وأن يعمل على دعم عودتهم إلى ديارهم، لا أن يجد المبررات، للحؤول دون عودتهم، بذريعة عدم استقرار الأوضاع في سورية، فيما بات واضحاً أنه لم يعد هناك من أحداث أمنية في سورية، بدليل عودة الآلاف من النازحين، سواء من تركيا أو الأردن إلى بلدهم. ما يدحض الادّعاءات الغربية، بعدم وجود استقرار أمني داخل سورية، في إطار سعي الغرب لإبقاء النازحين حيث هم.
وفي حين برز تحذير أميركي من مغبة خروج الأمور عن السيطرة في الجنوب، إذا استمرت المواجهات بين حزب الله وإسرائيل، رغم اهتمام واشنطن بإيجاد حل سياسي للتأزّم الحاصل، تستضيف السفيرة الأميركية ليزا جونسون في مبنى السفارة، في الساعات المقبلة، اجتماعاً لسفراء الخماسية، بعد انقطاع اجتماعاتهم، منذ ما قبل نهاية رمضان الماضي، في إطار محاولات المجموعة، توفير مناخات توافقية تسمح بتسريع انتخاب رئيس جديد للجمهورية، من بين عدد من الأسماء المطروحة، والتي يتصدرها، وفقاً لمصادر دبلوماسية عربية، اسم قائد الجيش العماد جوزف عون الذي يحظى بتقدير واحترام دول المجموعة الخماسية. وقد توقفت مصادر دبلوماسية، أمام زيارة العماد عون إلى الدوحة، في التوقيت والمضمون، بالنظر إلى أهمية الدور الذي لعبه العماد عون على رأس المؤسسة العسكرية في لبنان، ما يؤهله برأي المصادر، كما تقول لـ"اللواء"، للعب دور وطني أكبر، في حال تم التوافق عليه بين المكونات اللبنانية، ليكون رئيساً للجمهورية. وهو أمر يحظى باهتمام أوساط عربية ودولية، تسعى من أجل طي صفحة الشغور، بالنظر لمخاطره على دور المؤسسات الدستورية في حال استمراره.
وفيما تأتي زيارة قائد الجيش لقطر، تلبية لدعوة من نظيره القطري رئيس أركان القوات المسلّحة الفريق الركن طيار سالم بن حمد بن عقيل النابت، فإن البحث تركّز وفق المعلومات التي توافرت حول حاجات المؤسسة العسكرية وسبل دعمها لتُواصل مهماتها حفاظًا على أمن لبنان واستقراره. كذلك الأمر سيبحث العماد عون مع كبار المسؤولين القطريين الذين سيلتقيهم، في إمكانية معاودة الدوحة، تقديم المساعدة المالية للجيش، إلى جانب توفير المزيد من الدعم للمؤسسة العسكرية، في وقت لم تستبعد المصادر الدبلوماسية، أن تستجيب قطر لطلب قائد الجيش اللبناني، في استكمال تقديم المساعدة المالية لعناصر الجيش اللبناني، في ظل استمرار الأوضاع الصعبة في لبنان.
وإذ تكتسي زيارة قائد الجيش إلى الدوحة أهمية بارزة، إلى جانب سلسلة من الزيارات سيقوم بها مسؤولون لبنانيون إلى قطر في المرحلة المقبلة، فإن لا يخفى على أحد، وجود رهاني داخلي على دور يمكن أن تلعبه قطر، على غرار اتفاق الدوحة في الـ2008، في إطار المساعدة للوصول إلى تسوية سياسية، بعدما سبق وعقدت المجموعة الخماسية، اجتماعاً في الدوحة، صدر عنه بيان واضح حول ضرورة العمل بين المسؤولين اللبنانيين لإنجاز الاستحقاقات الدستورية، وانتخاب رئيس، وتشكيل حكومة، ووضع خطة إصلاحية للنهوض بالبلاد.