سحبت فصائل سورية موالية لأنقرة حواجزها من منطقة عفرين ذات الغالبية الكردية في شمال سوريا، والتي تسيطر عليها منذ عام 2018، مقابل إبقائها على مقارها العسكرية، وفق ما أفاد مسؤول في وزارة الدفاع وكالة فرانس برس الثلاثاء.
وإثر إطاحة الحكم السابق، أعلن الرئيس الانتقالي أحمد الشرع حلّ كافة الفصائل المسلحة التي انضوت بغالبيتها تحت إمرة وزارة الدفاع. ثم وقّع الشهر الماضي اتفاقا مع قوات سوريا الديموقراطية يقضي "بدمج" كافة المؤسسات المدنية والعسكرية التابعة للإدارة الذاتية الكردية في إطار الدولة السورية.
ونصّ الاتفاق، في أحد بنوده، على "ضمان عودة كافة المهجرين السوريين الى بلداتهم وقراهم"، في خطوة قال مسؤولون أكراد إنها مقدمة لعودة أهالي عفرين الذين نزح عشرات الآلاف منهم إثر سيطرة القوات التركية وفصائل موالية لها على المنطقة.
وقال مسؤول في وزارة الدفاع السورية، من دون الكشف عن هويته، لفرانس برس: "تمّ إلغاء الوجود العسكري والحواجز ضمن المنطقة، على أن يقتصر على حاجز واحد للأمن العام"، موضحا في الوقت ذاته إنه سيُصار "خلال الفترة الحالية إلى الإبقاء على المقرات على حالها".
وأوضح أنه "لا يمكن حاليا نقل (العناصر من) المقرات العسكرية من مناطق الشمال (السوري)، الى المقرات التي كان يستخدمها النظام السابق بسبب الاستهداف الاسرائيلي المتكرر لها"، في إشارة الى غارات تشنّها اسرائيل على مواقع ومنشآت عسكرية منذ إطاحة الحكم السابق.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الانسان، نقلت وزارة الدفاع عددا كبيرا من المقاتلين الى وسط سوريا وغربها في إطار محاولاتها لفرض الأمن في عموم سوريا، التحدي الأبرز الذي تواجهه السلطات.
وسيطرت القوات التركية مع فصائل سورية موالية لها على منطقة عفرين ذات الغالبية الكردية في شمال محافظة حلب في آذار/مارس 2018، إثر عملية عسكرية ضد المقاتلين الأكراد استمرت نحو شهرين.
ووثقت منظمات حقوقيّة عدة انتهاكات واسعة بحق سكانها الأكراد. ودعت منظمة العفو الدولية حينها تركيا إلى وضع حد "للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان" التي يرتكبها مقاتلون موالون لها تشمل "اعتقالات تعسفية واختفاءات قسرية ومصادرة ممتلكات ونهب".
وأجبرت العمليات العسكرية، وفق الأمم المتحدة، نصف عدد سكان منطقة عفرين البالغ 320 ألفا، على الفرار. ولم يتمكن العدد الأكبر منهم من العودة إلى منازلهم بعد.
وفي إطار ترجمة الاتفاق بين السلطة الجديدة والإدارة الذاتية الكردية، تمّ الأسبوع الماضي إبرام اتفاق بشأن حيي الاشرفية والشيخ مقصود اللذين تقطنهما غالبية كردية في مدينة حلب. وتمّ بموجبه خروج أكثر من 500 مقاتل كردي من الحيين الى مناطق سيطرة الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا، ومنع المظاهر المسلحة فيهما.
وفي منشور على منصة أكس، قال القيادي الكردي البارز بدران جيا كورد ان اتفاق الاشرفية والشيخ مقصود يعد "المرحلة الأولى من خطة أشمل تهدف إلى ضمان عودة آمنة لأهالي عفرين"، مشيرا الى "مفاوضات مستمرة لتحقيق هذا الهدف".
وتسيطر الإدارة الذاتية الكردية على مساحات واسعة في شمال وشرق سوريا. وشكّلت ذراعها العسكرية رأس حربة في قتال تنظيم "داعش" ودحره من آخر معاقل سيطرته عام 2019.
ورغم الاتفاق مع الشرع، وجهت الإدارة الذاتية انتقادات حادة الى الحكومة التي شكّلها، وقالت إنها لن تكون معنية بتنفيذ قراراتها، باعتبار أنها "لا تعبر عن التنوع" في سوريا.