أدى الصراع الذي اندلع في السودان يوم 15 نيسان/أبريل إلى موجات من العنف على أساس عرقي وتسبب في أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم ودفع الآن منطقة واحدة على الأقل في إقليم دارفور إلى المجاعة، بحسب تقرير للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي الذي تدعمه الأمم المتحدة.
ما الذي أدى إلى العنف؟
تصاعدت التوترات على مدى أشهر قبل اندلاع القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية في العاصمة الخرطوم يوم 15 نيسان 2023.
كانت الشراكة بين الجيش وقوات الدعم السريع هشة بعد الإطاحة بحكومة مدنية في انقلاب تشرين الأول 2021، وهي الخطوة التي عرقلت انتقال السلطة من الحكم الاستبدادي لعمر البشير الذي أطيح به في عام 2019.
بلغ الخلاف ذروته بسبب خطة مدعومة دوليا لإطلاق فترة انتقالية جديدة مع القوى المدنية.
كان الأمر يتطلب من كل من الجيش وقوات الدعم السريع التنازل عن السلطة بموجب الخطة، وظهر الخلاف بشأن مسألتين على وجه الخصوص، الأولي هي الجدول الزمني لدمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة النظامية. والثانية هي التسلسل القيادي بين الجيش وقادة قوات الدعم السريع ومسألة الإشراف المدني.
من هم اللاعبون الرئيسيون على الأرض؟
الطرفان الرئيسيان في الصراع على السلطة هما الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة الحاكم منذ عام 2019، ونائبه في المجلس قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي.
اكتسب حميدتي ثروة من مناجم الذهب ومشاريع أخرى. ويتولى أفراد عائلته وعشيرته أدوارا بارزة، وتشكل منطقة دارفور الغربية مركز قوة إذ تأسست فيها قوات الدعم السريع من ميليشيات قاتلت إلى جانب القوات الحكومية لسحق متمردين في حرب وحشية تصاعدت بعد عام 2003.
يقول محللون إن وضع البرهان على قيادة الجيش لم يعد قويا بما يكفي مع اكتساب الموالين للبشير من ذوي الميول الإسلامية والمخضرمين نفوذا منذ انقلاب 2021.
وتقول قوات الدعم السريع إنها تقاتل لتطهير السودان من بقايا نظام البشير، بينما يقول الجيش إنه يحاول حماية الدولة من المتمردين "المجرمين".
من الفائز؟
رغم أن الجيش السوداني بدأ الحرب بقدرات متفوقة، مثل القوات الجوية، نمت قوات الدعم السريع في السنوات القليلة الماضية لتصبح قوة مجهزة تجهيزا جيدا منتشرة في أرجاء السودان.
وتمركزت وحدات قوات الدعم السريع خلال الأيام الأولى من الحرب في أحياء بأنحاء العاصمة. وأحرزت تقدما سريعا بحلول نهاية عام 2023 لتحكم قبضتها على دارفور وتسيطر على ولاية الجزيرة جنوبي الخرطوم، وهي منطقة زراعية رئيسية.
واستعاد الجيش بعض السيطرة في آذار/مارس بتقدمه في أم درمان، إحدى المدن الثلاث التي تشكل العاصمة الكبرى، لكن قوات الدعم السريع تقدمت من جديد في الفترة الأخيرة في ولايات سنار والنيل الأبيض والقضارف.
ما هي المخاطر؟
أحيت الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالبشير الآمال في أن يتمكن السودان وسكانه البالغ عددهم نحو 50 مليون نسمة من التخلص من الاستبداد والصراع الداخلي والعزلة الاقتصادية على مدى عقود.
لكن استمرار الحرب لأكثر من 15 شهرا ألحق أضرارا جسيمة بالبنية التحتية وأجبر أكثر من 10 ملايين على النزوح وعرض نصف السكان لمستويات كارثية من الجوع مع خطر تفشي المجاعة في 14 منطقة.
وتعرضت منازل ومكاتب ومستودعات وبنوك للنهب، وتوقفت مستشفيات عن العمل، وتعطلت حركة التجارة والزراعة. وقُتل عشرات الآلاف، وفقا لتقديرات غير مؤكدة. واتُهم الجانبان بارتكاب جرائم حرب.
ما هو دور القوى الدولية؟
تحول الصراع إلى فرصة للتنافس على النفوذ في السودان والمنطقة المحيطة به بين قوى إقليمية ودولية.
وفي السابق، سعت دول خليجية إلى ضخ استثمارات في قطاعات منها الزراعة، التي يتمتع السودان فيها بإمكانيات هائلة، والموانئ على ساحل البحر الأحمر.
وتسعى روسيا لبناء قاعدة بحرية على البحر الأحمر.
ودعمت القوى الغربية، ومنها الولايات المتحدة، الانتقال صوب انتخابات ديمقراطية بعد الإطاحة بالبشير. وخفت الاهتمام الدبلوماسي بالسودان بسبب الحربين في أوكرانيا وغزة.
ما هي الجهود التي بُذلت لإنهاء الحرب؟
أحضرت السعودية والولايات المتحدة وفدين من كلا الفصيلين إلى جدة العام الماضي لإجراء محادثات، لكن وقف إطلاق النار المتفق عليه لم يصمد أبدا وتعثرت العملية.
كما أطلقت مصر والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيجاد) مبادرات أخرى مما أثار مخاوف من تداخل الجهود الدبلوماسية والتنافس.
ويدفع المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان باتجاه استئناف المحادثات هذا الشهر في جنيف لكن ضربة بطائرة مسيرة على عرض عسكري كان يحضره البرهان ألقت بظلال من الشك على مدى نجاح هذه الجهود.