الثعابين، تلك الكائنات الغامضة التي تجسّد الرشاقة والقوة، تحمل في طيات سلوكياتها العديد من الأسرار المثيرة. أحد هذه السلوكيات المميزة هو عملية التخلص من الجلد أو "الانسلاخ"، والتي تمثل جانباً أساسياً من حياة الثعابين. لكن ما السبب وراء هذه العملية التي تبدو للبعض غير عادية؟
تخلّص الثعابين من جلدها ليس مجرد عملية تجميلية أو تحول بسيط في المظهر، بل هو جزء حيوي من دورة حياتها. تنمو الثعابين باستمرار، ومع مرور الوقت يصبح الجلد القديم غير مناسب لحجمها المتزايد. وعلى عكس الثدييات التي ينمو لها جلدٌ جديدٌ مع تمدّد أجسامها، يتعين على الثعابين التخلص من الجلد القديم لإفساح المجال للجلد الجديد.
تتم عملية الانسلاخ دورياً، وغالباً ما تحدث بضع مرات في السنة، اعتماداً على نوع الثعبان وعمره وظروف البيئة المحيطة. وخلال هذه الفترة، يبدأ الجلد القديم في الانفصال عن الطبقة الجديدة المتكونة تحت السطح. عادةً ما تجد الثعابين مكاناً مناسباً لتبدأ عملية الفرك على الأسطح الخشنة، لتتمكن من التخلص من الجلد القديم بالكامل في عملية قد تستغرق ساعات عدة.
وعندما تكون الثعابين جاهزة لبدء الانسلاخ، تبحث عادة عن سطح خشن مثل الصخور أو أغصان الأشجار أو التربة. تفرك رأسها أولاً على هذه الأسطح لبدء انفصال الجلد القديم، وبعد أن ينجح الثعبان في تمزيق الجلد عند الرأس، يبدأ بفرك جسمه بالكامل على السطح الخشن.
بعد أن تبدأ العملية من الرأس، ينزلق الثعبان خارج الجلد القديم كما لو كان يخلع جوارب ضيقة، ويتم التخلص من الجلد القديم من الأمام إلى الخلف في قطعة واحدة متصلة، وعادة ما يترك الثعبان خلفه طبقة شفافة وملساء من الجلد المتجعد. وبعد انتهاء العملية، يكون جلد الثعبان الجديد لامعاً ومرناً، ما يمكنه من التحرك بحرية أكبر.
تحدث عملية الانسلاخ عادة مرات عدة في السنة، ويعتمد تكرارها على عمر الثعبان ونوعه وظروفه البيئية، ولا يقتصر السبب وراء هذه العملية على النمو فقط؛ فالانسلاخ يلعب دوراً رئيسياً في التخلص من الطفيليات والجلد التالف، ما يحافظ على صحة الثعبان ويوفر حماية جديدة وأفضل ضد الظروف البيئية والتغيرات المناخية.
الجدير بالذكر أن هذه العملية، رغم ضرورتها، تجعل الثعبان أكثر ضعفاً خلال فترة الانسلاخ، حيث يكون جلده الجديد أكثر حساسية. لذلك، تظل الثعابين في مأوى آمن حتى انتهاء العملية بالكامل، لتعود بعدها إلى حياتها الطبيعية وهي مزودة بجلد جديد لامع وأكثر قوة.