انطلاق منتدى الاستثمار السعودي - الأميركي 2025

انطلقت اليوم في العاصمة السعودية الرياض أعمال منتدى الاستثمار السعودي - الأميركي 2025، بمشاركة رفيعة من قادة الأعمال وصنّاع القرار من المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية، وذلك في إطار زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الرسمية إلى المملكة العربية السعودية.

ويهدف المنتدى إلى استكشاف فرص استثمارية جديدة وتعزيز الشراكة الاقتصادية بين البلدين، مستندًا إلى علاقات ثنائية تمتد لما يقارب القرن، ومبنية على أسس من الثقة المتبادلة والمصالح المشتركة.

وفي الكلمة الافتتاحية للمنتدى، أشاد وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح بعدد ومستوى الوفد الاستثماري الأميركي والسعودي المشارك في أعمال المنتدى، الذي يجسد حرص البلدين عمومًا والشركات السعودية والأميركية الخاصة على المضي قدمًا نحو آفاق جديدة من التعاون استمرارًا لما يزيد على (90) عامًا من العلاقات بين البلدين التي اتسمت بالثقة وروح الشراكة المبنية على الاحترام المتبادل، والحرص على تحقيق المصالح، والمنافع المشتركة لاقتصاديات البلدين.

وتناول الفالح التقرير السنوي لرؤية المملكة 2030 عن عام 2024، مبينًا أن الرؤية وبرامجها المختلفة قطعت شوطًا متقدمًا في تحقيق مستهدفاتها الرامية إلى تنويع واستدامة موارد اقتصاد المملكة، وفتح آفاق جديدة للاستثمار في قطاعات واعدة تشمل الطاقة التقليدية والمتجددة، والتقنيات والصناعات المتقدمة، والذكاء الاصطناعي، والسياحة، والصحة، والتقنيات الحيوية، والخدمات اللوجستية، وسلاسل الإمداد، وغيرها من القطاعات الحيوية.

وقال : "إن ما يشهده العالم من تحولات متسارعة، وتقلبات اقتصادية وتطورات تقنية، ستسهم في إعادة رسم ملامح الاقتصاد الدولي، وستتيح فرصًا عديدة وكبيرة لتعزيز وتوسيع قاعدة الشراكة الإستراتيجية بين البلدين، وتؤكد أهمية بناء شراكات قوية ومستدامة لتحقيق المصالح المتبادلة، مستندة إلى نقاط القوة التي يتمتع بها الاقتصادان السعودي والأمريكي، وبالذات نقاط القوة للشركات السعودية والأميركية"، بحسب وكالة الأنباء السعودية الرسمية.

وأكد الفالح أن العلاقة بين البلدين من أهم العلاقات والروابط الجيوسياسية، من خلال التعاون الاقتصادي وشراكات الأعمال، وتعد بمثابة قوة للسلام والازدهار العالميين، مفيدًا أن فرص الأعمال في المملكة توسعت وتضاعفت عدة مرات، نتيجة لرؤية المملكة 2030، التي وفرت الكثير من الفرص وعوائد الاستثمار الصحية.

ومن المتوقع أن يُسفر المنتدى عن توقيع عدد من الاتفاقيات في مجالات الطاقة، والتكنولوجيا، والذكاء الاصطناعي، التصنيع، والبنية التحتية، في ظل اهتمام أميركي متزايد بالفرص الاستثمارية التي تقدمها المملكة في إطار رؤية السعودية 2030.

كما يتزامن المنتدى مع زيارة ترامب التي تُعد إحدى المحطات الأبرز في جولته الخليجية، وسط توقعات بإعلانات اقتصادية كبرى تعكس متانة العلاقات السعودية – الأميركية، واتساع آفاقها نحو المستقبل.

أميركا والسعودية.. شراكة راسخة وآفاق واعدة

بدأت العلاقات بين البلدين، بتوقيع اتفاقية تعاون عام 1933، تعزّزت بعدها آفاق التعاون في شتى المجالات. كما أسس اللقاء التاريخي الذي جمع بين الملك عبدالعزيز والرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت في 14 فبراير 1945، لعقود من العلاقات والشراكة الإستراتيجية القائمة على الاحترام والثقة المتبادلة بين المملكة وأميركا، وأرست أسس التعاون المتنامي في شتى المجالات، إذ حرصت المملكة على تسخير هذه العلاقة لخدمة مصالحها الوطنية، وقضايا الأمة العربية.

