لبنان

عون إلى القاهرة اليوم... وقمة بغداد لتعويم اتفاق الهدنة بين لبنان وإسرائيل

عون إلى القاهرة اليوم... وقمة بغداد لتعويم اتفاق الهدنة بين لبنان وإسرائيل

على خطيْن متوازييْن يَعمل لبنان الجديد في سياق محاولته معاودة ترتيب علاقاته العربية وتفعيل النظام التشغيلي للحُكْم على مختلف المستويات المؤسساتية وصولاً لأصغر دوائر القرار المحلي، وذلك من ضمن مسارٍ مزدوجٍ يرتكز على الإصلاح والسيادة ويُراد أن يعالج معاً الأزمةَ الماليةَ من جذورها الضاربةِ حتى عمقِ الإدارة وهيكلية الدولة وقطاعاتها كما المصارف، والبنيةَ العسكريةَ لجمهوريةٍ حَكَمَتْها منذ عقود «مساكَنةٌ» اضطراريةٌ بين الجيش وحزب الله كانت معها الشرعيةُ، خصوصاً في الأعوام الأخيرة، بما يشبه الإقامة الجبرية.

وفي هذا الإطار يَمْضي لبنان في إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية التي ضربتْ أمس موعداً ثالثاً في محافظات بيروت والبقاع وبعلبك - الهرمل قبل «خاتمة» هذا الاستحقاق السبت المقبل في الجنوب، في الوقت الذي تشكّل الزيارةُ التي يقوم بها رئيس الجمهورية جوزف عون اليوم للقاهرة محطةً جديدةً في سياق معاودةِ رَبْطِ البلاد بحاضنتها العربية وذلك بعد 4 محطاتٍ خليجية (كان آخِرها في الكويت) وواحدة في فرنسا، وقبل موعدٍ مرتقب هذا الشهر في العاصمة العراقية وفق ما ورد في "الراي" الكويتية.

وفي حين تُعتبر الانتخاباتُ البلديةُ مقياساً أولياً لانتظامِ دورة تداوُل السلطة بدءاً من المجالس المحلية كأحد مَظاهر الإصلاح الذي ينبثق من «العودة إلى الشعب»، فإن جولاتِ عون الخارجية تصبّ في تكريس استعادة الدولة زمام القرار في ما خص تَمَوْضُعِها الإقليمي بما يُراعي مَصالحها ويَضَعها تحت سقف الشرعيتين العربية والدولية ويُنْهي أكثر من عقدٍ شَهِدَ ما يشبه «الإبعادَ» للوطن الصغير عن «حلقة الأمان» الخارجية التاريخية له وزجّه في الصراعات الإقليمية كأحد أقوى «حلقات» قوس النفوذ الإيراني.

وأبعد من الإطار الضيّق للانتخابات البلدية التي تُقاس بميزانٍ شعبي ولكن يتداخل فيه العائلي والمناطقي مع الحزبي، فإنّ إصرارَ لبنان الرسمي على إنجاز هذا الاستحقاق بتأخُّر 3 أعوام يؤشر لحرصٍ على محاكاة الرصد الخارجي اللصيق للواقع اللبناني وتحوّلاته في ضوء نتائج الحرب الأخيرة (على حزب الله) وما تَسبّبتْ به من تداعيات على صعيد إعادة تشكيل المنطقة برمّتها.

من هنا يسود اعتقادٌ أن «بلديات 2025» تشكّل مرآةً ولو نسبياً لِما يمكن أن تُفْضي إليه استحقاقاتٍ أكثر تأثيراً في المشهد الكبير، وتحديداً الانتخابات النيابية بعد سنة، لجهة تَمَدُّد المفهوم السياديّ عبر المزيد من تراجُع التمكين السياسي لـ «حزب الله» بالتوازي مع ضُمور وضعيّته العسكرية التي صار يَحْكمها داخلياً تعهُّد لبنان الرسمي بحصْر السلاح بيد الدولة، وخارجياً موقفٌ دولي تقوده واشنطن يستعجل تطبيق هذا الالتزام ويُسابِق تحفزاً إسرائيلياً دائماً على العودة إلى الحرب التي تستمرّ بها على شكل غاراتٍ واغتيالاتٍ مستهدَفة شبه يومية.

ولم يكن عابراً أن تتضمّن الفقرة المتعلقة بلبنان في البيان الختامي لقمة بغداد العربية ترحيباً «بالانتخابات البلدية» مع تشجيع «جميع الكيانات السياسية على التفاهم والابتعاد عن لغة الاقصاء، وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الضرورية»، وتأكيد الدعم الدائم للبنان «في مواجهة التحديات والحفاظ على أمنه واستقراره ووحدة أراضيه، وحماية حدوده المعترَف بها دولياً بوجه أي اعتداءاتٍ عليه وعلى سيادته»، والتشديد على «ضرورة تطبيق الترتيبات الخاصة بوقف الأعمال العدائية بجميع بنوده، والالتزام بالقرار 1701 بكامل مندرجاتهِ، وإدانة الخروق الإسرائيلية لهما، ومطالبة إسرائيل بالانسحاب الكامل والفوري وغير المشروط من لبنان إلى الحدود المعترَف بها دولياً، وتسليم الأسرى المعتقلين في الحرب الأخيرة والعودة للالتزام بمندرجات اتفاقية الهدنة 1949 بحسب "الراي" الكويتية.

يقرأون الآن