أي رئيس يريد الشارع المسيحي؟

تواصل القيادات الروحية المسيحية ضغطها لاجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها ولعدم انتخاب اي كان لهذا المنصب. امس، أسهب البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في الحديث عن المواصفات المطلوب توافرها في الرئيس العتيد، فاعتبر أن "الانحياز لم يجلب إلينا جميعا، بخاصة في تاريخ لبنان الحديث، سوى الأزمات التي تكاد تطيح الدولة اللبنانية وصيغة العيش معا. لقد اعتادت البطريركية المارونية أن تكون الصوت الذي يعبر عن مكنونات اللبنانيين، وعلى الجهر بالمواقف الوطنية المصيرية التي يتردد بعضهم في الجهر بها ولو كانوا مؤمنين بها. دور هذا الصرح عبر التاريخ أن يدافع عن جميع اللبنانيين وعن الكيان اللبناني، وأن يواجه التحديات ويصبر على الضيم من دون الخضوع للضغوط أو أي اهتمام للمزايدات. إذا إلتزم المرشحون الجديون لرئاسة الجمهورية بالسعي لإعلان حياد لبنان، لكسبوا ثقة غالبية الرأي العام اللبناني والعربي والدولي. الشعب يحتاج رئيسا يسحب لبنان من الصراعات لا أن يجدد إقامته فيها". وقال "في هذا السياق، طبيعي أن يطلع الشعب اللبناني على رؤية كل مرشح جدي لرئاسة الجمهورية. صحيح أن الرئيس في لبنان ليس حاكما منفردا، إذ يترأس الجمهورية بترفع وحيادية مع مجلسي النواب والوزراء وسائر المؤسسات الدستورية والإدارية. لكن هذا لا يعفي المرشح لهذا المنصب من إبداء تصوره للمشاكل والأزمات والحلول، وإعلان مواقفه الواضحة من القضايا المصيرية، من مثل:

السبيل الذي يسلكه لإجراء مصالحة وطنية على أسس وطنية؟ أولوياته الوطنية والإصلاحية للنهوض الإقتصادي والمالي؟ المسار الذي يتبعه لضمان الكيان اللبناني ومنع بعثرته؟ كيفية العمل لتطبيق اللامركزية الموسعة؟ موقفه من عقد مؤتمر دولي خاص بلبنان وتحديد نقاطه، ومن بينها القرارات الدولية ذات الصلة بلبنان؟ كيفية إعادة دور لبنان في محيطه العربي والإقليمي والعالم؟ الخطة لديه لحل قضية اللاجئين الفلسطينيين، وإعادة النازحين السوريين إلى بلادهم؟ اقتراحه لتنظيم عودة اللبنانيين الذين اضطروا إلى اللجوء إلى إسرائيل سنة 2000؟ في ضوء كل ذلك نقول: لا يجوز في هذه المرحلة المصيرية، أن نسمع بأسماء مرشحين من هنا وهناك ولا نرى أي تصور لأي مرشح. كفانا مفاجآت".

من جانبه، قال متروبوليت بيروت للروم الارثوذكس المطران الياس عودة "الرئيس الذي نريده هو رئيس قريب من شعبه، يعي هموم الشعب، ويتبنى أحلامه، ويعمل على تحقيقها. عاشق لوطنه، ناذر النفس لخدمته، متخليا عن ذاته وأنانيته ومصلحته. صاحب هيبة يعيد للدولة هيبتها وسيادتها واستقرارها، ويحسن قيادتها بحكمته وعلمه وخبرته لا بأتباعه. رئيس يعيد للبنان مركزه في قلوب أبنائه أولا، ثم في محيطه والعالم، يبني مستقبله على ركائز متينة لا تزعزعها أدنى العواصف، صاحب رؤية واضحة وشخصية قوية بتواضع، محاور ذكي يحسن الإصغاء إلى محاوريه، ويحسن اختيار وقيادة فريق عمله، يستبق الأحداث ويستشرف المستقبل. شجاع حيث تدعو الحاجة ووديع حيث يجب، لا تحيز عنده ولا انتماء إلا للبنان، يحترم الدستور والقوانين ولا يتساهل مع من يخالفها، يطبق المبادئ الديمقراطية، يحترم القيم ولا يساوم أو يتنازل عن حق. باختصار، نحن بحاجة إلى رئيس متحرر من أثقال المصالح والإرتباطات، يضع مصلحة لبنان نصب عينيه، ولا يعمل إلا من أجل تحقيقها، فيلتف الشعب حوله ويقتدي به".

تكتسب هذه المواقف اهميتها من كونها تصدر عن هذه المرجعيات الكنسية الرفيعة فيما بدأ البحث جديا على الساحة السياسية عن رئيس الجمهورية العتيد، وفق ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ"المركزية". البارز، ان رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل رأى السبت من الديمان ان الرئيس يجب ان يكون ابن بيئته وان يمثل وجدانها. هذا كلام صحيح وصائب، تضيف المصادر، والراعي وعوده، خير مَن نطق بوجدان المسيحيين. فهل سيزيح مَن لا يؤمنون بالحياد وبضرورة تطبيق القرارات الدولية وبأفضل العلاقات بين لبنان ومحيطه العربي، ومن لا يؤمنون بسيادة الدولة وحدها على اراضيها من دون اي شريك "مضارب"، ومَن أثبتوا انهم أعجز من الاصلاح ومحاربة الفساد، هل سينسحب هؤلاء من السباق الرئاسي ويتركون المجال لسواهم ، بما انهم لا يمثلون الوجدان المسيحي؟! 

المركزية

يقرأون الآن