وينظر العالم إلى العلاقات بين المملكة وأميركا بصفتها مرتكزًا أساسيًا لتعزيز أمن واقتصاد المنطقة والعالم، لما يُشكله البلدان من دور محوري في جهود تعزيز الأمن والسِّلم الدوليين انطلاقًا من مكانتهما السياسية والأمنية والاقتصادية وعضويتهما في مجموعة العشرين(G20).

وشهدت مسيرة العلاقات بين البلدين محطات مهمة، من أبرزها زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود إلى الولايات المتحدة الأميركية في سبتمبر 2015، تلبية لدعوة من الرئيس الأميركي باراك أوباما، حيث عُقدت جلسة مباحثات في البيت الأبيض، اُستعرض خلالها أوجه العلاقات المتينة بين البلدين.

وبناءً على توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، قام الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء في مارس 2017 بزيارة عمل للولايات المتحدة الأميركية، التقى خلالها رئيس الولايات المتحدة الأميركية دونالد جي ترمب وعددًا من المسؤولين؛ لبحث تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، ومناقشة القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك.

واستمرارًا لتبادل الزيارات الرفيعة المستوى، استقبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود بالرياض في مايو 2017 رئيس الولايات المتحدة الأميركية دونالد جي ترمب في زيارة رسمية للمملكة.

وعقدت خلال الزيارة قمة سعودية-أميركية أثمرت عن توقيع إعلان الرؤية الإستراتيجية المشتركة بين البلدين، وتبادل عددٍ من الاتفاقيات الاقتصادية والاستثمارية بقيمة إجمالية تفوق 280 مليار دولار؛ للإسهام في نقل المعرفة وتوطين التقنية وبناء استثمارات وصناعات واعدة، وتوفير مئات الآلاف من فرص العمل في كلا البلدين.

وتبادل البلدان مذكرتين لتحديث وتطوير القوات المسلحة السعودية بالقدرات الدفاعية، إلى جانب تبادل اتفاقية شراكة لتصنيع طائرات بلاك هوك العمودية في المملكة، و(4) اتفاقيات في مجال الصناعات العسكرية.

وشهدت الزيارة عقد القمة الخليجية-الأميركية، والقمة العربية الإسلامية الأميركية، حضرها قادة ورؤساء وفود دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ورؤساء وفود الدول المشاركة في القمة العربية الاسلامية الأميركية، كما شهدت تدشين المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف (اعتدال) في الرياض، إذ تُعد مكافحة التطرف والإرهاب أحد أبرز مجالات الشراكة الإستراتيجية بين المملكة وأميركا، حيث أسهم التعاون الثنائي بين البلدين في تحقيق إنجازات مهمة في التصدي للتنظيمات الإرهابية، وتحييد تهديدها لأمن المنطقة واستقرارها.

وبناءً على توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود توجّه ولي العهد إلى الولايات المتحدة الأميركية في مارس 2018، في زيارة رسمية التقى فيها رئيس الولايات المتحدة الأميركية دونالد جي ترمب في البيت الأبيض بواشنطن، حيث جرى التأكيد على عمق الشراكة التاريخية والإستراتيجية بين البلدين، وثمّن القائدان التقدم الذي تحقق في تعزيز الشراكة الإستراتيجية السعودية-الأميركية، كما بحثا سبل تطوير التعاون في مختلف المجالات، بما في ذلك إبرام صفقات تجارية جديدة تسهم في إيجاد الوظائف، وتعزيز برنامج الإصلاح الاقتصادي للمملكة ضمن رؤية المملكة 2030.

وفي يوليو 2022 التقى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود بحضور ولي العهد، الرئيس الأميركي جو بايدن في قصر السلام بجدة، وشهد اللقاء استعراض العلاقات التاريخية بين البلدين وسبل تعزيزها بما يخدم مصالح الشعبين في شتى المجالات.

كما عقد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء والرئيس جو بايدن جلسة مباحثات رسمية، أعقبها اجتماع موسع للجانبين، استعرضا فيه على نحو مفصل الأولويات المشتركة التي من شأنها أن تسهم في تعزيز الشراكة بين البلدين، ومناقشة سبل مواجهة التحديات بالمنطقة والعالم.

وأكد الجانبان أن الشراكة السعودية-الأميركية كانت حجر الزاوية للأمن الإقليمي على مدى العقود الماضية، وشدّدا على أن البلدين يتشاركان الرؤية ذاتها نحو منطقة مترابطة مع العالم يسودها الأمن والاستقرار والازدهار.

