لبنان

الصيف انطلق.. كيف ينجو لبنان من الحرائق والجفاف؟

الصيف انطلق.. كيف ينجو لبنان من الحرائق والجفاف؟

انطلق الصيف فعلياً في لبنان، حيث تتراوح درجات الحرارة وفق المعدلات السنوية لشهر تموز: بيروت بين 24 و 32، طرابلس بين 20 و 31، وزحلة بين 18 و34 درجة.

في حين اشارت التقديرات في مصلحة الأرصاد الجوية في المديرية العامة للطيران المدني الى ان لا تعديل في درجات الحرارة للايام المقبلة، ولكن الرياح تنشط في المناطق الشرقية والشمالية ويتشكل ضباب محلي على المرتفعات المتوسطة ليلاً، من جهتها دخلت أوروبا في حالة تأهب قصوى منذ مطلع الأسبوع مع تصاعد درجات الحرارة إلى مستويات قياسية، وسط تحذيرات من موجة حر قد تبلغ الحرارة فيها 47 درجة مئوية في بعض المناطق.

وهل يمكن للبنان ان يشهد نفس هذا الارتفاع؟

في الواقع لا يمكن الكلام عن موجة حرّ لان الحرارة التي تسجل هذه الايام هي ضمن معدلاتها الموسمية التي تستمر عادة الى الجزء الثالث من شهر آب، وبالتالي لا يوجد اي ارتباط مباشر مع موجة الحر في أوروبا راهناً، وغالباً ما يتأثر لبنان بموجات آتية من الشرق اي من الصحراء العربية، بينما أوروبا تتأثر بالكتل الهوائية الحارة القادمة من شمال أفريقيا أو من التغيرات في التيارات الجوية العلوية.

كما ان التضاريس في لبنان، لا سيما الجبال، تؤثر على الطقس المحلي وتخلق ظروف جوية مختلفة عن تلك الموجودة في أوروبا، مما يؤدي إلى اختلاف في الظروف الجوية.

ولكن على الرغم من ان الحرارة تحافظ في الصيف على معدلاتها نسبيا، الا ان لبنان يواجه تحديات لا يمكن الاستهانة بها، لا سيما وان انعكاساتها تستمر للسنوات المقبلة، من ابرزها الجفاف والحرائق.

ومعلوم ان الجفاف في لبنان ناجم عن انخفاض كميات الأمطار السنوية، خاصة في المناطق التي تعتمد على الأمطار للزراعة، والتغيرات المناخية، التي تؤثر على أنماط الطقس وتؤدي إلى جفاف وتدهور الأراضي، اضف الى ذلك ان ارتفاع درجات الحرارة يزيد من معدلات التبخر ويقلل من كمية المياه المتاحة.

وفي موازاة ذلك، يرتفع خطر الحرائق، وقد شهدنا أول حريق هذا الموسم في القبيات الذي توسعت دائرته نتيجة للرياح في جرود المنطقة، فقد حوّل الحريق مئات الأشجار من اللزاب، والشوح، والصنوبر البري، والشربين، وغيرها من الأشجار الحرجية المعمّرة والنادرة، بالإضافة إلى أشجار مثمرة كأشجار الكرز، إلى مساحات من الرماد، علما ان لبنان يعاني سنويا من الحرائق التي تنتشر بسرعة في الغابات والاحراج، وتسبب أضرارًا كبيرة للبيئة والاقتصاد والمجتمع.

وغالبا ما ترتبط الحرائق في لبنان بـ "النشاط البشري" مثل إشعال النار في البراري أو عدم إطفاء السجائر بشكل صحيح يمكن أن يؤدي إلى اندلاع الحرائق، وهذا ما المحت اليه وزيرة البيئة تمارا الزين حين عاينت موقع الحريق في القبيات، مشيرةً إلى أن "أغلب الحرائق مفتعلة، ومن الضروري تفعيل المحاسبة والملاحقة القانونية". ولفتت إلى أن "هذا العام يشهد موجة جفاف كبيرة، مما يجعل المنطقة أكثر عرضة لخطر الحرائق". وأضافت الزين: "من هنا تبرز ضرورة الوعي واتخاذ خطوات استباقية، لا سيما أن الوزارة ستطلق قريبًا خطة طوارئ لمعالجة ملف الحرائق".

وفي هذا السياق تؤكد جهات معنية بالبيئة على اهمية التوعية لدى الناس، كي يتم تطبيق إجراءات السلامة في المناطق الحرجية والزراعية، مثل إنشاء مناطق عازلة ومراقبة النار، وتعزيز قدرات الدفاع المدني وتجهيزه، بما يتيح له التدخل السريع في حالة اندلاع الحرائق، من خلال تجهيز ما يكفي من فرق الإطفاء والإنقاذ لا سيما في المناطق المعرضة للخطر اكثر من سواها.

اخيرا، يتطلب التصدي للجفاف والحرائق في لبنان جهودًا مشتركة بين الحكومة والمجتمع والمؤسسات البيئية، من خلال تنفيذ سياسات مستدامة وإدارة فعالة، وهي لغاية اليوم ما زالت غائبة.

يقرأون الآن