جاء البيان الذي أصدرته "" الحاكمة فيمنذ 8 من الشهر الماضي، ليشكل منعطفاً جديداً في تاريخ البلاد، خاصة أن ما أسمته الإدارة بـ"إعلان انتصار الثورة السورية" يشكل قطيعة كاملة مع مرحلة سابقة.
لكن ذلك الإعلان يطرح أيضًا عددًا من الأسئلة حول المسار الذي ستسلكه البلاد.
الإجراءات التي تضمنها الإعلان تؤدي عملياً إلى حل جميع المؤسسات السيادية في البلاد، وأهمها الجيش، والبرلمان (مجلس الشعب)، وجميع أحزاب "الجبهة الوطنية التقدمية" الحاكمة، وعلى رأسها "حزب البعث العربي الاشتراكي".
يضاف إلى ذلك تعطيل الدستور، وجميع القوانين الاستثنائية، وهذا ما يستدعي من الإدارة الجديدة أن تعمل على وضعه سريعاً، خاصة مع التحديات الكبيرة التي يواجهها البلد، وأهمها: الفلتان الأمني، و"الانتهاكات" المتكررة، وكذلك التوغل الإسرائيلي في جنوبي سوريا.
والسؤال: ما الجديد الذي جاء في الإعلان؟ وهل يمكن أن يسفر قريباً عن التأسيس لسوريا جديدة؟
التطورات التي شهدتها سوريا منذ 8 من الشهر الماضي، تؤكد أن ما جاء في الإعلان كان قد تم تنفيذه فعلياً على أرض الواقع، فالجيش "تبخر" منذ اليوم الأول لدخول الفصائل المسلحة إلى دمشق، كذلك أعضاء الحكومة والبرلمان، الذين تخلوا عن مواقعهم بعد يوم واحد، بل إن التعطيل طال المؤسسات المدنية الأخرى، التي بدأ بعضها لاحقاً يعود إلى العمل تدريجياً.
أما تسمية قائد إدارة العمليات العسكرية ، رئيساً لفترة انتقالية، فهو ما يأتي ليشكل الطابع الشرعي على الدور الذي كان يقوم به الرجل منذ الإطاحة بنظام الأسد.
ويبقى أبرز ما تضمنه الإعلان من إجراءات جديدة، هو "حل جميع الفصائل العسكرية، والأجسام الثورية السياسية والمدنية"، على أن تدمج في مؤسسات الدولة.
وهو ما يعني أن تلك الفصائل التي كانت تتوزع السيطرة عبر البلاد، ستصبح بلا دور، ومن المرتقب أن يدخل أفرادها ضمن الجسم الذي كانت القيادة السورية تعمل عليه منذ نحو شهر، وهو تأسيس جيش جديد.
فما المتوقع لسوريا في الفترة المقبلة؟
"إعلان الانتصار" لم يتضمن أي مهلة لجميع الإجراءات التي سيتخذها الحكام الجدد، فهو تضمن تسمية الشرع رئيساً لفترة انتقالية دون تحديد زمنها، كما فوّضه بتشكيل "مجلس تشريعي مؤقت"، للمرحلة الانتقالية، يتولى مهامه إلى حين إقرار دستور دائم للبلاد ودخوله حيز التنفيذي، (حسب الإعلان).
إلا أن الإعلان أيضاً لم يحدد فترة محددة يلتزم الرئيس خلالها بتشكيل المجلس، كما لم يحدد للمجلس فترة محددة لوضع وإقرار دستور دائم، وهو الخطوة الأولى لأي "تغيير سياسي" في البلاد.
ذلك "المدى المفتوح" لعمل "المجلس المؤقت"، يعني أن الرؤية التي سبق أن طرحها الشرع خلال حوار متلفز، هي الأقرب اليوم لتكون واقعاً، وقد سبق للشرع أن قال إن إعداد الدستور يتطلب فترة زمنية حددها بـ3 سنوات، أما الانتخابات التي ستُجرى بناء على ذلك الدستور، فقال إنها تتطلب 4 سنوات.
تلك الوقائع، تقول إن سوريا ستشهد خلال الفترة القادمة، وحتى إقرار دستور، ما يمكن وصفه بـ"تعزيز السيطرة" على الحكم في سوريا، عبر حكامها الجدد الذين بدؤوا فعلاً بتشكيل "جيش وطني" يضم قادة الفصائل التي خاضت معارك مع نظام الأسد، إضافة إلى الشرطة التي بدأت بتخريج دفعاتها الأولى، وهما مؤسستان مهمتان لتثبيت أي حكم في سوريا.