عربي

"غزة ثانية" على الأبواب.. مخاوف من انفجار في الضفة الغربية

بينما تتجه أنظار العالم إلى الحرب المستعرة في قطاع غزة، تنمو على هامش المشهد أزمة لا تقل خطورة في الضفة الغربية، حيث تتصاعد مؤشرات الانفجار الأمني والمجتمعي وسط تجاهل متعمّد أو غياب إرادة سياسية للتهدئة.

وفي هذا السياق، رسم الكاتب والدبلوماسي الإسرائيلي السابق نمرود نوفيك، وهو عضو بارز في مجموعة "قادة من أجل أمن إسرائيل"، في مقاله المنشور في مجلة "تايم" الأميركية صورة قاتمة لما يصفه بـ"غَزّنة الضفة" أو تحويل الضفة إلى غزة جديدة، محذراً من أن المنطقة تتجه نحو سيناريو دموي ينذر بانفلات السيطرة، إن لم يُكبح فوراً.

خمس جبهات

وأشار الكاتب إلى أن الحرب على غزة ليست سوى جبهة واحدة من أصل خمس تواجه إسرائيل حالياً، تشمل حزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، والميليشيات الإيرانية في سوريا والعراق، إلى جانب إيران نفسها. في ظل هذا التشتت الأمني، تغيب الضفة الغربية عن أولويات الحكومة، ما يسمح للعنف بالتفاقم بعيداً عن الرقابة.

خطاب الكراهية

ورأى نوفيك أن أحد محفزات العنف هو قرار إدارة ترامب في يناير (كانون الثاني) 2025 برفع العقوبات عن المستوطنين، ما بعث برسائل خاطئة شجعت المتطرفين. ومع غياب الردع، بدأ متطرفون إسرائيليون باستغلال الدعم السياسي الضمني، بينما يغرق الشباب الفلسطيني في اليأس، ما يدفعهم إلى خيار المقاومة المسلحة.

تأثير مُدمر

وتوقف الكاتب عند التأثير المدمر للثنائي السياسي المتشدد: إيتمار بن غفير، وزير الأمن القومي، الذي يتبنى علناً خطاب "تفوق اليهود"، ويسعى لتسليح المستوطنين، خصوصاً في الضفة. وبتسلئيل سموتريتش، وزير المالية ونائب وزير الدفاع، الذي يدعو صراحة إلى خنق السلطة الفلسطينية وزيادة الاستيطان لدفع الفلسطينيين إلى الهجرة.

ويحمّل نوفيك رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو مسؤولية تمكين هؤلاء، عبر منحهم هذه المناصب الحيوية منذ أواخر 2022.

تسليح المستوطنين

وأشار الكاتب إلى أن المستوطنين المتطرفين أصبحوا أكثر تنظيماً وتسليحاً، واستغلوا انشغال الجيش بالحرب في غزة لتكثيف هجماتهم على القرى الفلسطينية، والتي تضاعفت خلال النصف الأول من عام 2025 مقارنة بالعام السابق.

وأضاف أن الجيش الإسرائيلي، الموزع بين عدة جبهات، يتردد في التصدي لهم، خصوصاً في ظل الغطاء السياسي الذي يحظى به قادة هذه الاعتداءات.

جيل فلسطيني بلا أمل

في المقابل، يعيش الفلسطينيون في الضفة الغربية حالة من انعدام الأمن الكامل. غياب الحماية، سواء من الجيش أو من السلطة الفلسطينية المفلسة، يعزز قناعة الشباب بأن العمل المسلح هو الطريق الوحيد. أما الجيل الأكبر، الذي كان يعارض الانتفاضة الثانية، فلم يعد يملك الحُجج لإقناع أبنائه بتجنب العنف.

تحذيرات المؤسسة الأمنية الإسرائيلية

وأشار الكاتب إلى أن مجموعة "قادة من أجل أمن إسرائيل"، التي ينتمي إليها، وجهت رسالة عاجلة إلى وزير الدفاع الإسرائيلي، محذّرة من أن "جماعات يهودية منظمة تشعل المنطقة"، ودعت إلى معاقبة كل متورط في الإرهاب، بغض النظر عن خلفيته.

ولفت الكاتب النظر إلى أن نقطة التحوّل قد تكون الاعتداء الأخير على منشأة عسكرية إسرائيلية من قبل مستوطنين، ما دفع نتانياهو للقول: "لا يمكن لأي دولة متحضرة أن تتسامح مع هذا النوع من العنف".

أما زعيم المعارضة يائير لابيد، فوصف منفذي هذه الاعتداءات بـ"الإرهابيين اليهود وعصابات إجرامية محمية من الائتلاف الحاكم".

هل تتحرك إسرائيل قبل الانفجار الكامل؟

يرى نمرود نوفيك أن اختبار الدولة الإسرائيلية الحقيقي يكمن في قدرتها على احتواء هذا التصعيد، واتخاذ إجراءات حقيقية ضد إرهاب المستوطنين. فالفشل في ذلك، كما يقول، سيحوّل الضفة الغربية إلى نسخة دموية أخرى من غزة، مع ما يحمله ذلك من عواقب وخيمة على الأمن الإقليمي وعلى مستقبل العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية برمّتها.

يقرأون الآن