حملات تمشيط مكثفة، وعمليات أمنية وعسكرية في عدة مناطق سورية، وعشرات مراكز التسوية وآلاف قطع السلاح المنفلت، هكذا يبدو المشهد في بعض المدن والبلدات السورية منذ سقوط نظام الأسد في 8 كانون الأول/ ديسمبر الماضي.
وبدأت إدارة العمليات العسكرية حملات أمنية في عدد من المناطق تهدف إلى مصادرة مستودعات ذخيرة مخبأة، واعتقال "فلول نظام الأسد"، الذين رفضوا التسوية وتسليم أسلحتهم.
الساحل.. برميل البارود
أول العمليات الأمنية التي بدأتها إدارة العمليات العسكرية كانت في غرب سوريا، حيث منطقة الساحل ومحافظتا طرطوس واللاذقية، تحت عنوان "ملاحقة فلول النظام السابق"، وتشرف وزارتا الداخلية والدفاع في حكومة تصريف الأعمال على هذه الحملات الأمنية.
ووفق مصادر إعلامية في الوزارتين، فإن "جزءاً لا بأس به من ضباط وعناصر نظام الأسد فروا إلى هاتين المحافظتين من بقية المحافظات السورية، لأن اللاذقية وطرطوس خزان بشري للقوات الحكومية السابقة".
وتضيف المصادر أن "عدداً من الذين فروا لتلك المناطق هربوا بأسلحتهم الفردية، وبعضهم رفض تسليم سلاحه وتسوية وضعه، ووصل الأمر ببعضهم لنصب كمائن لقوات الأمن العام، قتلوا فيها عدداً من تلك القوات، كما حدث في بلدة خربة المعزة في طرطوس والمزيرعة والعوينة في اللاذقية".
وقالت مصادر في وزارة الداخلية السورية إنها "تدفع بمزيد من الأرتال والقوات إلى اللاذقية وطرطوس لضبط الأمن وملاحقة الفلول"، ووفق المصادر ذاتها فإن "الحملة مستمرة حتى القضاء على المظاهر المسلحة"، أما عن مراكز التسوية، فإن المصادر كشفت أن "اللاذقية وحدها شهدت تسوية أوضاع أكثر من 40 ألف ضابط وعنصر مع استمرار عمليات التسوية".
جبهة حمص.. خاصرة رخوة
محافظة حمص هي أكبر المحافظات السورية مساحةً، حيث تشكل 22% من مساحة سوريا البالغة 185 ألف كلم مربع، وفيها تنوع طائفي كبير، فضلاً عن موقعها الحيوي والاستراتيجي، الذي يربط دمشق بالساحل، والساحل بالشمال والوسط، مع وقوعها على طريق M5.
وكشفت مصادر في إدارة العمليات العسكرية أن "بداية التوتر في حمص كانت في الريف الغربي المتصل مع سهل الغاب، وأرياف حماة، بعدما وردت معلومات لوزارة الداخلية عن وجود فلول للنظام في تلك المناطق، لتقوم إدارة العمليات بحملة تمشيط واسعة، انتهت باعتقال عشرات المطلوبين والقضاء على متورطين بجرائم حرب من المنتسبين لما يعرف باللجان الشعبية والدفاع الوطني وهي قوات رديفة كانت تقاتل مع الجيش السوري".
ووفق مصادر خاصة، فإنه و"عقب الفراغ من الريف الغربي، اتجهت الأنظار إلى مدينة حمص، حيث مشطت القوات شارع الحضارة، ثم بدأت حملة واسعة استهدفت عدة أحياء من بينها "وادي الذهب والزهراء والنزهة وعكرمة والعباسية والسبيل والمهاجرين. وانتهت العمليات بالقبض على أكثر من 200 مطلوب، فضلاً عن مصادرة مستودعات أسلحة وذخيرة، وعقب استكمال المهمة أبقت وزارة الداخلية بعض الحواجز في تلك الأحياء".
ولحمص خصوصية أمنية، كونها كانت واحدة من معاقل الوجود الإيراني في سوريا، إذ بلغ عدد نقاط الحرس الثوري وحزب الله أكثر من 67 نقطة، فضلاً عن أن حمص كانت مهد تشكيل اللجان الشعبية في سوريا، لا سيما بين عامي 2011 و2012.
دمشق.. حملات واتفاقيات
أسخن جبهات دمشق، كانت حي المزة 86، حيث تقول مصادر "الشرق" إن إدارة العمليات العسكرية حصلت على معلومات تفيد بـ"تمترس فلول النظام في هذا الحي الذي كان تجمعاً لضباط وعناصر الجيش السوري"، لكن المصادر أكدت أن "الأمور أصبحت تحت السيطرة بعدما التقت قيادات في إدارة العمليات العسكرية مع وجهاء الطائفة العلوية، ووقعوا اتفاقيات مكتوبة، تنص على تسليم المطلوبين والسلاح والحفاظ على السلم الأهلي، وكذلك الأمر في ضاحية قُدسيّا وفي الصفصاف والمنصورة وجبل الورد والتل، وغيرها من المناطق".
ريف دمشق الغربي
وفي غرب دمشق، في القلمون الغربي، بدأت إدارة العمليات العسكرية حملة تمشيط قالت إنها لملاحقة فلول النظام في وادي بردى، حيث الزبداني ومضايا وبقين وبلودان، وهي مناطق جبلية تقع عند الحدود السورية اللبنانية.
وحسب ما ذكرت مصادر في وزارة الداخلية، فإن "الحملة تستهدف فلول النظام السابق في هذه المناطق، لا سيما وأنها كانت مركز ثقل لحزب الله بحكم موقعها الجغرافي، كما أنها في الجهة المقابلة لعنجر اللبنانية، حيث ينتشر حزب الله هناك".
الحملات الأمنية تحت مجهر النقد
ولا تخلو الحملات الأمنية التي تقوم بها الإدارة السورية الجديدة من الانتقادات، حيث تقول بعض الأصوات في مناطق حملات التمشيط إن "العمليات العسكرية تتزامن مع تصرفات انتقامية لا سيما في حمص".
وأفادت مصادر محلية في تلك المناطق، بوجود "بعض العمليات الانتقامية والثأرية تصل إلى حد التصفية المباشرة".
وقالت مصادر الداخلية إنها "ترفض العمليات الانتقامية والتصرفات الفردية، وتنبه عناصرها بضرورة تقديم المطلوبين إلى القضاء، وعدم التعامل معهم وفق اعتبارات ثأرية أو انتقامية، كما أن الوزارة خصصت أرقاماً للشكاوى المتعلقة بهذه التجاوزات".