وأشاد الجانب الأميركي بمبادرتي "السعودية الخضراء" و"الشرق الأوسط الأخضر"، مرحبًا بمشاركة المملكة في منتدى الاقتصادات الكبرى للمناخ والطاقة، وانضمامها للتعهد العالمي للميثان، مشيدًا بمكانتها كعضو مؤسس في منتدى الحياد الصفري لمنتجي الطاقة، وبإعلان المملكة استهداف إنتاج 50% من الكهرباء عن طريق الطاقة المتجددة بحلول عام 2030.

ورحّب الجانب الأميركي برؤية المملكة 2030، التي تمثل خطة إستراتيجية للتحول الاقتصادي والإصلاحات الاجتماعية، وبجهود المملكة في زيادة المشاركة الاقتصادية للمرأة، وتعزيز الحوار بين أتباع الأديان، كما رحبت المملكة بزيادة استثمارات القطاع الخاص الأميركي في المملكة، وكذلك زيادة الاستثمارات السعودية في القطاع الخاص الأميركي بما يحقق مصالح البلدين.

ووقّع الطرفان على هامش الزيارة 18 اتفاقية ومذكرات للتعاون المشترك في مجالات الطاقة والاستثمار والاتصالات وتقنية المعلومات والفضاء والصحة، والصناعة، إلى جانب اتفاقية شراكة في مجالات الطاقة النظيفة، تتضمن تحديد مجالات ومشروعات التعاون في هذا المجال، وتعزيز جهود البلدين في نشر الطاقة النظيفة والعمل المناخي بما في ذلك التعاون في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة النووية.

وتأتي تلك الاتفاقيات في ضوء ما توفره رؤية المملكة 2030 من فرص واسعة للاستثمار في القطاعات الواعدة، وبما يعود بالنفع على البلدين والشعبين الصديقين.

وفي نوفمبر 2024 بعث خادم الحرمين الشريفين وولي العهد برقيتي تهنئة لرئيس الولايات المتحدة الأميركية دونالد جي ترمب بمناسبة فوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية، متمنين لفخامته ولشعب الولايات المتحدة الأميركية الصديق المزيد من التقدم والازدهار والرقي.

واستمرارًا لتلك العلاقات الثنائية المتميزة، أجرى ولي العهد في 23 يناير 2025 اتصالًا هاتفيًا بالرئيس ترمب نقل خلاله تهنئة خادم الحرمين الشريفين وتهنئة بمناسبة أدائه اليمين الدستورية وتوليه رئاسة الولايات المتحدة الأميركية، وتمنياتهما للشعب الأميركي الصديق التقدم والازدهار، وبحثا خلاله سبل التعاون لإحلال السلام والأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، إلى جانب تعزيز التعاون الثنائي لمحاربة الإرهاب، وتعزيز الشراكة الاقتصادية والاستثمارية.

وفي إطار مساعي المملكة لتعزيز الأمن والسلام في العالم، وبتوجيه من ولي العهد، استضافت الرياض منذ فبراير 2025 عددًا من المحادثات بين روسيا والولايات المتحدة الأميركية.

علاقات اقتصادية قوية ومثمرة

وفي المجال الاقتصادي تربط البلدين علاقات اقتصادية قوية ومثمرة، ولعقود كان مجلس الأعمال السعودي-الأميركي شريكًا مهمًا في تسهيل المشاريع التجارية الجديدة بين الشركات السعودية والأميركية، وحقق خلالها إنجازات كبيرة في تعزيز التعاون والفائدة المتبادلة بين الجانبين في مجالات الأعمال والاستثمار، بحسب وكالة الأنباء السعودية الرسمية.

وتتسم العلاقات الاقتصادية بين المملكة وأميركا بالمرونة والتنوع، وتُعد المملكة من أبرز الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في المنطقة، وقد بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين في عام 2024م نحو 32 مليار دولار، حيث صدّرت المملكة سلعًا ومنتجات إلى الولايات المتحدة بقيمة 13 مليار دولار، مقابل واردات منها بلغت 19 مليار دولار.

وشهد عام 2024 تصدير مجموعة من السلع غير النفطية البارزة، من أبرزها: (المنتجات المعدنية، الأسمدة، المنتجات الكيماوية العضوية، الألمنيوم ومصنوعاته، واللدائن ومصنوعاتها)، فيما شكّلت (المركبات الجوية وأجزاؤها، الآلات والأدوات الآلية وأجزاؤها، التحف الفنية والقطع الأثرية، المنتجات الكيماوية المنوعة، والأجهزة الطبية والبصرية والتصويرية)، أبرز السلع المعاد تصديرها.

