أن يُسأل أبناء طرابلس عن الآمال المعقودة على وصول الغواصة الهندية إلى مرفأ طرابلس للبدء بعملية انتشال رفات ضحايا زورق الموت فالأمر سيان بالنسبة إليهم لأنهم كما يقولون" موتى -أحياء" والدليل أن على رغم حجم هذه المأساة التي لا يزال أهالي عاصمة الشمال يدفعون ثمنها حسرة وألما على مفقوديهم في قعر البحر، إلا أن محاولات الهرب غير الشرعية مستمرة يوميا.
حتى تجار الموت لم تثنهم الفاجعة عنتكرار محاولات "تهريب" أشخاص من بينهم أطفال ونساء ومسنين بطريقة غير شرعية على رغم التدابير التي اتخذتها قوات البحرية في الجيش اللبناني للحد من هذه الظاهرة التي لزمت مختلف الشواطئ اللبنانية هرباً من نار "جهنم" وبئس المصير المحلّي سياسياً، اقتصادياً، اجتماعياً وأمنياً.
قبل شهر واحد كان الكلام عن انطلاقالغواصة spices 6الهندية من مرفأ جزيرة تينريفي الإسباني مقررا في 13 حزيران على أن تصل إلى مرفأ طرابلس في 6 أو 7 تموز. فجأة انطفأت محركات الغواصة ومعها هدير الكلام عن موعد وصولها لإنجاز مهمتها المتمثلة بانتشال حوالى 33 ضحية ترقد على عمق 470 مترا في قعر المياه غالبيتهم من الأطفال والنساء إضافة إلى الزورق.
يومها حدد المعنيون الذين قاموا بمبادرة خاصة لاحضار الغواصة الهندية لانتشال الضحايا الأسباب بالإدارية وتحديدا بمسألة التأمين عليها .ومع إنجاز كل الترتيبات بالتنسيق مع قيادة الجيش عاد الكلام عن موعد جديد لوصول الغواصة لكن ثمة من يفضل عدم تحديد التاريخ حفاظا على مشاعر اهالي الضحايا الذين بدأوا يفقدون الأمل باحتضان رفات ضحاياهم بعدما فقدوا الأمل بالمسؤولين الذين اكتفوا بإصدار بيانات استنكار بدلا من القيام بتحرّك فاعل ميدانياً ولوجيستياً، وبعرقلة أيّ خطوة مساعدة لأسباب وحجج لا تمتّ الى منطق الدولة بصلة.
مصادر مواكبة لملف ضحايا زورق الموت كشفت لـ"المركزية" أن الموعد المبدأي المقرر لوصول الغواصة إلى مرفأ طرابلس حدد بتاريخ 13 تموز. ولفتت إلى أن الآمال معلقة على ما ستكشفه من حقائق لضمها إلى ملف التحقيقات لا سيما بعدما تقدم 11 محامياً بشكوى قضائية ضد 13 عنصرًا تابعبن لقوات البحرية في الجيش اللبناني، وهم يطالبون بإسم الأهالي بتحويل الملف الى المجلس العدلي، "لتأمين التوازن في المحاكمات بين الإدعاء والدفاع، إنصافاً للضحايا وذويهم".
لكن هذه الحقائق والأدلة ترتبط حكما بحجم الأضرار الذي أصاب الزورق الذي كان على متنه حوالى 85 مهاجرًا، نجا منهم 48 شخصاً، وجرى انتشال 7 جثث. وفي حين تتضارب المعلومات حول مدى إمكانية عدم تحلل الجثث تلفت المصادر إلى أن الكاميرات التي تم إنزالها إلى قعر البحر في مكان غرق الزورق انفجرت على عمق 300 متر مما يرسم أكثر من علامة استفهام حول مدى بقاء هيكل الزورق على حاله لا سيما وأن الأهالي يصرون على أن يتم تصويره من جوانبه الأربعة قبل انتشاله للتأكد من الإفادات التي أدلى بها الناجون وتتضمن شهادات حول تعمد إصابته وإغراقه.
عامل الزمن أساسي في ضمان ما تبقى من هيكل الزورق وكذلك جثث الضحايا الراقدة على عمق 450 مترا. اما على اليابسة، فالتحقيقات مستمرة مع الناجين بناء على الشكوى التي تقدم بها 11 محاميا . ويشير مدير مركز حقوق السجين في نقابة المحامين في طرابلس المحامي محمد صبلوح عبر "المركزية" الى أنه تم الإستماع اليوم إلى إفادات 8 أشخاص من الناجين في النيابة العامة العسكرية في وزارة الدفاع بعدما كان استمع المحقق العسكري أمس إلى إفادات 6 أشخاص. وأكد أن مطلب إحالة الملف على المجلس العدلي لا يزال قائما على رغم الوعد الذي قطعه قائد الجيش العماد جوزف عون بإجراء تحقيقات شفافة إلا أن الأهالي يصرون على إخراج الملف من المحكمة العسكرية حيث الحكم والخصم على خط متوازٍ.
في انتظار وصول الغواصة التي يعول عليها أهالي الضحايا لانتشال ضحاياهم ودفنهم، وكذلك المحامون والمحققون لمقاربة ما ستكشف عنه من أدلة مع إفادات الناجين، تبقى حركة زوارق التهريب غير الشرعية ناشطة على مرفأ طرابلس ولا أحد يسأل عن مصيره الأسود. المهم أن يخرجوا من معاناتهم سواء كان مصيرهم القبر أو قعر البحر. ويختم صبلوح" نحن على أبواب إنفجار إجتماعي في حين يغامر الناس بحياتهم وحياة أولادهم هربا من جهنم الذي يحترقون في لهيبه بينما المسؤولون يصرون على المكابرة!".
المركزية