كشف تقرير لمجلة أميركية، عن تحرك عراقي حقيقي، لتسخير أشعة الشمس التي يتمتع بها طوال العام، في مجال إنتاج الطاقة، وذلك كجزء من مشروع ستراتيجي ينفذ على مراحل، تمهيداً للخلاص من الاعتماد على إيران في استيراد الغاز والكهرباء.
وبحسب تقرير لمجلة "فوربس" الأميركية، فإن قطاع الطاقة المتجددة في العراق، الذي لطالما كان هامشيًا في ثروته النفطية، يشهد اليوم زخمًا متزايدًا، فمع أكثر من 300 يوم مشمس سنويًا، ومستويات إشعاع شمسي تُعدّ من بين الأعلى عالميًا، تُعدّ إمكانات البلاد هائلة، ومع ذلك، تُساهم الطاقة الشمسية حاليًا بأقل من 1٪ من شبكتها التي تبلغ 20 ألف ميغاواط".
تسخير الشمس
ونقل التقرير، عن مظهر محمد صالح، مستشار رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، الكشف عن خطط لتنفيذ ألف مشروع صغير للطاقة الشمسية بحلول عام 2028، تستهدف المنازل والمزارع والشركات الصغيرة والمؤسسات العامة".
وتهدف هذه المبادرة إلى تخفيف الضغط على الشبكة، وخفض تكاليف استيراد الوقود السنوية البالغة 4 مليارات دولار، وتوفير آلاف فرص العمل، حيث من المقرر أن توفر شراكة مع "شركة مصدر الإماراتية"، وهي شركة عملاقة في مجال الطاقة المتجددة مدعومة من "أدنوك ومبادلة" 1000 ميغاواط من الطاقة الشمسية، بما يتماشى مع هدف العراق المتمثل في 12٪ من الطاقة المتجددة بحلول عام 2027، وترى "مصدر"، التي تستهدف 100 غيغاواط عالميًا بحلول عام 2030، العراق كسوق رئيسي.
ووفق التقرير، يتضمن مشروع تنمية الغاز المتكامل (GGIP)، الذي تبلغ تكلفته 10 مليارات دولار أميركي، والذي تقوده كل من توتال إنرجيز (45%)، وشركة نفط البصرة (30%)، وقطر إنرجيز (25%)، محطة طاقة شمسية بقدرة 1 غيغاواط تمتد على مساحة 2200 هكتار، ومن المقرر أن تُغذي هذه المحطة، المقرر اكتمالها بحلول عام 2028، 350 ألف منزل بالطاقة الكهربائية، وتجنّب انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار مليوني طن سنويًا، ما يُبرز سعي العراق لدمج مصادر الطاقة المتجددة مع الوقود الأحفوري.
تحديات ورهانات
ولفت التقرير، إلى أن قطاع الطاقة في العراق في عام 2025 يقف عند منعطف حرج، حيث يسعى إلى تحقيق التوازن بين التوسعات الطموحة في صناعة النفط والغاز مع الدفع المتزايد نحو الطاقة المتجددة.
ومع احتياطيات نفطية مؤكدة تبلغ 145 مليار برميل - بهدف الوصول إلى 160 مليار برميل بحلول عام 2028 - يظل العراق ثاني أكبر منتج في منظمة أوبك، حيث تقود صادرات النفط 90٪ من ميزانيته العامة البالغة 110 مليار دولار لعام 2024.
ومع ذلك، وبينما تضخ البلاد 4 ملايين برميل يوميًا، فإنها تواجه حصص أوبك والضغوط الجيوسياسية والحاجة الملحة للتنويع، في حين أن هدف 1000 مشروع صغير للطاقة الشمسية بحلول عام 2028 ومحطة طاقة شمسية بقدرة 1 جيجاواط مع شركة توتال إنرجيز - الأولى في البلاد - تشير إلى بداية التحول نحو الطاقة المتجددة.
ورأى التقرير الأميركي، أن "قطاع النفط والغاز العراقي ما يزال ركيزةً أساسيةً لاقتصاده، وقد أبرم العراق مؤخرًا شراكةً مع شركة توتال إنرجيز في مشروع تنمية الغاز المتكامل (GGIP)، وهو مشروع متعدد المصادر في محافظة البصرة، يستهدف المشروع حقل أرطاوي وفق خطة من مرحلتين: المرحلة الأولى ترفع الإنتاج إلى 120 ألف برميل يوميًا، تليها المرحلة الثانية التي سترفعه إلى 210 آلاف برميل يوميًا.
وأضاف أن "مشروع غاز ارطاوي سيعمل على الحد من حرق الغاز، مما يُقلل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 6 ملايين طن سنويًا، بينما يُعالج مشروع إمدادات مياه البحر المشتركة (CSSP) 5 ملايين برميل من المياه يوميًا، مما يُوفر 250 ألف متر مكعب من المياه العذبة للزراعة، كما سيوفر المشروع أكثر من 10 آلاف فرصة عمل (85% منها محلية) ويُمول قطاعات الصحة والتعليم والبنية التحتية.
رياح جيوسياسية
في هذا الصدد، نبه تقرير فوربس، إلى أن طموحات العراق في مجال الطاقة تواجه ضغوطًا خارجية صعبة، في مارس/آذار من هذا العام، أنهت الولايات المتحدة إعفاءً يسمح للعراق باستيراد الكهرباء من إيران، وفي إطار حملة "الضغط الأقصى" على إيران، يُنذر هذا القرار بانقطاعات قصيرة المدى، في وقت تستجيب بغداد لذلك بتعزيز الإنتاج المحلي وكفاءة الشبكة الكهربائية.
ونقل التقرير، عن المستشار الاستثماري في شركة غلف إليت كونسلتانتس، وضاح الطه، قوله: "على الرغم من التحديات مثل الاعتماد الكبير على النفط الخام في الميزانيات العامة، وحدود إنتاج أوبك+، وتضخم التكاليف الناجم عن الفساد، وانخفاض أسعار النفط التي تخنق استثمارات مشاريع الطاقة، فإن الفرص الاستراتيجية يمكن أن تعيد تشكيل الاقتصاد العراقي".
وأضاف الطه أن "تعزيز إنتاج الغاز الطبيعي قد يوفر مليارات الدولارات التي تُنفق على الواردات باهظة الثمن من إيران، بينما يُعزز توسيع نطاق الطاقة الشمسية ومصادر الطاقة النظيفة الأخرى الاستدامة، علاوة على ذلك، فإن تطوير الصناعات لإنتاج وبيع المنتجات المكررة، بدلاً من النفط الخام، سيخلق قيمة مضافة ويعزز المرونة الاقتصادية".