كشف مسؤول كبير لـ "الجريدة" الكويتية أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو طلب من زعيم المعارضة يائير لابيد والسياسي الوسطي بيني غانتس الدعم لإبرام صفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس والتي تشمل وقفاً لإطلاق النار في القطاع.
وأشار المسؤول إلى أنه في ظل تهديد الوزيرين المتشددين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش بالانسحاب من الائتلاف الحكومي في حال إبرام اتفاق دون القضاء على حماس، فإن لجوء نتنياهو إلى المعارضة يعني أن الصفقة باتت في مرحلة اللمسات الأخيرة.
وبحسب المعلومات المتوافرة في القدس، فإن المرحلة الأولى للاتفاق ستستمر نحو 16 يوماً يطلق خلالها الفلسطينيون سراح 32 محتجزاً حياً من الأطفال والنساء والرجال والمرضى مقابل إطلاق إسرائيل سراح 350 أسيراً من سجونها بين أطفال ونساء وكبار، تحدد هي هوياتهم، بالإضافة للسماح بإدخال مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة.
وفي المرحلة الثانية، سيطلق الفلسطينيون الجنود الإسرائيليين من ذكور وإناث، إلى جانب جثث جنود قُتِلوا في هجوم 7 تشرين الاول 2023 وما قبله، ومع المحتجزين إبرهام منغستو وهشام السيد، مقابل ألفي أسير فلسطيني تختارهم تل أبيب، ويتم كل ذلك وسط إعادة تموضع للجيش الإسرائيلي في شمال القطاع.
أما في الثالثة فيقوم الفلسطينيون بإرجاع كل الجثث مقابل أسرى فلسطينيين يكون بينهم عشرة من القادة الكبار لم تحدد أسماؤهم حتى الآن، على أن تبدأ إسرائيل انسحاباً من محور فيلادلفيا – صلاح الدين ومعبر رفح، مع إعادة انتشار في غزة، تمهيداً لعودة قوات فلسطينية تحت رعاية أممية وعربية والبدء بإعادة بناء القطاع المدمر.
ويقول المصدر إنه بالنسبة لمصير حماس فجرى الاتفاق بين الحركة وقطر ومصر على إرجاء بحث موضوع مستقبل حكم غزة وسط قناعة بأنه لا يمكن لحماس أن تعود للحكم كما قبل 7 تشرين الاول، وأن أحد الاحتمالات المطروحة هو انخراطها في منظمة التحرير الفلسطينية ما يمهد لمشاركتها مستقبلاً في حكم الأراضي الفلسطينية في القطاع والضفة.
وعلمت "الجريدة" أن نتنياهو وجه رسالة شكر خاصة مع رئيس الموساد ديفيد برنيع إلى أمير قطر الشيخ تميم آل ثاني ورئيس وزرائه وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبدالرحمن وثمن دورهما في التوصل إلى صيغة مقبولة من الجميع. وكان برنيع زار قطر الأسبوع الماضي وهو بصدد إجراء زيارة مماثلة للقاهرة، قبل تجدُّد المباحثات رسمياً في الدوحة لإبرام الصفقة المرتقبة.
وفي بيروت، تشير معلومات إلى أن واشنطن تواصلت مع طهران بشأن الضغط على حماس وتحديداً على قائدها في غزة يحيى السنوار للوصول إلى هدنة. وتكشف المصادر المتابعة أنه نتيجةً الاتصالات الإيرانية ـ الأميركية، والأميركية ـ القطرية، أقدمت حماس على قبول الخطة المعدلة للرئيس الأميركي جو بايدن حول المراحل الثلاث، وسط معلومات تفيد بأن نقاشات عديدة حصلت بين الحركة وحلفائها في محور المقاومة الذي تقوده إيران ليس فقط لبحث هذه الصفقة بل أيضاً لتحضير حماس ورقة سياسية شاملة حول اليوم التالي ومستقبل غزة.
وحضرت كل هذه الملفات في الاجتماع الذي عُقِد بين وفد من الحركة برئاسة القيادي خليل الحية وأمين عام حزب الله حسن نصرالله. وتؤكد المصادر القريبة من الطرفين أن ما يجري هو نوع من التنسيق والتشاور ولا أحد يملي على الحركة ما تقرره، لكن هناك استفادة من تجارب القوى الأخرى خصوصاً حزب الله الذي مرّ في مثل هذه الحالات لا سيما على الصعيد العسكري إثر حرب تموز في 2006، وكيفية تعامل الحزب مع المجتمع الدولي والقرار 1701.
وتشير المعلومات إلى أن الورقة التي تعمل عليها حماس ستكون شاملة، وتتضمن رؤية الحركة لإعادة الإعمار وكيفية إنجازه والدول التي ستكون منخرطة فيه، بالإضافة إلى واقع الجسم العسكري للحركة، والذي بحسب هذه المعلومات، ستحتفظ به من دون أن يكون مستفزاً للآخرين، على غرار النموذج الذي اعتمده حزب الله بعد حرب 2006 من خلال إخفاء المظاهر المسلحة في جنوب نهر الليطاني، والاحتفاظ بتعزيزاته وجاهزيته.
كما أن بحث الورقة يتناول مستقبل قطاع غزة بالمعنى السياسي، وهنا سيتم التركيز على العمل السياسي وعبر الجمعيات المعنية بالخدمات والمساعدات. أما النقاش الأهم فهو حول كيفية التنسيق مع القوى الدولية والدول العربية وآلية ضبط الوضع في غزة، وما القوى التي توافق عليها الحركة لمراقبة تطبيق الاتفاق وتثبيته لأنه لا يمكن لأي طرف تعتبره الحركة مستفزاً لها أن ينجز هذه المهمة.