تتوسّع رقعة الاحتجاجات في تركيا وباتت تتجاوز مصير رئيس بلدية اسطنبول الموقوف أكرم إمام أوغلو المعارض الأكبر للرئيس رجب طيب إردوغان، في تحد للسلطات على ما يقول مراقبون.
قال يوكسل تاسكين، النائب عن حزب الشعب الجمهوري المعارض الذي ينتمي إليه إمام أوغلو الموقوف منذ الأربعاء "ثمة غضب عارم. الناس يخرجون إلى الشوارع بشكل تلقائي. لأول مرة يهتم بعض الشباب بالسياسة".
وشاركت أطياف سياسية مختلفة في هذه التجمعات التي غالبا ما كان يقودها شباب، لا سيما الطلاب الذين يوصفون بأنهم لا يهتمون عادة بالسياسة.
وموجة التظاهرات هذه غير مسبوقة منذ احتجاجات غيزي الحاشدة في إسطنبول عام 2013 والتي انتشرت تدريجا إلى كل أنحاء البلاد تقريبا.
واعتبر كمال كان، الصحافي ومؤلف العديد من الكتب عن المجتمع التركي، أن "الشعور بأن الحصار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وحتى الثقافي، بات سائدا على نطاق واسع. أثار ذلك (الاعتقال) رد فعل شديدا، لا سيما بين الشباب القلقين على مستقبلهم في بلدٍ تزداد فيه القيود على الحريات. إنه رد فعل يتجاوز إمام أوغلو".
وحمل المتظاهرون الشباب لافتات كُتب عليها "نحن أبناء اللصوص الذين كبروا"، ساخرين من التعبير الذي استخدمه رجب طيب إردوغان في عام 2013 عندما كان رئيسا للوزراء، لوصف المتظاهرين.
واعتبر إلهان أوزغل، نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري "أن الأمر لا يتعلق بحزب الشعب الجمهوري فحسب، بل بالجميع. القضية تكمن في معرفة ما إذا تركيا ستعيش في ظل نظام استبدادي أم ستصبح دولة ديموقراطية".
وفي إشارة إلى الطبيعة غير الحزبية للتعبئة، دعا حزب الشعب الجمهوري جميع الأتراك، حتى غير الأعضاء فيه، للمشاركة الأحد في تصويت رمزي في الانتخابات التمهيدية التي من المقرر أن تفضي إلى تسمية أكرم إمام أوغلو، مرشحه الوحيد، لخوض الاستحقاق الرئاسي.
وأكد أوزغل "نحن عازمون على إجراء هذه الانتخابات التمهيدية. يحاولون منعنا، لكننا سنقوم بها".
كما أعرب فرع إسطنبول لـ"حزب المساواة وديموقراطية الشعوب" (ديم) المؤيد للأكراد، ثالث أكبر حزب في البرلمان التركي، عن دعمه للتظاهرات التي أصبحت حدثا يوميا أمام بلدية المدينة.
وقال إبراهيم أكين، النائب عن الحزب "إنهم يحاولون ترسيخ النظام من خلال تشكيل المعارضة عبر القضاء. ينبغي للمعارضة بكاملها أن تُظهر تضامنها".
ولطالما اتهمت الحكومة "حزب المساواة وديموقراطية الشعوب" بالارتباط بحزب العمال الكردستاني الذي تعتبره أنقرة منظمة إرهابية، والذي دعاه زعيمه التاريخي عبد الله أوجلان أخيرا إلى إلقاء السلاح.
واعتبر كان أن "الحكومة تحاول منذ سنوات تقسيم المعارضة التي أصبحت الآن الغالبية، أو إبقائها منشغلة بمشكلاتها الداخلية. وقد نجحت في ذلك مرات عدة. لكن هذه المرة، أحبطت المعارضة هذه الاستراتيجية".
وأشار غونول تول من معهد الشرق الأوسط في واشنطن، إلى أن محاولة الحكومة "إثارة خلاف" بين "حزب المساواة وديموقراطية الشعوب" وأحزاب المعارضة الأخرى خلال مبادرة السلام مع حزب العمال الكردستاني فشلت بعد الانتقادات القوية التي وجهها "حزب المساواة وديموقراطية الشعوب" لتوقيف إمام أوغلو.
وأوضح كان "يبدو أن الحكومة تختبر الآن قدرة الاحتجاجات على الاستمرار. وتأمل في إضعافها من خلال الضغط وحظر التظاهر والاعتقالات. ولكن إذا استمرت هذه الموجة، فيمكننا حينها التحدث عن زخم اجتماعي وسياسي جديد".
وأضاف "إذا خشيت المعارضة من تهديدات السلطات التي تتهمها باستفزاز الشارع وتُلمّح إلى ضعف عزيمتها، فستزيد الحكومة من الضغط. الأيام المقبلة حاسمة".