وسط ترقب عالمي، يثير القرار المرتقب للبنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس خلال اجتماع يومي 17 و18 سبتمبر المقبل، وقبل سبع أسابيع فقط من انتخابات الرئاسة الأميركية، غضب دونالد ترامب المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية.
وفي الوقت الذي ربما تأمل فيه إدارة الرئيس الحالي جو بايدن ونائبته كامالا هاريس، في خفض أسعار الفائدة، وجه ترامب تحذيراً لرئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول من خفض أسعار الفائدة قبل الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر المقبل، معتبراً ذلك جهداً لتحفيز الاقتصاد قبل الانتخابات وهو ما يصب في مصلحة الديمقراطيين ومرشحتهم هاريس.
وقال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جيروم باول في مؤتمر جاكسون هول إنه حان الوقت لخفض معدلات الفائدة، وهو ما يمثل اتجاها صريحا نحو تيسير وشيك في السياسة النقدية، مضيفاً أن البنك سيبذل كل ما بوسعه لدعم قوة سوق العمل مع إحراز المزيد من التقدم نحو استقرار الأسعار.
وأضاف باول: «الاتجاه واضح وتوقيت ووتيرة خفض أسعار الفائدة سيعتمدان على البيانات الواردة، والتوقعات المتطورة وتوازن المخاطر، ولدينا ثقة باقتراب التضخم من الوصول إلى هدف البنك المركزي البالغ 2 في المئة».
وجاء حديث باول غداة إعلان قبول هاريس ترشيح الحزب الديمقراطي للمنافسة في الانتخابات الرئاسية الأميركية.
وتعتقد إرينا تسوكرمان الخبيرة السياسية الأميركية أن قرار خفض الفائدة رغم إيجابيته بشكل عام إلا أن تأثيره سيكون محدوداً نظرًا لأن الوقت المتبقي قبل الانتخابات قليلاً، مضيفة أن الاحتياطي الفيدرالي كيان شبه مستقل؛ وسواء كان عاجلًا أم آجلًا إذا قرر أنه من المفيد للاقتصاد خفض سعر الفائدة فسيفعل ذلك، خاصة إذا استقرت معدلات التضخم بغض النظر عن موعد الانتخابات.
وقالت تسوكرمان لـ«الاتحاد» إنه كما هو الحال في أي سيناريو اقتصادي، هناك مصالح تستفيد من ارتفاع أسعار الفائدة بينما يجد آخرون ذلك تحديًا، حيث تستفيد البنوك وتحقق أرباحاً من القروض وديون بطاقات الائتمان، بينما يتأثر سلبا أصحاب المنازل والطلاب الذين يحصلون على تلك القروض.
وأوضحت أن ترامب بشكل عام لا يمتلك سجلًا جيدًا في خفض الدين الفيدرالي، بل في الواقع تسبب في ارتفاع الدين بشكل كبير مقارنة بما فعله باراك أوباما، مشيرة إلى أن أسعار الفائدة قد لا تكون كافية وحدها لتعويض العوامل الأخرى التي تسهم في الدين.
وأضافت: «هناك عوامل أخرى مثل الموقف الرسمي للحزب الجمهوري بعدم خفض أي من برامج الاستحقاقات وموقف ترامب الداعي لفرض تعريفة بنسبة 100% على جميع السلع المستوردة، والتي ستساهم أيضًا في التضخم».
وترى المحللة السياسية أنه قد يبدو أن موقف ترامب مفيدًا لبعض الفئات لكن بالنظر إلى مجمل سياساته المتناقضة سيظهر أن التأثير الاقتصادي المرغوب لن يتحقق، وأي شخص ينظر جيداً لترامب سيدرك التناقضات في مواقفه.
في نفس السياق قال عاهد الهندي المحلل السياسي أن ترامب دائما ما يشير لما يسميه الدولة العميقة والحكومة التي يسيطر عليها البيروقراطيون الذين يعادونه والمنتمين إلى الحزب الديمقراطي، مضيفاً أن ترامب يتهمهم دائما بأنهم يستغلون أدوات الدولة من أجل تحقيق مصلحة مرشح ما دون غيره.
وأضاف الهندي لـ«الاتحاد» أن ترامب لديه اعتقاد بعدم وجود استنادات اقتصادية حقيقية لقرار الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة مما يؤدي إلى زيادة الثقة في الديمقراطيون قبيل انطلاق الانتخابات وتأثير في قرار الناخبين.
وتابع: «ترامب يستشهد بمواقف عديدة مشابهة مثل تأجيل إطلاق لقاح فيروس كورونا من قبل منظمة الدواء الأميركية حتى وصول بايدن إلى البيت الأبيض، وحينها وصف ترامب الواقعة بأنها هدية موجهة إلى بايدن».
وعن خفض أسعار الفائدة أوضح إيثان إي دينسر خبير الاقتصاد السياسي الدولي أن القرار يأتي نتيجة لبيانات تراجع التضخم نتيجة الارتفاعات السابقة في الأسعار مما قلص الطلب وسيطر على الأسعار تزامناً مع تعافي سلاسل التوريد عالمياً.
وأضاف إي دينسر لـ«الاتحاد» أن خفض الفائدة تحول جذري في السياسة النقدية المتبعة منذ عامان، مع تعافي سوق العمل الأميركية وانخفاض معدل البطالة وارتفاع الأجور. ويتوقع الخبير الاقتصادي تأثيرات إيجابية للقرار على الأسواق المالية الأميركية ورفع معنويات المستثمرين في قطاعات رئيسية تشمل التقنية والعقار، كما يرفع تراجع سعر الفائدة من تنافسية الصادرات الأميركية في الأسواق العالمية وهو ما يأتي في مصلحة الإدارة الحالية للديمقراطيين وفي مقدمتهم هاريس.