مع استمرار التصعيد العسكري في لبنان وتوسّع الجانب الإسرائيلي لنطاق ضرباته الجوية، يواصل الرئيس السوري بشار الأسد ما يطلق عليه محللون سياسة النأي بالنفس، إذ لم يصدر عنه أي تعليق يذكر بشأن التطورات في لبنان عقب رسالة التعزية التي أرسلها لحزب الله اللبناني بعد مقتل أمينه العام حسن نصرالله نهاية شهر أيلول الماضي.
كما أن التحركات الإسرائيلية التي شهدتها هضبة الجولان، خلال الأيام الماضية، لم تدفعه أيضا إلى الخروج عن صمته.
لاسيما أن مصادر أمنية ومحللون كشفوا أمس أن قوات إسرائيلية أزالت ألغاما أرضية وأقامت حواجز جديدة على الحدود بين هضبة الجولان وشريط منزوع السلاح على الحدود مع سوريا، في إشارة إلى أن إسرائيل ربما توسع عملياتها البرية ضد حزب الله اللبناني مع تعزيز دفاعاتها.
فهل بالفعل يحاول الرئيس السوري أن ينأى بنفسه خاصة مع إصدار شقيقه ماهر الأسد الذي يقود الفرقة الرابعة إجراءات تهدف لتجنب الضربات الإسرائيلية؟
إذ بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد اتخذت الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد، سلسلة من الإجراءات تجنباً للضربات الإسرائيلية المتكررة التي تستهدف عادة مقرّات وتجمعات لمقاتلين مدعومين من إيران.
كما أمرت قيادة الفرقة بعدم نقل السلاح أو استضافة عناصر من حزب الله اللبناني والميليشيات الإيرانية داخل مقرات وقواعد الفرقة الرابعة خوفا من تعرضها لهجمات إسرائيلية.
"صمت بشار"
وتعليقاً على ذلك، قالت كبيرة المحللين في معهد "نيولاينز" الأميركي كارولين روز لـ "العربية.نت" إن "صمت بشار الأسد ونظامه يشير إلى رغبته في البقاء بعيداً عن المواجهة المباشرة مع إسرائيل"، مشددة على أن "قوات الأسد هي بالفعل هدف للقوات الإسرائيلية نظراً لاصطفافها مع حزب الله والحرس الثوري الإيراني والميليشيات الأخرى المتحالفة مع إيران".
كما أضافت أن "قوات الأمن أو الجيش السوري لا يستطيعان تنفيذ حملة دفاعية أو هجومية طويلة الأمد ضد الجيش الإسرائيلي"، في حال صعّدت إسرائيل أكثر من هجماتها داخل الأراضي السورية بالتزامن مع التصعيد في لبنان.
بدوره، شدد المحلل السياسي الروسي اندريه اونتيكوف على أن "سوريا تحاول أن تتجنب هذه الأحداث ولا تدخل في الصراع لسبب منطقي، وهو أن الأزمة السورية لا تزال مستمرة، كما أن تحدي الإرهاب لا يزال قائما في البلاد، بالإضافة إلى تحديات داخلية وأمنية واقتصادية."
وأردف قائلا: "أنا أعتقد أن سوريا تحاول أن تركز حالياً على تجاوز هذه التحديات بدلاً من التدخل في الصراعات الإضافية في المنطقة".
كما أضاف اونتيكوف لـ "العربية.نت" أن "لدى دمشق أسباباً أخرى لعدم الخوض في النزاع وهو أنها تترقب نتائج الانتخابات الرئاسية المقبلة في الولايات المتحدة، لأن هذه الانتخابات ستشكل واقعاً جديداً في المنطقة بغض النظر عمن سينتصر فيها، ما يعني أن كل الأطراف في المنطقة وخارجها ستبني استراتيجية جديدة حول الحرب في لبنان وغزة وحتى في إسرائيل".
إلى ذلك، رأى أن "كل الأطراف تدرك أن إسرائيل تتسابق مع الوقت مثلما يفعل رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، فهو يدرك أن هناك أقل من شهر لإجراء الانتخابات الأمريكية وبعد ذلك الوقت سيتغير الواقع وستكون هناك سياسات واستراتيجيات جديدة بالنسبة للجميع بما في ذلك سوريا، وأعتقد أننا سنرى ربما بعض التغييرات في السياسة السورية والتصريحات السورية الرسمية لكن بعد معرفة نتائج الانتخابات".