بيئة

شبكة أنهار على المريخ!.. اكتشاف يفسر طبيعة الحياة على الكوكب الأحمر

شبكة أنهار على المريخ!.. اكتشاف يفسر طبيعة الحياة على الكوكب الأحمر

كشفت صورة حديثة عن مفاجأة غير متوقعة في قلب المناطق المرتفعة الجنوبية للمريخ، حيث تتناثر الفوهات البركانية كندوب على وجه الكوكب الأحمر.

ومن خلال تحليل الصور عالية الدقة التي التقطتها مركبات مدارية حول المريخ، تمكن العلماء من تحديد آثار جيولوجية لنحو 16 ألف كيلومتر من المجاري المائية القديمة التي يعود تاريخها إلى أكثر من 3 مليارات سنة.

وبعض هذه القنوات قصيرة نسبيا، بينما تشكل أخرى شبكات متشعبة تمتد لأكثر من 160 كيلومترا.

وتروي هذه الشبكة المائية المتحجرة قصة مناخ مختلف جذريا عن المريخ الجاف الذي نعرفه اليوم. وما يجعل هذا الاكتشاف أكثر إثارة هو موقعه في منطقة Noachis Terra، أو "أرض نوح"، وهي من أقدم التضاريس المريخية وأكثرها بدائية.

ولطالما شكلت هذه المنطقة لغزا لعلماء الكواكب. فعلى الرغم من أن النماذج المناخية تشير إلى أن هذه المنطقة كان يجب أن تشهد هطول أمطار غزيرة في الماضي، إلا أن عدم وجود أدلة واضحة على مجاري مائية جعل العلماء في حيرة من أمرهم.

واليوم، وبفضل التقنيات الحديثة في تحليل الصور الفضائية، تمكن العلماء أخيرا من سد هذه الفجوة المعرفية.

وبحسب العلماء، فإن التفسير الأكثر ترجيحا لهذا النظام النهري الواسع، هو وجود دورة مائية نشطة تشمل هطولا مطريا منتظما أو تساقطا ثلجيا.

وهذا الاستنتاج يحمل تداعيات عميقة على فهمنا لتطور مناخ المريخ، حيث يشير إلى أن الكوكب شهد ظروفا مناخية مستقرة لفترات كافية لاستدامة أنظمة نهرية بهذا الحجم.

وتأتي الأدلة الجيولوجية الداعمة لهذا الاكتشاف على شكل "نتوءات نهرية ملتوية"، وهي ظاهرة فريدة تتشكل عندما تترسب المواد التي تحملها الأنهار في قاع المجرى، ثم تصبح أكثر مقاومة للتآكل من الصخور المحيطة بها. وبمرور الزمن، وعندما تتعرض المنطقة لعوامل التعرية، تبرز هذه القنوات الصلبة كأشرطة ملتوية مرتفعة عن سطح الأرض المحيط. وبعض هذه القنوات يصل عرضها إلى أكثر من كيلومتر ونصف، بينما تمتد لعشرات الكيلومترات، ما يدل على تدفقات مائية غزيرة ومستمرة.

وفي مشهد مثير خاص، تظهر إحدى الصور الملتقطة نهرين قديمين يتدفقان إلى داخل فوهة بركانية كبيرة، حيث تجمعت المياه لتحول الفوهة إلى بحيرة مؤقتة قبل أن تفيض وتكمل مسارها. ومثل هذه التفاصيل الدقيقة تقدم لمحات نادرة عن الديناميكيات الهيدرولوجية التي كانت تعمل على سطح المريخ في عصوره المطيرة.

وهذا الاكتشاف لا يغير فقط تصوراتنا عن الماضي المائي للمريخ، بل يفتح أيضا آفاقا جديدة في البحث عن آثار حياة قديمة. فوجود نظام نهري بهذا الاتساع لفترة طويلة نسبيا يوفر بيئات مثالية محتملة لنشوء الحياة وتطورها. كما يثير تساؤلات مهمة عن المدة التي استغرقتها عملية تحول المريخ من عالم رطب إلى الصحراء المتجمدة التي نعرفها اليوم.

وفي سياق أوسع، تعزز هذه النتائج الفرضيات القائلة بأن فقدان المريخ لمياهه كان عملية تدريجية ومعقدة، وليس حدثا كارثيا مفاجئا. كما تدعم الأدلة المتزايدة على وجود خزانات مائية جوفية ضخمة ما تزال مختبئة تحت سطح الكوكب، وهو ما قد يكون له آثار كبيرة على جهود استكشاف المريخ المستقبلية، وربما حتى استيطانه البشري.

يقرأون الآن