أعادت عودة الرئيس الأمريكى ترامب إلى البيت الأبيض الروح لدعوة تحالف اليمين المتشدد فى العالم. تداعب أحلام هذا التحالف خيال جى دى فانس نائب ترامب وأنصارهما. خطاب دى فانس المثير للجدل أمام مؤتمر ميونيخ للأمن فى فبراير الماضى ليس التعبير الوحيد عن أمله فى أداء دور فى هذا المجال. ربما يريد إكمال ما فشل فيه ستيف باتون، الذى اعتُبر من قبل قائدًا لحركة تحالف اليمين العالمى, فى بداية رئاسة ترامب الأولى. لم يفشل بانون فى تلك المهمة فقط، بل فى أن يبقى رقمًا مؤثرًا فى السياسة الأمريكية بعد أن غضب عليه ترامب وأقاله من منصب كبير مستشاريه الاستراتيجيين فى أغسطس 2017 بعد بضعة أشهر من تعيينه.
والحال أن أحزاب اليمين المتشدد وجماعاته متنوعة ومختلفة كما هو الحال فى أى تيار سياسى أو فكرى فى العالم. لا يجمعها جامعُ يكفى لتوحيدها. وحتى وهم تفوق أصحاب البشرة البيضاء الذى يؤمن به كثيرُ منها لا يجمعها كلها. وقد فشلت محاولات توحيدها فى أوروبا وحدها، فما بالك بالعالم. يوجد الآن تكتلان أوروبيان مختلفان يمثلانها فى البرلمان الأوروبى بعد أن كانوا ثلاثةً عقب انتخاباته العام الماضى, وهما تكتل الهوية والديمقراطية، وتجمع الوطنيين من أجل أوروبا.
ولكن هذا لا يمنع ازدياد دور تيار اليمين المتشدد فى عدد متزايد من الدول بفعل فشل اليمين التقليدى فى بعضها ، وتفاقم الأزمات فى بعضٍ آخر منها، والدفعة التى ترتبت على فوز ترامب. وقد ظهر هذا التيار فى لبنان مجددًا، ولكن بطريقة تمثل خطرًا على وحدته. فقد أعلنت شخصيات يمينية تأسيس تيار «المحافظين الجدد»، الذى بدأ بتوجيه نداء إلى أحزاب وحركات اليمين فى العالم لإقامة تحالف دولى. وتبدو الصبغة الطائفية واضحة فى توجهات هذا التيار الذى تضمن بيانه التأسيسى «العمل من أجل نهوض المجتمع المسيحى فى لبنان، وتبنى الفيدرالية باعتبارها خيارًا أصيلاً له، ورفض أى عمل من أعمال معاداة الغرب…» وقد أحسن الرئيس جوزف عون عندما رد بشكل غير مباشر على هذا التوجه فدعا إلى تأكيد أهمية التنوع الدينى والوحدة الوطنية فى لبنان.
الأهرام