تحت عنوان "قيمتها تريليوني دولار.. معركة السيطرة على سوق العملات المشفرة تشتعل"، نشر موقع بلومبرغ الشرق خبرًا حول سوق العملات المشفرة في العالم، حيث قال الموقع "إن الأمر ليس أنَّ حكومات مثل الصين تحظر العملات المشفَّرة، لأنَّها تتوقَّع بالضرورة فشل التكنولوجيا. إنَّهم يريدون أن يكونوا مسؤولين عن تجربة يُحتمل أن تكون قيمتها بتريليونات الدولارات محل شكوك".
مع أحدث تحرُّك لها، تنضمُّ الصين إلى قائمة صغيرة من الدول التي تحظر العملات المشفَّرة، وهو تأرجح في الاتجاه المعاكس للسلفادور، التي اعتمدت عملة "بتكوين" كعملة قانونية هذا العام، وأشاد بها مؤيدو نظرية التحرر، بالإضافة إلى المؤمنين بعملة "بتكوين".
في الولايات المتحدة، حيث يُسمح بتداول العملات المشفَّرة، على أنَّ الجهات التنظيمية تلقي نظرة فاحصة، يرى بعضهم وجود فرصة في حملة إجراءات الصين الصارمة على المتصاعدة.
هوس العملات المشفرة
جاء في نص تغريدة للسيناتور بات تومي: "تعتبر حملة الصين السلطوية على العملات المشفَّرة، بما في ذلك عملة "بتكوين"، فرصة كبيرة للولايات المتحدة، كما أنَّها تذكِّر بميزتنا الهيكلية الضخمة على الصين".
سيكون فهم الأبعاد العديدة لهذه المعركة متعددة الجوانب للسيطرة على السوق أمراً أساسياً لملايين المستثمرين الذين يأملون في الاستفادة من هوس العملات المشفَّرة.
ومن المقرر أن يتردد صدى المعركة عبر النظام المالي العالمي، إذ تأتي كل يوم بأخبار منتجات مالية مثل الصناديق المتداولة في بورصة لعملة "بتكوين"، والرموز المشفَّرة ذات الأسماء الغريبة، وأصول عملات الرموز المشفَّرة غير القابلة للاستبدال (NFT). ويشارك أيضاً فاحشو الثراء، كما تتبنّى مؤسسات مالية رئيسية العملات المشفَّرة.
معدّنو "بتكوين" يجوبون العالم بحثاً عن "مأوى" ومصادر طاقة
على نطاق أوسع، ستؤثر المعركة أيضاً على المناقشات الاجتماعية والثقافية حول كل شيء بداية من تغيّر المناخ وصولاً إلى عدم المساواة، ومن التجارة وصولاً إلى العملات الورقية. من المحتمل أن يكون لأداء أكبر اقتصادين في العالم - الولايات المتحدة والصين - تأثير بعيد المدى في جهودهما لمراقبة السوق.
قال مات هوغان، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة "بيتوايز أسيت مانجمنت" (Bitwise Asset Management): "أصبحت العملات المشفَّرة أكبر من أن نتجاهلها".
وأضاف: "قبل خمس سنوات، على الأقل في أذهان الجهات التنظيمية، كان الأشخاص يرتدون ملابس ذات قلنسوة، و يلعبون لعبة "دانجنز أند دراغنز"، ويتداولون فيما بينهم. إنَّها صناعة اليوم تبلغ قيمتها تريليوني دولار، ويساعد كل بنك رئيسي في "وول ستريت" المستثمرين على اكتساب الانكشاف عليها، وعليهم الآن التعامل معها".
قوانين العملات المشفرة
أزعجت الصين الأسواق المالية هذا الأسبوع بإعلانها أنَّ جميع المعاملات المتعلِّقة بالعملات المشفَّرة ستُعتبر غير قانونية، مما يعكس الاستثناءات الأقل حسماً، التي يعود تاريخها إلى عام 2013، والتي اتخذت إجراءات صارمة ضد عروض العملات الأولية، وعمليات تبادل العملات المشفَّرة، وتعدين العملات المشفَّرة، التي أصبحت فيها الرائدة عالمياً.
بدلاً من ذلك، تهدف الحكومة الصينية إلى إطلاق العنان لعملتها الرقمية. إنَّها واحدة من 81 دولة تستكشف عملاتها الرقمية الخاصة، وهي قائمة بدأت مع أوائل المتبنين مثل فنزويلا وإستونيا، ولكنَّها تضمُّ الآن دولاً أكبر، بما في ذلك سكان الصين البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة، ومن المرجح أن تمنحها ميزة عندما تبدأ في طرح العملة الرقمية "اليوان" على نطاق عالمي في الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين في عام 2022، وهو احتمال جعل بعض السياسيين الأمريكيين يرغبون في حظر الرياضيين الأمريكيين من استخدام العملة الإلكترونية أثناء وجودهم هناك.
معركة "كوين بيس" مع "هيئة الأوراق المالية" ترفع تكلفة حرب التشفير في واشنطن
قال نيكولاس كريستين، الأستاذ المساعد في جامعة كارنيغي ميلون: "بالنسبة للصين، أعتقد أنَّه من الواضح تماماً أنَّهم يريدون الترويج لعملة اليوان الرقمي، وأنَّهم ببساطة يهتمون بالمنافسة".
قالت الصين، إنَّ 10 وكالات تنظيمية، بما في ذلك البنك المركزي، ستعمل معاً لتعقُّب النشاط المرتبط بالعملات المشفَّرة. حتى أنَّه بموجب الحظر يُمنع على البورصات الخارجية تقديم الخدمات لمستثمري البر الرئيسي الصيني.
