لا تعيينات إدارية في القريب العاجل

تنشط الاتصالات والمشاورات الرئاسية لإنجاز التعيينات العسكرية والأمنية، وبالتحديد تلك التي تطال قادة الأجهزة الأمنية، في مجلس الوزراء يوم غد الخميس.

وإذا كانت التعيينات عادة تحصل بالتوافق بين الرؤساء الثلاثة، غير أن منصب مدير عام الأمن العام لم يتم الاتفاق عليه بعد، بفعل تجاذبات لم تظهر الى العلن بعد بين رئيس الجمهورية ورئيس المجلس النيابي بخصوص على اسم من سيتولى مهام هذه المديرية، على عكس قيادة الجيش التي حُسمت لصالح مدير العمليات في الجيش العميد رودولف هيكل، وهو كان من المقرّبين جدا للرئيس عون عندما كان قائداً للجيش. أما المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، فباتت محصورة بين العميد محمود قبرصلي، والعميد رائد عبد الله، وان كانت بعض المعلومات ترجح تعيين الاسم الثاني.

أما لناحية التعيينات الإدارية، فانه يتوقع أن تُقرّ في الأيام المقبلة آلية جديدة لإنجاز هذه التعيينات، بحيث تلحظ دوراً أساسياً لمجلس الخدمة المدنية ووزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية.

ووفق المعلومات فان التعيينات الإدارية سترتكز بالأساس على ما تضمنه قانون عام 2020، الذي كان قد طعن فيه الرئيس السابق ميشال عون أمام المجلس الدستوري الذي قبل الطعن في وقته، وروحية هذا القانون تقوم على المعايير التالية:

– اختيار المرشحين بصورة شفافة وواضحة وذات مصداقية وفقا لمواصفات وشروط التعيين التي توجبها النصوص.

– مراعاة القدرة العلمية في الاختيار بناء على تقييم موضوعي وشفاف يأخذ بعين الاعتبار عناصر الأفضلية والكفاءة.

– إفساح المجال وإعطاء الفرصة لجميع اللبنانيين بالتقدّم الى الوظائف القيادية العليا في القطاع العام.

– الحفاظ على سرية أسماء المرشحين من خلال إخفاء أسماء المرشحين والمعلومات الشخصية المتعلقة بهم خلال جميع مراحل التصنيف الأوّلي والمراجعة والتقييم، وذلك تعزيزا لمبدأ الشفافية.

– اعتماد عدة مراحل تقييم للمرشحين ابتداء من عملية الفرز الأوّلي حتى المرحلة النهائية والتي تتضمن المقابلات الشفهية.

– إجراء التعيينات بمشاركة الجهات الرقابية المختصة – مجلس الخدمة المدنية.

وهناك من يتوقع أن يعتمد مجلس الوزراء كآلية للتعيينات ما يعرف بآلية الوزير السابق محمد فنيش التي اعتُمدت من قبل حكومة الرئيس سعد الحريري في عام 2010 ، وهي تمرّ عبر مجلس الخدمة المدنية ووزير شؤون التنمية الإدارية والوزير المختص، بحيث تُستقبل الطلبات ويتم إجراء مقابلات شفهية مع الناجحين حتى يُصار إلى اختيار اسمين، يضيف إليهما الوزير المعنيّ اسماً، وتُعرض على مجلس الوزراء ليختار منها واحداً.

وفي حال نجحت الحكومة في نفض الغبار عن ملف التعيينات الذي أكل عليه الدهر وشرب، تكون قد حققت إنجازاً كبيرا، من شأنه أن يضخ الحياة في الإدارات العامة التي تعاني من الترهّل، كما انها تكون قد أظهرت للمجتمع الدولي انها قادرة على إنجاز العملية الإصلاحية التي تعتبرها الدول المانحة الممر الإلزامي لتقديم العطاءات والمساعدات للبنان لتمكينه من تجاوز أزماته.

ومن البديهي السؤال عما إذا كانت الحكومة ستلتزم بالمعايير التي ستحدّدها لهذه التعيينات، أم أن أهل السياسة ، وأمراء الطوائف، سيفعلون فعلهم وعود «حليمة الى عادتها القديمة»، ويختلط الحابل بالنابل، ولا يوضع الشخص المناسب في المكان المناسب، وتصبح الكفاءة والنزاهة صورية فقط، وبالتالي نكون أمام فصل جديد من المناكفات التي وصل البلد بفعلها الى قعر البئر؟ الى الآن من الصعب الحكم أداء الحكومة التي يؤمل أن يكون أداء يلبّي طموحات اللبنانيين في رؤية بلدهم ينهض من بين الركام، فالتعيينات ستكون مرآة الحكومة وعلى هذه الحكومة أن تظهر الى اللبنانيين والمجتمع الدولي بمظهر جميل من خلال الإلتزام التام بالمعايير المطلوبة ليصبح في لبنان إدارة غير ملوثة بالفساد والهدر والمحسوبيات، يطمئن من خلالها المجتمع الدولي والدول العربية ويصبح بإمكانهم مساعد لبنان، لأنه وكما هو معلوم فإن الشرط الأول والأساسي لتقديم المساعدات للبنان هو إنجاز رزمة من الإصلاحات الضرورية التي تضع لبنان مجدّدا على طريق النهوض من أزماته الاقتصادية والمالية.

يقرأون الآن