وتضمنت أبرز السلع المستوردة (الآلات والأدوات الآلية وأجزاءها، السيارات وأجزاءها، الأجهزة الطبية والبصرية والتصويرية، الأجهزة والمعدات الكهربائية وأجزاءها، ومنتجات الصيدلة).

وفي سياق ذي صلة توفر برامج رؤية 2030، والمشروعات الكبرى في المملكة فرصًا واعدة للشركات الأميركية، ولا سيّما في القطاعات الإستراتيجية التي تستهدفها الرؤية، مثل: التعدين، والبتروكيماويات، والتصنيع، والطاقة المتجددة، والسياحة، والخدمات المالية، والرعاية الصحية، والأدوية.

وتعمل المملكة ممثلةً بوزارة الطاقة مع الجهات المعنية في الولايات المتحدة الأميركية في عديد من المنصات والمبادرات الدولية ذات العلاقة بالطاقة والتغير المناخي، ومنها: "منتدى الحياد الصفري للمنتجين (Net Zero Producers Forum)، ومبادرة التعهد العالمي للميثان (Global Methane Pledge Initiative)، والتعاون في مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC)، والتعاون في الاجتماعات الوزارية للطاقة والمناخ في مجموعة العشرين (G20).

ولوضع بروتوكول يسهم في تأسيس ممرات عبور خضراء عابرةٍ للقارات، من خلال الاستفادة من موقع المملكة الجغرافي الإستراتيجي، الذي يربط قارتي آسيا بأوروبا، أعلنت حكومتا المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية في سبتمبر 2023 توقيع مذكرة تفاهم ثنائية تحدد أطر التعاون بين البلدين؛ ويهدف هذا المشروع إلى تيسير عملية نقل الكهرباء المتجددة والهيدروجين النظيف عبر كابلات وخطوط أنابيب، وكذلك إنشاء خطوط للسكك الحديدية، كما يعزز أمن الطاقة، ودعم جهود تطوير الطاقة النظيفة، إضافة إلى تنمية الاقتصاد الرقمي عبر الربط والنقل الرقمي للبيانات من خلال كابلات الألياف البصرية، وتعزيز التبادل التجاري، وزيادة مرور البضائع من خلال ربط السكك الحديدية والموانئ.

وتستهدف المملكة أن تكون أحد أهم المصدّرين للهيدروجين النظيف وذلك بحلول عام 2030، ويسعى البلدان -ضمن إطار الشراكة- إلى تطوير رؤية مشتركة لتعزيز الطلب على الهيدروجين النظيف في الأسواق العالمية، تتضمّن تطوير معايير الهيدروجين النظيف وتعريفاته، وتبادل المعرفة فيما يخص نموذج العمل والممكنات المعمول بها في البلدين؛ مما يساعد على دعم طموح المملكة بأن تكون أحد أهم المصدّرين للهيدروجين النظيف.

ووقعت المملكة وأميركا عديدًا من الاتفاقيات التي وفرت إطارًا حيويًا لتطوير بيئة الأعمال بين البلدين، في مقدمتها اتفاقية تبادل الإعفاء الضريبي على الدخل المتحقق من التشغيل الدولي للسفن أو الطائرات، والتي وقعت عام 2000، واتفاقية تطوير العلاقات التجارية والاستثمارية في عام 2005، إلى جانب مجموعة من اتفاقيات وبروتوكولات التعاون العلمي والفني والتقني، واتفاقيات في مجالات التنمية الحضرية والطيران المدني والنقل الجوي والوقود النظيف وإدارة الكربون وحماية الملكية الفكرية.

وعلى صعيد القطاع الخاص، افتتحت الغرفة التجارية الأميركية فرعها (AmCham Saudi Arabia) في المملكة عام 2021، لمواكبة التطورات المستمرة التي تشهدها المملكة في قطاع الأعمال.

وشكلت المملكة على مدار تاريخها وجهة رئيسة للشركات الأميركية وللمستثمرين الأميركيين الذين اتخذوا من المملكة مقرًا لأعمالهم منذ عقود، كما يعيش ويعمل آلاف الأميركيين في المملكة، مستفيدين من بيئة أعمالها النشطة ومجتمعها الحيوي وجاذبية سوقها للكفاءات والمواهب من حول العالم.

وبلغ رصيد الاستثمارات الأميركية المباشرة في المملكة خلال عام 2024م نحو 15.3 مليار دولار.

وينظر المستثمرون الأميركيون بإيجابية إلى التحولات الاقتصادية الكبرى التي تشهدها المملكة في السنوات الأخيرة، لما تتيحه من فرص واعدة للشركات الأميركية في مجالات متعددة، تشمل استكشاف الفضاء للأغراض التجارية، والطاقة المتجددة، والرعاية الصحية، إضافة إلى البنية التحتية، والتقنيات المتقدمة، والذكاء الاصطناعي.