قال راندال كروسزنر، نائب عميد كلية الأعمال بجامعة شيكاغو بوث، والرئيس السابق لمجلس نظام بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، إنَّ تحرُّكات البلاد على مدى السنوات القليلة الماضية كان لها بالفعل ذلك التأثير عبر تقليل أحجام التجارة المحلية، مضيفاً "حتى مع استخدام خدمة شبكة الإنترنت الخاصة الافتراضية (VPN)، قد يكون الاتصال بالإنترنت صعباً للغاية، ويمكن أن يتباطأ".
يقول هوغان من شركة "بيتوايز"، إنَّ الحكومات تتخذ إجراءات صارمة ضد العملات المشفَّرة لسببين؛ أولهما: إنَّهم يريدون كبح تعدين العملات المشفَّرة، وهي عملية الحوسبة كثيفة الاستهلاك للطاقة التي ينطوي عليها إنشاء العملة المشفَّرة، والتحقق من المعاملات. والسبب الآخر: وربما الأهم من ذلك، أنَّهم يريدون أن يكونوا قادرين على مراقبة معاملات العملات، وإلغاء أي تحدٍّ لعملاتهم الرقمية المحلية.
نهج غاري غينسلر
في الولايات المتحدة، كانت الاستراتيجية التنظيمية للحكومة مختلفة. يهدف هذا النهج إلى محاولة تجنُّب المشكلات، وفقاً لكريستين من جامعة "كارنيغي ميلون". على سبيل المثال، عرقلت الأسواق المالية تاريخياً حواجز عالية للدخول لأنواع معينة من المعاملات، ولكن لا توجد مثل هذه الضوابط الصارمة لتداول العملات المشفَّرة. وهذا يترك الباب مفتوحاً للمستثمرين عديمي الخبرة لاتخاذ صفقات عالية الاستدانة يمكن أن تؤدي إلى خسائر مالية كارثية محتملة.
قال كريستين: "الآن بالطبع هناك منهجية فكرية، مفادها أنَّ الناس يجب أن يكونوا قادرين على فعل ما يريدون، لأنَّه بعد كل شيء؛ فهي أموالهم الخاصة". "لكن السؤال هو ما إذا كان الكثير من الأشخاص على مستوى المستثمرين الأفراد المنخرطين في هذه الأسواق مؤهلين بالفعل للحكم على المخاطر بشكل عقلاني، بدلاً من الانخراط في سلوك شبيه بالمقامرة".
هل يقضي اعتماد السلفادور "بتكوين" على مستقبل العملات المشفرة؟
يشير رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية ، غاري غينسلر، الذي أطلق على العملة المشفَّرة اسم "غرب متوحش"، إلى وجود نظام رقابي قوي على القطاع. كان برنامج الإقراض المخطط لشركة "كوين بيز غلوبال إنك" (Coinbase Global Inc.)، الذي كان من شأنه أن يتيح للمستخدمين كسب 4 5 من خلال إقراض الرموز المشفَّرة الخاصة بهم، نقطة مضيئة في التوترات المتزايدة بين الجهة المنظِّمة والقطاع.
قال الرئيس التنفيذي لشركة "بلوك في" (BlockFi Zac) زاك برينس مؤخَّراً: "إنَّ لجنة الأوراق المالية، والبورصات الأمريكية، والجهات التنظيمية الأخرى بحاجة إلى التوضيح لقطاعه ما هو مسموح به.
في الواقع، كان غينسلر مهتماً بعالم العملات المشفَّرة على مدى سنوات، ودرس في فصل متصل بها بكلية سلون للإدارة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، و يسمى "سلسلة التوريد والأموال". حتى أنَّه أشار إلى مسار للجنة الأوراق المالية والبورصات للموافقة على صندوق متداول في البورصة لتتبُّع عقود عملة "بتكوين" الآجلة.
يعدُّ الحذر من قبل الجهات التنظيمية أمراً مفهوماً، خاصة بعد أن نهب المحتالون مليارات الدولارات في مخططات ضخِّ وإغراق العملات المشفَّرة، باستخدام تكتيكات لا تعدُّ، ولا تحصى لجذب المستثمرين الجاهلين.
قال جيمس سيفارت، المحلل في شركة "بلومبرغ إنتليجنس": "إنَّ الحكومة قلقة بشأن حماية المستهلك"، مضيفاً أنَّ حكومة الولايات المتحدة لا تحظر في العموم التكنولوجيا الجديدة، فهي عادة ما تتبنّى الابتكار، وستكون هناك لائحة تنظيمية جديدة، لكنَّهم يحتاجون فقط إلى إعطاء التوجيه للناس.
يقول وزير الخزانة الأمريكي السابق، لورانس سمرز، إنَّه بدلاً من مقاومة عمليات التنظيم، يجب على قطاع العملات المشفَّرة أن يتبنّاها للمصلحة الخاصة.
قال سامرز في مقابلة على تلفزيون بلومبرغ، إنَّه نظراً للمبالغ المالية الكبيرة التي تنطوي عليها سوق العملات المشفَّرة؛ فمن غير الواقعي أن يتوقَّع القطاع العمل في سرية دون إشراف حكومي، موضِّحاً أنَّ قطاع العملات المشفَّرة يجب أن يتخلى عن فكرة أنَّها ستعمل كـ "جنة للتحرر"، إذ لا يمكن فرض القواعد الحكومية.
بلومبرغ الشرق