أثار نموذج الذكاء الاصطناعي الجديد "DeepSeek R1" ضجة كبيرة في أوساط التكنولوجيا، ليس فقط بسبب تفوقه على بعض النماذج المغلقة مثل "GPT-4"، ولكن أيضاً لدوره في تعزيز الاعتماد على الذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر.
ويؤكد خبراء الصناعة أن هذا التطور لا يمثل مجرد نجاح للصين، بل انتصاراً عالمياً لمجتمع المصدر المفتوح، الذي يضم شركات مثل "ميتا" و"Databricks" و"ميسترال" و"Hugging Face".
أصدرت شركة ديب سيك DeepSeek الصينية نموذجها الجديد "R1" الشهر الماضي، مدعيةً أنه يضاهي أداء نموذج "o1" من OpenAI، لكن بتكلفة أقل وكفاءة طاقة أعلى، بحسب تقرير نشره موقع "CNBC" واطلعت عليه "العربية Business".
أدى هذا التطور إلى انخفاض في أسهم "إنفيديا" وشركات تصنيع الرقائق الأخرى، مع تزايد المخاوف من أن الذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر قد يقلل الإنفاق على الحوسبة عالية الأداء.
تأسست "ديب سيك DeepSeek" في 2023 على يد ليانج وينفينج، المؤسس المشارك لصندوق التحوط الذكي High-Flyer.
وتركز الشركة على تطوير نماذج لغوية كبيرة بهدف تحقيق الذكاء الاصطناعي العام (AGI)، وهو المفهوم الذي يشير إلى قدرة الذكاء الاصطناعي على التفكير واتخاذ القرارات مثل البشر أو حتى التفوق عليهم.
منذ إطلاق "تشات جي بي تي" في نوفمبر 2022، تسارعت جهود الباحثين في الذكاء الاصطناعي لتطوير نماذج مفتوحة المصدر كبديل للنماذج المغلقة.
ويقوم هذا النهج على إتاحة الشيفرة البرمجية مجاناً للمجتمع التقني، مما يسمح بالتعديل عليها وتحسينها.
"ميتا" و"ميسترال" و"Hugging Face" من بين الشركات التي تبنت هذا النهج، إذ ترى أن الذكاء الاصطناعي المفتوح المصدر يشجع الابتكار ويسمح بمشاركة التطورات مع الباحثين حول العالم.
قالت سينا ريجال، الرئيسة التجارية لشركة NetMind: "نجاح DeepSeek R1 يثبت أن الذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر لم يعد مجرد تجربة بحثية، بل بات منافساً حقيقياً للنماذج المغلقة مثل GPT من OpenAI."
من جانبه، أكد يان لوكان، كبير علماء الذكاء الاصطناعي في "ميتا"، أن نجاح "ديب سيك" ليس انتصاراً للصين على أميركا، وإنما انتصار للذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر.
وكتب في منشور على LinkedIn: "إذا كنت تعتقد أن نجاح DeepSeek يعني أن الصين تتفوق على أميركا، فأنت تقرأ الأمر بشكل خاطئ، القراءة الصحيحة هي: النماذج مفتوحة المصدر تتفوق على النماذج المغلقة".
وأضاف أن "ديب سيك" استفادت من البحث المفتوح والتقنيات المتاحة مثل "PyTorch" و"Llama" من "ميتا"، مما سمح لها بتطوير نموذجها بسرعة وكفاءة.
لم يقتصر تأثير الذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر على الصين، بل امتد إلى أوروبا أيضاً، حيث يقود تحالف من الأكاديميين والشركات مشروع "OpenEuroLLM"، الذي يهدف إلى تطوير نماذج لغوية كبيرة متعددة اللغات لتعزيز استقلالية الذكاء الاصطناعي في القارة.
وقال جان هاجيك، عالم اللغويات الحاسوبية في جامعة تشارلز بجمهورية التشيك، إن هذا المشروع جزء من حملة أوسع لتحقيق سيادة الذكاء الاصطناعي، بحيث تعتمد الدول على مراكز أبحاث محلية بدلاً من وادي السيليكون.
ورغم كل هذه الإيجابيات، يحذر خبراء الأمن السيبراني من أن النماذج مفتوحة المصدر قد تكون أكثر عرضة للاختراق والاستغلال، نظراً لإمكانية تعديلها من قبل أي شخص.
كشفت أبحاث شركة سيسكو أن "DeepSeek R1" يحتوي على ثغرات أمنية حرجة، حيث تمكن الباحثون من كسر حمايته بسهولة وجعله يقدم استجابات ضارة بمعدل نجاح 100%.
كما أشار مات كوك، استراتيجي الأمن السيبراني في "Proofpoint"، إلى أن مخاطر تسرب البيانات تبقى مصدر قلق رئيسي، خاصة مع ارسال البيانات مباشرة إلى الصين.