واستكمالًا للتعاون بين البلدين الصديقين في مختلف المجالات والقطاعات، ولتشكيل آفاق جديدة للتعاون في مجال الفضاء وعلوم الأرض والمهمات الاستكشافية؛ صدر في 28 نوفمبر 2023 بيان مشترك بين المملكة وأميركا، ركز على تعزيز التعاون في مجال استكشاف واستخدام الفضاء الخارجي للأغراض السلمية، إضافة إلى التعاون في الفرص التجارية لصناعات الفضاء بين البلدين الصديقين، ومناقشة توقيع اتفاقية إطارية بين البلدين للتعاون في مجال الفضاء للأغراض السلمية.

كما وقّع البلدان في يوليو 2024 اتفاقية تعاون إستراتيجي في مجال استكشاف واستخدام الفضاء الخارجي للأغراض السلمية، وتهدف إلى تعزيز تعاونهما في مجال الفضاء والاستكشاف العلمي، وزيادة الاستثمار المشترك في الأنشطة التجارية المختلفة، وإنشاء إطار قانوني شامل يسهل التعاون بينهما لتبادل الخبرات وتطوير برامج مشتركة، كما حددت الاتفاقية مجالات العمل المشترك بين الطرفين، تشمل علوم الفضاء والأرض، والملاحة الجوية، والمهمات الفضائية، والتعليم، إضافة إلى عديد من المجالات الأخرى ذات الاهتمام المشترك.

ولدعم التبادل والتعاون الأكاديمي والبحثي المشترك، ولتعزيز فرص تنقل الطلبة والباحثين وأعضاء هيئة التدريس بين البلدين؛ وقعت حكومتا البلدين في نوفمبر 2024 بمدينة الرياض مذكرة تفاهم في مجال التعليم العالي والبحث العلمي، وقد بلغ عدد المبتعثين السعوديين الدارسين في الولايات المتحدة الأميركية لعام 2025 (14,845) طالبًا وطالبة، ضمن امتداد طويل لبرنامج الابتعاث الذي تجاوز عدد مستفيديه الدارسين في الجامعات الأميركية نصف مليون طالب وطالبة، وذلك منذ إطلاقه في عام 2006م، فيما يبلغ عدد المنح الدراسية المقدمة من قبل حكومة المملكة للطلاب من الولايات المتحدة الأميركية (318) منحة، ويبلغ عدد الاتفاقيات ومذكرات التعاون، والبرامج التنفيذية، وعقود الخدمات بين الجامعات السعودية والجامعات الأميركية (289) اتفاقية.

وأسهمت مبادرات وزارة الثقافة والهيئات التابعة لها في تعزيز التبادل الثقافي بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية، وتوسيع مجالات التعاون الثنائي في ميادين الثقافة والفنون، بما يشمل السينما، والموسيقى، والفنون البصرية والأدائية وغيرها، وقد شهدت السنوات الأخيرة تناميًا ملحوظًا في مشاركات المثقفين والفنانين والمبدعين السعوديين في الفعاليات الثقافية بالولايات المتحدة الأميركية، إلى جانب مشاركة نظرائهم الأميركيين في الأنشطة الثقافية داخل المملكة.

ودعمًا لتلك العلاقات نحو آفاق أرحب، تأتي زيارة رئيس الولايات المتحدة الأميركية دونالد جي ترمب للمملكة، بصفتها أولى زياراته الخارجية للمرة الثانية خلال فترتيه الرئاسيتين، لتؤكد مدى التقدير الذي تكنّه الولايات المتحدة الأميركية لمكانة المملكة ودورها المؤثر على الصعيدين الإقليمي والدولي، وحرصها على تعزيز الشراكة الإستراتيجية معها، إلى جانب تأكيد اهتمام الإدارة الأميركية بتوطيد العلاقات الثنائية في المجالات السياسية والدفاعية والاقتصادية والاستثمارية، وتقديرها الكبير لقيادة المملكة.

وهكذا تُمثّل العلاقات الثنائية بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية نموذجًا يُحتذى به، وضع أسسه الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- قبل 92 عامًا، وصولًا للعهد الزاهر بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده بما يؤكد حرص البلدين الصديقين على ترسيخ الشراكة وتعزيز المصالح المشتركة، ورغبة الجانبين في تعزيز التواصل والتشاور حول القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، ومواجهة التحديات الراهنة التي تشهدها المنطقة والعالم.

يقرأون الآن