نقل وزير الخارجية والمغتربين السوري، أسعد الشيباني، في كلمته أمام القمة العربية الرابعة والثلاثين المنعقدة في بغداد، تحيات الرئيس أحمد الشرع وتحيات الشعب السوري، مؤكداً تمسّك سوريا بعروبتها وإيمانها الراسخ بوحدتها العربية.
وأعرب الشيباني عن تقدير سوريا لإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب رفع العقوبات المفروضة عليها، واصفاً القرار بأنه "خطوة مهمة في طريق التعافي الوطني وإعادة الإعمار"، ونتاج جهد دبلوماسي عربي صادق أثمر عن نتائج ملموسة.
وخصّ الوزير الشيباني بالشكر المملكة العربية السعودية والجمهورية التركية على ما وصفها بـ"الوساطة الفعالة" التي جاءت في لحظة مفصلية من تاريخ سوريا، كما وجّه شكره إلى دولة قطر، ودولة الإمارات العربية المتحدة، والمملكة الأردنية الهاشمية، ودول مجلس التعاون الخليجي كافة، على وقوفهم إلى جانب سوريا في هذه المرحلة الدقيقة.
رفع العقوبات بداية الطريق
وأكد أن رفع العقوبات لا يمثّل نهاية المطاف، بل هو بداية طريق جديد، تأمل سوريا أن يكون معبّداً بالتعاون العربي الحقيقي، والسعي المشترك لتحقيق التنمية، وتعزيز الاستقرار وصون الأمن القومي العربي.
وأشار في كلمته إلى أن سوريا "التي دفعت ثمناً باهظاً نتيجة سياسات النظام البائد"، تعود اليوم إلى حضنها العربي، حاملةً آمال شعبها في طيّ صفحة الانقسام، والانفتاح على كل صوت مخلص، وكل يد ممدودة بالخير.
وكشف الشيباني عن بدء خطوات جادّة نحو التعافي الوطني، انطلقت من حوار وطني جامع هو الأول من نوعه في تاريخ البلاد، يضمن التمثيل، ويحفظ الكرامة، ويعزّز فكرة أن سوريا وطن لجميع السوريين بلا إقصاء أو تهميش.
ولفت إلى النجاح في تشكيل حكومة شاملة تعكس الإرادة الشعبية، وتعمل على تحقيق العدالة الانتقالية وكشف مصير المفقودين، مؤكداً أن "لا مصالحة دون إنصاف، ولا سلماً أهلياً دون كشف الحقيقة".
وفي معرض كلمته، أشار الوزير إلى أن العمل جارٍ لوضع اللمسات الأخيرة على مسار صياغة دستور دائم، وإطلاق برلمان وطني يمثّل جميع مكونات الشعب السوري، ويكرّس سيادة القانون، ويرسّخ مؤسسات الدولة.
وشدّد الشيباني على تمسّك سوريا بسيادتها ووحدة أراضيها، ورفضها القاطع لأيّ تدخّل خارجي في شؤونها الداخلية، مؤكداً أن هذا المبدأ لا يقبل المناورة ولا التفاوض.
لا للوصاية
وقال الشيباني إن "سوريا لا تقبل وصاية، ولا ترضى بأن تكون ساحةً لصراعات الآخرين، ونريد علاقات متوازنة قائمة على الاحترام المتبادل، نحمل المحبة لكل دولة عربية، ونثمّن كل خطوة عربية ساهمت في كسر العزلة ورفع العقوبات. سوريا القوية والمستقرة ركيزة الأمن العربي".
وأضاف أن "سوريا تدفع ثمناً باهظاً نتيجة تدخلات خارجية وصراعات داخلية، فهي تواجه أطرافاً لا يعنيها أمن السوريين ولا مستقبلهم، بل تعمل على توظيف المأساة السورية لخدمة مشاريعها الخاصة"، كما "تواجه تحديات عدة تتمثل ببقايا تنظيم داعش، التي تحاول قوى خارجية استخدامها كأداة للابتزاز السياسي والضغط الأمني، إضافةً إلى ما يُحاك في الخفاء لتفكيك المجتمع السوري وزرع الفتنة، عبر دعم تشكيلات انفصالية، لجر البلاد إلى صراع أهلي طويل الأمد".
وشدّد على أن "التهديدات والانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة في جنوبي سوريا خرقٌ صارخٌ للقانون الدولي ولأبسط مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وتشكل تهديداً للاستقرار الإقليمي، ونؤكد التزامنا باتفاقية فصل القوات لعام 1974، التي تضمن الحد الأدنى لاستقرار تلك المنطقة الحساسة".
وأكد أن "الحفاظ على أمن جنوب سوريا جزءٌ لا يتجزّأ من أمن سوريا ووحدة أراضيها، واستمرار الاعتداءات يهدّد مساعي التهدئة، ويفتح الباب لمزيد من الفوضى في المنطقة، ونتطلّع إلى موقف عربي موحّد ودور فعّال لدعم حق سوريا في استعادة سيادتها الكاملة على كل أراضيها".
وتابع: "نداء غزة الجريحة المحاصرة المنكوبة نسمعه بين ضلوعنا، ونراه في عيون أطفالنا. آن لمنطقتنا أن تنعم بالسلام، وأن تحيا شعوبنا بالكرامة، وأن تعود البوصلة باتجاهها الصحيح".
وأوضح أن "سوريا كانت وستبقى جزءاً من قلب الأمة، واليوم تمدّ يدها إليكم من منطلق الشراكة والمسؤولية لبناء مستقبل يليق بتاريخنا ويحقّق طموحات شعوبنا. نحن لا نملك ترف الانتظار والانشغال بالخلافات على حساب حاضر شعوبنا ومستقبل أجيالنا".
وأكمل: "نتوجّه بخالص التهنئة وأصدق عبارات التقدير إلى جمهورية العراق الشقيق، قيادةً وحكومةً وشعباً، على نجاح أعمال القمة العربية التي استضافتها العاصمة بغداد بكل كفاءة واقتدار، ونبارك هذا النجاح".