محمد الضيف هو شاعر وكاتب فلسطيني بارز، وُلد في قرية الشجاعية بغزة في عام 1936 وتوفي في عام 2016. كان من أبرز الشعراء الفلسطينيين الذين أسهموا بشكل كبير في الأدب العربي المعاصر.
تميزت أعمال محمد الضيف بالوجدانية والعمق، وكانت تتناول قضايا فلسطين والوطن والهوية بشكل عام. كان له تأثير كبير في الأدب الفلسطيني والعربي، وقد نال عدة جوائز أدبية وتقديرات عالمية لإسهاماته الأدبية.
أعماله الشعرية تتضمن مجموعات مثل "الشعر المختار" و "قصائد الغربة والعودة" و "غزة... روح الأرض" وغيرها، حيث تعبر عن تجربة الشعب الفلسطيني وصراعه وتضحياته، قبل أن يصبح أحد أهم المطلوبين للتصفية من قبل الجيش الإسرائيلي، ثم عين قائدا عاما للجناح العسكري في كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
المولد والنشأة
ولد محمد دياب إبراهيم المصري -وشهرته محمد الضيف- عام 1965 في أسرة فلسطينية لاجئة أجبرت على مغادرة بلدتها "القبيبة" داخل فلسطين المحتلة عام 1948.
واستقرت هذه الأسرة الفقيرة بداية الأمر في أحد مخيمات اللاجئين، قبل أن تقيم في مخيم خان يونس جنوب قطاع غزة.
فقر أسرته المدقع أجبره مبكرا على العمل في مهن عدة، ليساعد والده الذي كان يعمل في محل للغزل، وبعد أن كبر أنشأ مزرعة صغيرة لتربية الدجاج، ثم حصل على رخصة القيادة لتحسين دخله.
تشبع الضيف خلال فترة دراسته الجامعية بالفكر الإسلامي، فانضم إلى جماعة الإخوان المسلمين، وكان من أبرز ناشطي الكتلة الإسلامية، ثم التحق بحركة حماس وعُدّ من أبرز رجالها الميدانيين.
التجربة السياسية
اعتقلت القوات الإسرائيلية محمد الضيف عام 1989، وقضى 16 شهرا في سجونها، وبقي موقوفا دون محاكمة بتهمة العمل في الجهاز العسكري لحماس.
وتزامن خروجه من السجن مع بداية ظهور كتائب الشهيد عز الدين القسام بشكل بارز على ساحة المقاومة الفلسطينية، وذلك بعد تنفيذها عمليات عدة ضد أهداف إسرائيلية.
انتقل الضيف إلى الضفة الغربية مع عدد من قادة القسام في قطاع غزة، ومكث فيها فترة من الزمن، حيث أشرف على تأسيس فرع لكتائب القسام هناك، وبرز بصفته قائدا للكتائب القسامية بعد اغتيال عماد عقل عام 1993.
العمليات التي نفذها الضيف
أشرف محمد الضيف على عمليات عدة، من بينها أسر الجندي الإسرائيلي نخشون فاكسمان، وبعد اغتيال يحيى عياش (أحد أهم رموز المقاومة) يوم 5 كانون الثاني/يناير 1996 خطط لسلسلة عمليات فدائية انتقاما له نتج عنها وقوع أكثر من خمسين قتيلا إسرائيليا.
وأثناء سجنه كان الضيف قد اتفق مع زكريا الشوربجي وصلاح شحادة على تأسيس حركة منفصلة عن حماس بهدف أسر جنود الاحتلال، فكانت كتائب القسام.
وكان للضيف دور بارز في تطوير أسلحة حماس وتطويرها، مما جعله من الشخصيات الرئيسية في قوائم المطلوبين لاسرائيل.
وبعد اغتيال صلاح شحادة وخلافة الضيف له أعد خطة تضمنت تدريب مقاتلين غير استشهاديين، وخطط لنقل المعركة لتكون داخل إسرائيل، ووضعته واشنطن عام 2015 على لوائح الإرهاب.
الإعلان عن "طوفان الأقصى"
صباح السبت 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 أعلن القائد العام لكتائب عز الدين القسام بدء عملية عسكرية ضد إسرائيل باسم "طوفان الأقصى" وإطلاق آلاف الصواريخ باتجاهها.
وقال محمد الضيف في رسالة صوتية إن الضربة الأولى لـ"طوفان الأقصى" استهدفت مواقع ومطارات وتحصينات عسكرية إسرائيلية، وإنه تم إطلاق 5 آلاف صاروخ وقذيفة خلال الدقائق العشرين الأولى من العملية.
وأشار إلى أن عملية "طوفان الأقصى" تأتي في ظل الجرائم الإسرائيلية المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني وتنكّر الاحتلال للقوانين الدولية وفي ظل الدعم الأميركي والغربي والصمت الدولي.
التهم الموجهة اليه
وتتهمه إسرائيل -التي سمته "رأس الأفعى" و"ابن الموت"- بالوقوف وراء عدد من العمليات العسكرية الكبرى ضد أهداف إسرائيلية، وحاولت اغتياله في مناسبات عدة، آخرها كان في صيف عام 2014 أثناء العدوان على غزة.
ونفذت إسرائيل حينها ضربات صاروخية متتالية على منزل في حي الشيخ رضوان بغزة فقد محمد الضيف على إثرها زوجته وابنه الرضيع.
وأمام التعقب الإسرائيلي أصبح الضيف يتعامل بحيطة ويقظة، فلا يستعمل أجهزة الهاتف المحمول ولا الأجهزة التكنولوجية الحديثة، ويحذر في كل تحركاته تماما كحذره في اختيار دائرته القريبة منه القليلة العديد.
ورغم نجاحه في البقاء حيا خلال السنوات الماضية فإن الضيف -المكنى بأبي خالد- كان قريبا من الموت في خمس محاولات اغتيال تعرض لها في الأعوام 2001 و2002 و2003 و2006، وآخرها محاولة في 2014.
وأشهر تلك المحاولات كانت أواخر أيلول/ سبتمبر 2002، إذ اعترفت إسرائيل بأنه نجا بأعجوبة عندما قصفت مروحياتها سيارات في حي الشيخ رضوان بغزة، لتتراجع عن تأكيدات سابقة بأن الضيف قتل في الهجوم المذكور.
ورغم أنه أصيب إصابة مباشرة جعلته مشلولا يجلس على كرسي متحرك وفق تقارير إعلامية فإن إسرائيل لم يهدأ لها بال، وما زالت حتى الآن تعتبره أحد أهم المطلوبين لديها.
حاولت المخابرات الإسرائيلية تصفية الضيف مجددا، وبررت فشلها بأنه "هدف يتمتع بقدرة بقاء غير عادية" ويحيط به الغموض، ولديه حرص شديد على الابتعاد عن الأنظار.
ولا يظهر الضيف أبدا على شاشات الإعلام، وكل ما يعرف عنه هو تصريحاته المكتوبة أو المسجلة، مما يجعل نجاح المخابرات الإسرائيلية في تصفيته أمرا صعبا.