دولي

استخدمته موسكو وواشنطن لتبادل الأسرى.. جسر الجواسيس؟

استخدمته موسكو وواشنطن لتبادل الأسرى.. جسر الجواسيس؟

مع نهاية الحرب العالمية الثانية، قسمت ألمانيا لنصفين بين كل من الاتحاد السوفيتي من جهة والولايات المتحدة الأميركية وحلفائها من جهة ثانية.

وفي السياق نفسه، قسمت العاصمة برلين، حيث حصل الحلفاء الغربيون على القسم الغربي منها، بينما نال السوفييت القسم الشرقي الذي تحول فيما بعد لعاصمة ألمانيا الشرقية.

وبسبب تواجدها بعمق أراضي ألمانيا الشرقية وكونها محاصرة من كل الجهات بقوات الاتحاد السوفيتي وألمانيا الشرقية، عوملت برلين الغربية من قبل الحلفاء الغربيين كنوع من المدن المستقلة القابعة تحت النفوذ الغربي.

في الأثناء، ربطت بين برلين الغربية وألمانيا الشرقية العديد من نقاط التواصل التي تحولت في بعض الأحيان لنقاط توتر بين الطرفين. ومن ضمن هذه النقاط، يبرز جسر غلينيك (Glienicke) الذي لقب أحياناً بجسر الجواسيس.

جسر غلينيك خلال الحرب الباردة

يمر جسر غلينيك فوق نهر هافل (Havel) ويربط بين كل من وانسي (Wannsee) ببرلين وبوتسدام عاصمة منطقة براندنبورغ (Brandenburg). وبفضل هذا الموقع، ربط الجسر خلال فترة الحرب الباردة بين كل من برلين الغربية وألمانيا الشرقية ومثل نقطة تماس هامة بين المعسكرين الشرقي والغربي. وفي بقية مناطق التماس بين الطرفين، أشرفت ألمانيا الشرقية بنفسها على حماية وإدارة مواقعها. في الأثناء، مثل جسر غلينيك النقطة الوحيدة التي تواجد على الجانب الألماني الشرقي منها جنود وقوات سوفيتية مدججة بالسلاح.

ومع نهاية الحرب العالمية الثانية، استخدم الحلفاء الغربيون هذا الجسر للربط بين برلين الغربية وبوتسدام. وأغلقت سلطات ألمانيا الشرقية الجسر بوجه سكان برلين الغربية بشكل رسمي بحلول مايو 1952. وبحلول أغسطس 1961، أغلق الجسر، من طرف ألمانيا الشرقية، بشكل رسمي بوجه المواطنين الألمان الشرقيين عقب تشييد جدار برلين. كما سمح للمسؤولين العسكريون الغربيين والدبلوماسيون باستخدام جسر غلينيك بتنقلاتهم خلال المهام الدبلوماسية.

بداية من السبعينيات بدأت أجزاء من الجسر بالتآكل بسبب الإهمال. وأمام هذا الوضع، تحولت عملية ترميم جسر غلينيك لمصدر توتر بين حكومتي برلين الغربية وألمانيا الشرقية. وفي نهاية المطاف، وافقت برلين الغربية على التكفل بجميع مصاريف إعادة الترميم.

جسر الجواسيس

أثناء الحرب الباردة، لقب جسر غلينيك بجسر الجواسيس بسبب اعتماده من قبل الأميركيين والسوفييت لتبادل الأسرى والجواسيس المعتقلين. وقد جرت أول عملية تبادل أسرى فوق هذا الجسر يوم 10 شباط/ فبراير 1962 حيث سلم الأميركيون الجاسوس السوفيتي رودولف آبل (Rudolf Abel) مقابل استعادتهم للطيار غاري باورز (Gary Powers) الذي أسقطت طائرته، من نوع يو 2، أثناء قيامها بعمليات تصوير بعمق الأراضي السوفيتية سنة 1960.

وبعد مفاوضات استمرت لسنوات، احتضن هذا الجسر عام 1985 عملية تبادل أخرى سلم خلالها السوفييت 23 متهماً بالتجسس في أوروبا الشرقية للأميركيين مقابل استعادتهم للجاسوس البولندي ماريان زاكارسكي (Marian Zacharski) و3 عملاء سوفييت آخرين معتقلين بالغرب.

ويوم 11 شباط/ فبراير 1986، كان جسر غلينيك على موعد مع آخر عملية تبادل للأسرى حيث أخلى السوفييت سراح المعتقل السياسي أناتولي ششارنسكي (Anatoly Shcharansky) وعدد من العملاء الغربيين الآخرين مقابل استعادتهم لخمسة عملاء تواجد ضمنهم كارل كوشر (Karl Koecher) الذي تمكن بوقت ما من اختراق وكالة المخابرات المركزية الأميركية.

يقرأون الآن