البحرين

هل تُستأنف العلاقات الدبلوماسية سريعاً بين البحرين وإيران؟

هل تُستأنف العلاقات الدبلوماسية سريعاً بين البحرين وإيران؟

المتابع لمسار العلاقات بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية ودول الخليج العربي، يلحظ أن هنالك خطوات يجري العمل عليها بغية حل الملفات العالقة، وإعادة العلاقات الدبلوماسية بين كافة دول مجلس التعاون الخليجي والجارة الشرقية، خصوصاً أن منطقة الشرق الأوسط تشهد أوضاعاً أمنية استثنائية، تجعل من مصلحة مختلف الدول تخفيف التوترات البينية، والعمل على جعل الحوار المباشر الجاد، طريقاً أساسياً لحل الخلافات التي باتت تشكل عبئاً ثقيلاً وعائقاً أمام خطط التنمية والاستقرار.

ضمن هذا السياق جاء اللقاء الذي جمع في العاصمة الإيرانية طهران، 23 حزيران/ يونيو الجاري، وزير الخارجية البحريني عبد اللطيف الزياني ونظيره الإيراني علي باقري كني، وهو اللقاء الثاني بين الوزيرين، بعد لقاء سابق في مايو المنصرم، أثناء حضور الزياني مراسم العزاء التي أقيمت إثر مصرع الرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته أمير حسين عبد اللهيان والوفد المرافق لهما.

وكالة الأنباء البحرينية، اعتبرت أن اللقاء الأخير جاء في "إطار العلاقات الأخوية التاريخية التي تجمع بين مملكة البحرين والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وما يربط بينهما من روابط الدين والجوار والتاريخ المشترك والمصالح المتبادلة"، ما يعني أن البلدين يسعيان إلى تغليب عناصر الالتقاء التي تم ذكرها في "البيان"، وهو رغم اقتضابه إلا أنه أشار إلى نقطة مهمة، وهي أن المنامة وطهران اتفقتا على "إنشاء الآليات اللازمة من أجل بدء المحادثات بين البلدين لدراسة كيفية استئناف العلاقات السياسية بينهما".

إن وضع آليات عمل تمهد لبدء المحادثات المباشرة، هو إجراء مهم، كونه يمثل "خارطة طريق" لمسار المحادثات، كي لا يكون الحوار مجرد لقاءات شكلية لا تقود إلى بناء قاعدة صلبة تشيد عليها العلاقات، خصوصاً أن هنالك العديد من الملفات، وتحديداً الأمنية التي يتوجب العمل على حلها.

طالما شكت مملكة البحرين، وتحديداً بعد العام 2011 من وجود سياسات إيرانية "مناوئة" لها، وأن هنالك تدخلاً مستمراً في الشأن الداخلي، وزاد الأمر تعقيداً بروز جماعات مسلحة بحرينية معارضة، تم تصنيفها كمجموعات "إرهابية"، مثل: سرايا الأشتر، وهي التي تقول المنامة إن "الحرس الثوري" الإيراني يوفر لها دعماً مالياً ولوجستياً.

"سرايا الأشتر" دأبت خلال سنوات خلت على انتهاج خطاب يروج لـ"إسقاط النظام" عبر العنف واستخدام السلاح. كما أن عناصر بحرينية منتمية لـ"السرايا" تم إلقاء القبض عليها كانت على صلة بعمليات تهريب للسلاح والمواد المتفجرة.

هذه "السرايا" أفرادٌ منها يقضون محكوميات بالسجن في البحرين، فيما آخرون فروا لخارج المملكة، وبعضهم يتنقل بين العراق وإيران، وهذا الملف المتعلق بـ"المطلوبين أمنياً" هو واحد من الملفات المهمة التي ستحتاج إلى معالجة عملية إذا أريد للعلاقات البحرينية – الإيرانية أن تبنى بشكل سليم.

هذه "الخلايا المسلحة" المرتبطة بـ"الحرس الثوري" والتي باتت تقدم ذاتها كجزء من "محور المقاومة" لن تكون داعمة لأي تقارب بين المنامة وطهران، لأنها ستفقد جزءاً من الحماية التي توفر لها، ولن يكون هنالك دعم مالي وإعلامي وأمني كما في السابق، كون استمرار تبني هذه "المجاميع المسلحة" من قبل الجمهورية الإسلامية الإيرانية سيكون رسالة سلبية تجاه مملكة البحرين، وسيعطل أي تقدم إيجابي في العلاقات الثنائية، والتي يبدو أن البلدين اتخذا قراراً بتحسينها.

فضلاً عن ذلك، لا تحظى هذه "الخلايا المسلحة" بشعبية في الشارع البحريني، حتى بين تلك التيارات الدينية المحافظة، كون "سرايا الأشتر" وأخواتها يعتبرها غالبية البحرينيين "أضرت بالأمن والاستقرار في البحرين"، كما يقول مصدر تحدث لـ"العربية.نت"، مضيفاً: "هذه المجموعات المسلحة لا تمتلك وعياً سياسياً، ومارست التخريب وجرت الساحة البحرينية نحو التأزيم، كما أنها بمزايداتها على الشخصيات والقيادات الوطنية أصبحت هي صاحبة الصوت العالي والمرتفع، وبات الكثيرون يخشونها، رغم أنهم غير راضين عنها، إلا أنها بقوة السلاح اختطفت الساحة لفترة من الزمن"، مضيفاً "يجب تجاوز هذه المجموعات وإدانة خطابها، وترسيخ خطاب وطني قائم على الحوار والتفاهم بين مختلف المكونات يحمي النسيج الاجتماعي".

إذن، إذا تم الاتفاق على حل لملف "المطلوبين أمنياً" المختبئين في إيران، ستتبقى بعض الملفات المهمة هي الأخرى، إلا أنها ستكون أقل تعقيداً، ومنها ملف"جمعية الوفاق الوطني الإسلامية" التي تم حلها في البحرين العام 2016، إثر حكم قضائي، ومنذ ذلك الحين تتواجد بعض قياداتها في إيران، إضافة لدول أخرى.

البحرين تعتبر أن موضوع "الوفاق" والجمعيات السياسية التي تم حلها، هو "شأن داخلي، وليس ورقة نقاش إقليمي بين المنامة وطهران، وأن أي قضايا داخلية بين الحكومة والمواطنين، هي شأن بحريني صرف، يتم النقاش حولها بين البحرينيين أنفسهم دون أي تدخل خارجي"، وفق ما تحدث مصدر لـ"العربية.نت".

الناطق باسم الحكومة الإيرانية ناصر كنعاني، أشار في تصريحات سابقة إلى أن "إيران تولي أهمية لعلاقاتها مع البحرين في إطارها الخاص"، كاشفاً عن أنه "يتم تبادل الرسائل، كما أن المحادثات غير المباشرة مستمرة".

إن "استمرار المحادثات" كما أشار كنعاني، هو ما أفضى إلى اللقاء الأخير بين وزيري خارجية البحرين وإيران، حيث من المرجح أن تعقد عدة لقاءات مستقبلية بين مسؤولين من البلدين، قد لا تكون بالضرورة معلنة جميعها، لأن الملفات التي ستناقش "حساسة أمنياً"، وتحتاج إلى توافقات قابلة للتنفيذ وفق جدول زمني محدد يحقق مصالح البلدين ويحفظ الأمن والاستقرار في المنطقة.

يقرأون الآن