كانت أميركا تسمى "بلاد الفرص". مهاجرون فقراء من أنحاء العالم يجمعون خلال سنوات ثروة كبرى. أو يحقق أحدهم اختراعاً يغني عائلته مدى العمر. وكان الأميركي يفاخر بالأصل المتواضع، لأنه ليس قادماً من جذور ميسورة. جميع العائلات الأميركية المشهورة عرفت كيف تقتنص الفرص. من فورد، إلى كينيدي، إلى روكفلر. بلد هائل الحجم تفجرت فيه ثروات هائلة: الذهب المذهب، والذهب الأسود، والمناجم والعلوم، وكل الثورات الصناعية.
هذه الأميركا كانت إلى أيام خلت في مأزق تاريخي، قابعة على حافة الأخطار والمجهول، فمن ينقذها فجأة من سوء المصير؟ أولاً امرأة، ثانياً بلا ماضٍ سياسي يذكر. فجأة تحوّلت كامالا هاريس إلى "صورة أميركا"، ابتسامتها تغطي الصحف والأعمدة، كلماتها تهدد مسيرة ترمب، وأميركا تغني لها وتنتقم للرئيس بايدن مما لحق به من إهانات. من جو قاتم، ويأس قتوم إلى سيدة تفرش ابتسامتها على مدى البلاد، وتؤنب وتوبخ الرجل الذي أهان رئيسها. وتصفق لها الجماهير. إذن، البلد الذي بدا أمس مثل عربة معطلة في منتصف الطريق، جاءته منقذة من جزر الكاريبي، ضاحكة لفرصة لم تعطَ لامرأة سواها في التاريخ. كاريبية تعطى في بلاد الفرص، الفرصة الأهم في التاريخ، سواء أوصلت إلى الجناح الرئاسي في البيت الأبيض، أم ظلت عند اللقب. ذات مرة اغتيل أبراهام لنكولن لأنه أيّد حق "الرقيق" في الحرية، الآن قد يرشح الحزب الديمقراطي امرأة سمراء باسم الحريات في العالم أجمع.
هذا حدث قد يتخطى تاريخية باراك أوباما، لأنه أفشل معاني فوزه، وحوّل كل شيء إلى مكاسب فردية لا إنسانية. أمس كان العالم يقول من هي كامالا هاريس أمام سيد الحظوظ دونالد ترمب؟ فإذا من خلف جميع الحظوظ تتقدم هذه الفرس المجهولة نحو الكرسي الأول. لقد زادت المعركة ألواناً وألحاناً. وزادت ترمب حنقاً وغضباً. من لم يكونوا مهتمين قبل الآن، سارعوا إلى حجز التذاكر.