دعاية إيرانية في العراق تبتلع رواتب ملايين العمال

أظهرت أبحاث أجرتها قاعدة البيانات المفتوحة في طهران أن الحكومة الإيرانية خصصت ما لا يقل عن مليار و400 مليون تومان (23.4 مليون دولار) من الموازنة العامة للدعاية في المدن الدينية العراقية. ويعادل هذا المبلغ الأجر اليومي لنحو ستة ملايين عامل إيراني بناءً على قرار مجلس العمل الأعلى لعام 2024، والذي حدد الأجر اليومي للعامل بـ238 ألفاً و873 توماناً (3.9 دولار).

وبناءً على هذا التقرير جرى تخصيص أكثر من مليار تومان (1.6 مليون دولار) من موازنة الدعاية الحكومية في المدن الدينية العراقية لمنظمة إعادة إعمار المقامات المقدسة، والتي أنشئت قبل نحو عقدين وبأمر المرشد علي خامنئي وهي هيئة فرعية تابعة لـ"فيلق القدس" التابع للحرس الثوري. وتعمل هذه المنظمة في مدينة النجف وكربلاء والكاظمين والكوفة وسامراء، كما أنه وبحجة إعادة إعمار المراكز الدينية الشيعية، تتولى هذه المنظمة الدعاية السياسية لمصلحة نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

وفي الموازنة المخصصة لهذه الهيئة في قانون الموازنة الإيرانية لعام 2024 هناك بند يتحدث عن 200 مليار تومان (33.2 مليون دولار) خصص "لمساعدة لجنة التنسيق وتطوير المرافق والخدمات الأربعينية في العراق ومؤسسة بحر في مدينة النجف الأشرف".

ويخطط مسؤولو منظمة إعادة إعمار العتبات المقدسة إعادة إعمار أكثر من 150 مكاناً دينياً شيعياً في العراق وبلدان أخرى خلال الـ20 عاماً المقبلة. وهذه المبالغ منفصلة عن المبلغ الضخم الذي ينفقه النظام لإقامة مراسم الـ40 الدعاية.

وخصصت الحكومة الإيرانية 200 مليار تومان (33.2 مليون دولار) من الموازنة العامة لعام 2024 لإعادة إعمار منزل روح الله الخميني السابق في النجف.

ولا يقتصر عدد المنظمات والنفقات الدينية والدعاية للنظام الإيراني في العراق والبلدان الإسلامية الأخرى على هذه الحالات، لكن وبسبب عدم الشفافية المالية للمؤسسات الدينية والدعاية، من الصعب معرفة الرقم المالي الدقيق للأنشطة الخارجية. وفي الموازنة العامة للنظام الإيراني هناك مبالغ مالية تخصص لدعم الأنشطة الثقافية والدينية في الخارج مثل دعم الأنشطة الثقافية في الخارج، ودعم البرامج الثقافية لمجمع الفقه الإسلامي الدولي، ومقره السعودية، وشبكة الثقلين الثقافية. وإضافة إلى ما سبق، يجري تمويل مؤسسات مثل منظمة الثقافة والعلاقات الإسلامية ومجمع تقريب الأديان الإسلامية وجامعة المصطفى من الموارد العامة في إيران. وتتمثل الوظيفة الرئيسة لهذه المؤسسات بالدعاية لنظام الجمهورية الإسلامية في الخارج.

في تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، وبعدما اخترقت مجموعة القراصنة المعروفة بـ"بلاك ريوارد" رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بمنظمة الثقافة والعلاقات الإسلامية أظهرت الوثائق أن النظام الإيراني أنفق مبالغ مالية ضخمة لتوسيع نفوذه في البلدان الإسلامية. ويجري إنفاق هذه المبالغ بطرق عديدة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، بناء مسجد في إحدى الدول الأفريقية وإنتاج محتوى إعلامي عن حياة قاسم سليماني في دول أخرى.

وأظهر فحص الوثائق نفسها أنه خلال الفترة من كانون الأول/ ديسمبر 2021 إلى آذار/ مارس 2022، أي خلال ثلاثة أشهر، أنفق النظام من جيوب الإيرانيين ما لا يقل عن 3 ملايين يورو (3.28 مليون دولار) على تشغيل مجلس لجنة الإغاثة في العراق وبناء مسجد في غينيا وإنتاج محتوى إعلامي ودعائي عن حياة قاسم سليماني في كينيا ودعم مالي لجمعية خيرية في تنزانيا وتقديم منح دراسية للطلاب الأجانب.

ومنظمة الثقافة والعلاقات الإسلامية مؤسسة حكومية ذات غرض محدد، تتولى سلسلة من الأعمال والنشاطات بهدف تعزيز نفوذ إيران ممثل في المرشد علي خامنئي في الدول الأجنبية، بخاصة في الدول الفقيرة. وهذه المنظمة الحكومية تابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي، لكن عام 1995 وتحت إشراف المرشد علي خامنئي كتب نظامها الأساس ووافق عليه. ويعد مركز هامبورغ الإسلامي المحظور أخيراً في ألمانيا من المؤسسات الأخرى التابعة للنظام الإيراني، إذ أكد جهاز الأمن الفيدرالي الألماني أن هذا المركز تابع للنظام في طهران، مشيراً إلى أن هذا المركز يقع بجوار السفارة الإيرانية.

وكما هو معلوم، فإن النظام الإيراني وفي كل عام ينفق مبالغ ضخمة من الموازنة العامة على إقامة مراسم الـ40 الحسينية. وعدا عن تخصيص 100 مليار تومان (16.6 مليون دولار) من الموازنة العامة للعام الحالي، فإن جميع الوزارات والبلديات والمحافظات والمنظمات الحكومية مطالبة أيضاً بأن تخصص جزءاً من موازناتها لإقامة مراسم الـ40 الحسينية.

وفي السياق نفسه أعلن محمد رضا عارف النائب الأول للرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، في أول إجراء حكومي عن تخصيص 400 مليار تومان (66.4 مليون دولار) لمراسم الـ40 الحسينية بدعوى "منع وقوع حوادث غير متوقعة".

وبعد أيام قليلة، وبموجب قرار مجلس شورى بلدية طهران، ألزمت بلدية العاصمة بتخصيص 107 مليارات تومان (17.8 مليون دولار) لإقامة مراسم الـ40 الحسينية. وفي الوقت نفسه قال المتحدث باسم مجلس شورى مدينة كرج إن بلدية هذه المدينة أقرت موازنة قدرها 98 مليار ريال (163 ألف دولار) لإقامة مراسم الـ40 الحسينية. وعليه، تنفق المؤسسات والمنظمات الأخرى التابعة للحكومة الإيرانية أيضاً مبالغ ضخمة سنوياً لمراسم الـ40 الحسينية، لكن بما أنه لا توجد تقارير شفافة وواضحة عن حجم ومصدر هذه الموارد المالية، فمن غير الممكن تقديرها بدقة.

يقرأون الآن