في ليل 13 حزيران/يونيو، نفّذت إسرائيل عمليتين عسكريتين غير مسبوقتين، حملتا في طياتهما أسماء مستوحاة من أشهر الأعمال الخيالية: "Red Wedding" و"Operation Narnia"، وفق ما ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال".
العملية الأولى، "الزفاف الأحمر"، مستوحاة من مشهد المجزرة الشهير في مسلسل "Game of Thrones".
ويُقال إن المخططين الإسرائيليين استخدموا هذا المصطلح داخليًا لوصف خطتهم للقضاء على كبار القادة العسكريين الإيرانيين المجتمعين في مكان واحد، تمامًا كما قُتلت شخصيات رئيسية بشكل غير متوقع خلال حفل زفاف في المسلسل.
ولم تكن هذه التسمية رمزية فحسب؛ بل عكست عنصر المفاجأة والحسم الذي سعت إسرائيل إلى تحقيقه في المرحلة الأولى من الهجوم.
وتقول "وول ستريت جورنال" في تقرير مطول لها إنه عند منتصف الليل، اجتمع جنرالات إسرائيل في مخبأ تحت مقر قيادة سلاح الجو، وشاهدوا عبر الشاشات الطائرات المقاتلة وهي تنفّذ ضربات دقيقة في طهران. بعد ساعات، تبين أن كبار القادة العسكريين الإيرانيين قد استهدفوا في عملية قتل جماعية تهدف إلى شلّ القيادة الإيرانية وحرمانها من القدرة على الرد الفوري.
أما العملية الثانية، والتي بدت لعدة مسؤولين إسرائيليين كأنها "ضرب من الخيال"، فحملت اسم "عملية نارنيا" (Operation Narnia) على اسم السلسلة الخيالية للكاتب C.S. Lewis. وقد أسفرت عن اغتيال تسعة من أبرز العلماء النوويين الإيرانيين بشكل شبه متزامن في منازلهم بطهران، بهدف القضاء على "العقل" الذي قد يعيد بناء البرنامج النووي الإيراني حتى لو تم تدمير منشآته.
هاتان العمليتان، اللتان استغرق الإعداد لهما سنوات طويلة، مثّلتا افتتاح الحملة العسكرية الإسرائيلية التي امتدت 12 يوماً، وتطلّبت دقة استخباراتية عالية وسلسلة خداع متقنة لضمان عنصر المفاجأة. وكادتا أن تنهارا في اللحظات الأخيرة.
وبحسب 18 مسؤولاً أمنياً إسرائيلياً وأميركياً حاليين وسابقين تحدثوا للصحيفة، فإن إسرائيل سعت من خلال العمليتين إلى توجيه ضربة قاصمة للمشروع النووي الإيراني، ومنع طهران من حيازة سلاح نووي.
القرار النهائي بتنفيذ الهجوم اتخذ في 9 حزيران/يونيو، وسط عمليات تضليل متعمدة. أُعلن أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سيأخذ عطلة ثم سيحضر زفاف ابنه أفنير، دون أن يعلم حتى المقربون منه بخطة التأجيل. وفي الوقت نفسه، سُرّبت معلومات عن خلاف مزعوم بين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن توقيت الهجوم، بينما كانت الطائرات الإسرائيلية قد أقلعت فعلياً.
كان الهدف من "الزفاف الأحمر" تصفية قادة القوات المسلحة الإيرانية دفعة واحدة. وبينما ظنّ الإسرائيليون للحظة أن الخطة انكشفت، فوجئوا بأن قادة سلاح الجو الإيراني تجمعوا في مكان واحد، مما أدى إلى نجاح الضربة.
أما في "نارنيا"، فقد دُمّرت منازل العلماء في وقت واحد تقريبًا، وقُتل تسعة منهم قبل أن يتمكنوا من الفرار أو الاختباء.
لاحقاً، استهدفت إسرائيل منظومات الدفاع الجوي، ومواقع الرادار، ومنصات إطلاق الصواريخ الإيرانية، ثم شنّت غارات إضافية على المنشآت النووية ومرافق الصواريخ البالستية.
لا تزال آثار العمليتين قيد التقييم، خصوصاً في ما يتعلق بمدى الضرر الذي أصاب البنية التحتية النووية الإيرانية، وما إذا كانت طهران قادرة على إعادة بناء ما فُقد.