العراق

مخاوف وانتقادات لـ"مهزلة" ترميم "زمرد خاتون" في بغداد

مخاوف وانتقادات لـ

حذرت صحيفة "الفن" الدولية من سوء عمليات الترميم التي خضع لها مسجد وضريح زمرد خاتون في بغداد، والتي وصفها البعض بأنها بمثابة تدمير للموقع الاثري الذي شيد قبل مئات السنين، مضيفة أن هناك مخاوف من حدوث المزيد من الأضرار بالموقع مستقبلا.

واوضحت الصحيفة التي تتخذ من لندن ونيويورك كمقرين لها، أن المدافعين عن التراث يشعرون بالغضب من عمليات الترميم في جامع زمرد خاتون في منطقة الكرخ، والتي ترقى الى تدميره، بعدما جرت تغطية وقد المئذنة المصنوعة من الطوب، بالجبس الابيض.

وذكّر التقرير بأن الضريح جرى تشييده بأمر من زمرد خاتون، التي يعتقد أنها كانت زوجة الخليفة العباسي هارون الرشيد والشخصية المعروفة برعايتها المعمارية، مع ابنها، وذلك في بداية القرن الـ13، وهو مبنى متميز ويعتبر بمثابة جوهرة معمارية نادرة للعصر السلجوقي.

ووصف التقرير المبنى بأن له سقف مخروطي الشكل ومؤلف من تسع طبقات وبشكل خلية نحل، وتعلوه قبة، ومئذنة انيقة، مشيرا الى ان المبنى يعتبر بمثابة موقع الحج المفضل بالنسبة للصوفيين من كافة أنحاء العالم.

وقال التقرير؛ ان المبنى التاريخي عاني طوال العقود الاخيرة، كغيره من العديد من مواقع التراث العراقي الاخرى، بسبب آثار العقوبات الدولية وأعمال العنف والفساد في مرحلة ما بعد الغزو، بينما دمر الجنود الأمريكيون الأبواب الخشبية المنحوتة في العام 2003، وبعد سنوات من الإهمال فإن قاعدة البرج تدهورت حالتها.

ولفت التقرير إلى أن الموقع كان في العام 2010 يعاني من شح الأموال من المقدمة من مجلس الدولة للآثار والتراث، ولم تكن تكفي لصيانته.

واعتبر التقرير أن اضفاء الصبغة الطائفية على التراث زادت الأمور تعقيدا، حيث ان الحكومة العراقية بينما كانت حريصة على الاستثمار في حماية المزارات الشيعية، التي تجتذب ملايين الحجاج الايرانيين سنويا وتدر ارباحا كبيرة، فان المواقع السنية لم تلق الرعاية اللازمة، على غرار مثل مئذنة سراجي التاريخية في البصرة التي دمرتها السلطات المحلية المشاركة في توسيع الطرقات في العام الماضي.

والآن، يقول التقرير إن المخاوف حول مسجد زمرد خاتون وصلت خلال شهر حزيران/ يونيو الماضي الى مستوى جديد بعدما بدأت أعمال الحفر الاولية لاقامة طريق سريع مجاور للموقع، وتسبب بالحاق اضرار به، بينما تدخل مسؤولو مجلس الآثار متعهدين باصلاح الاضرار.

وتابع التقرير؛ أنه كشف النقاب مؤخرا بانه وفي اطار هذا العمل، فقد جرى تغليف المئذنة المبنية من الطوب، بالجص الأبيض.

وأشار التقرير الى أن عمليات إعادة الإعمار السيئة للمواقع القديمة كانت تلحق الضرر بالتراث العراقي منذ فترة طويلة، منذ "ترميم" صدام حسين المدمر لمدينة بابل القديمة خلال السبعينيات، وصولا الى تحويل شارع المتنبي في بغداد القديمة الى ما يشبه "ديزني"، مضيفا ان حادثة الترميم الاخيرة اثارت صدمة بين العراقيين الذين يعملون في ميدان التراث وحمايته.

"هذه مهزلة!"

ونقل التقرير عن الناشط التراثي البغدادي ياسر مطلق الجبوري قوله "هذه مهزلة"، مشيرا الى الموقع كمثال على "الفن المعماري العباسي النادر".

كما نقل التقرير عن الناشطة التراثية ذكرى سرسم، وهي مؤسسة "مبادرة برج بابل" التي تعمل على حماية التراث العراقي، قولها "لقد قاموا بترميمه، لكنهم خربوه".

وأضافت سرسام انه "لم يعد يبدو كموقع تراثي الان، ويبدو جديدا بالكامل"، محذرة من ان ازالة الطبقة الخارجية للجزء السفلي من القبة لأسباب تجميلية، سيتسبب في الواقع باضعاف هيكل المبنى.

وذكر التقرير؛ أن اقامة الطريق السريع الجديد الذي يجري تشييده في المنطقة، لا تزال تشكل تهديدا للموقع التاريخي.

ولفتت سرسام إلى أنه في ديسمبر/كانون الأول 2023، بعدما تم الاعلان عن خطط اقامة الطريق الجديد، فان وزارة الاشغال أصدرت اشعارا للسكان لنبش قبور أقاربهم في مقبرة الشيخ معروف، والتي تعتبر الأقدم في بغداد، هي تضم رفات شخصيات مهمة مثل الصوفي معروف الكرخي، وكذلك الشاعر أبو نواس والمغني الشهير في منتصف القرن ال 20، نديم الغزالي. وأشارت الى صدور فتوى من رجال الدين المحليين تحرم استخراج الجثث، ولهذا اعلنت الوزارة لاحقا انها ستبني جسرا فوق الموقع بدلا من تدمير المقبرة.

وبحسب سرسام فإن أساسات جسر الطريق السريع الجديد والذي يعتبر جزءا من خطة كبرى لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني لتطوير البنية التحتية لوسائل النقل، تقع مباشرة أمام ضريح زمرد خاتون، وعلى بعد 10 أمتار فقط من المدخل.

وتابعت قائلة؛ إن الطريق السريع، الذي تقيمه شركة صينية، سوف يشطر مدينة بغداد القديمة، وهو ما يمثل "مخالفة لكل بروتوكولات التراث"، حيث أن الحكومة كانت تبحث عن الطريقة الاسهل والارخص ولم ترغب بشراء الاراضي المجاورة لانشاء منطقة عازلة، مضيفة أنه "كان من الممكن ان يقوموا بذلك بشكل مختلف". 

يقرأون الآن