دولي

هكذا تم اغتيال أهم هدف في الهجوم على إيران

هكذا تم اغتيال أهم هدف في الهجوم على إيران

كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" في تقرير لها، كيف تم اغتيال "أهم هدف في الهجوم على إيران" خلال المواجهة الأخيرة في يونيو الماضي.

وذكرت "يديعوت أحرونوت" في تقريرها، أنه "من بين كبار المسؤولين في شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) والوحدة 8200 الذين كانوا يجلسون في غرف القيادة وأمام الشاشات المخصصة، وبين من كان حاضرا في تلك الساعة في موقع القيادة تحت الأرض التابع لسلاح الجو، وفي مركز القيادة العليا لهيئة الأركان العامة، هناك أغلبية قوية تؤيد الرأي بأن لحظة الهجوم والاغتيال الأكثر دراماتيكية وتوترا قد حدثت هناك وفي ذلك الحين، حيث قال أحدهم إنها كانت لحظة "على حافة شعرة" فصلت بين النجاح والفشل في هذا الهجوم. ولكن في هذه الحالة بالذات، بالإضافة إلى أهمية الهدف، كان يمكن أن يكون لها تأثير الدومينو على مكونات أخرى في العملية بأكملها".

ووفقا للتقرير، "كان الوقت حوالي الساعة 02:45 بتوقيت إسرائيل، في ليلة 12 و13 يونيو. كان كامل سلاح الجو الإسرائيلي تقريبا في الأجواء، أو قريبا من إيران أو في الطريق إليها، مستخدما كل وسائل التخفي والحرب الإلكترونية وغيرها من الطرق لتجنب كشفه. وفجأة، اتضح أن الهدف الذي اعتبره الكثيرون الأهم من بين 25 شخصية تم تحديدها للتصفية في تلك الليلة، على وشك الإفلات".

وأشارت "يديعوت أحرونوت" إلى أن "الهدف لم يكن يعلم أنه كذلك على الإطلاق، حيث كان الجنرال علي حاجي زاده، قائد القوة الجو-فضائية في الحرس الثوري الإيراني، وأحد أكثر الضباط الإيرانيين احترافية وتشددا وأقربهم إلى المرشد الأعلى، مقتنعاً بأن لا شيء سيحدث".

وأضافت الصحيفة: "قبل ساعتين، كان لا يزال في منزله وخطط للبقاء هناك تلك الليلة، على الرغم من التوتر المتزايد والعلامات التي تشير إلى هجوم إسرائيلي وشيك. فقد صرح أحد المقربين من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بذلك صراحةً في وسائل الإعلام، وأمرت الولايات المتحدة دبلوماسييها وعائلاتهم في المنطقة بالمغادرة على وجه السرعة، لكن القيادة السياسية في إيران، بما في ذلك الجنرال حاجي زاده، كانت متأكدة من أن إسرائيل تحاول فقط استعراض عضلاتها لتخويف الإيرانيين قبل استمرار المفاوضات بينهم وبين الولايات المتحدة. وقال مصدر في الحرس الثوري لصحفي غربي: لا توجد أي فرصة لأن تهاجم إسرائيل الليلة، هذا كله مجرد تمثيل".

وورد في التقرير: "كان حاجي زاده هو الاسم الأول الذي سجلته إسرائيل على قائمة أهداف عملية "الزفاف الأحمر"، وهي قائمة تصفية لكبار الضباط في الجيش والحرس الثوري تم إعدادها بالتوازي مع قائمة العلماء (النوويين). احتوت القائمتان معا على حوالي 25 اسما، يجب تصفيتهم جميعا في نفس الوقت، في الضربة الافتتاحية، بالتوازي مع أهداف أخرى يسمح تدميرها باستمرار العملية"، ونقلت الصحيفة عن مصدر عسكري رفيع قوله: "كان واضحا أن من لا يتعرض للضربة في الموجة الأولى سيفهم أنه نجا بمعجزة وأن حياته في خطر، وسيختفي عنا".

وحسب "يديعوت أحرونوت"، فقد "وردت تقارير من الوحدة 8200، التي كانت تستمع إلى الهواتف المحمولة للحراس والسائقين، تفيد بأن الجنرال قد استنتج أنه أزعج نفسه ورجاله من دون داعٍ لحضور اجتماع طارئ في مخبأ القيادة للقوة الجوية للحرس الثوري، وأنه، كما كان يعتقد طوال الوقت، لا يحدث أي شيء، وأعلن هو وبقية كبار القادة لمرافقيهم أنهم سيغادرون قريبا ويتفرقون إلى أماكن مختلفة. وبينما كانوا يستعدون، صعد الجنرال من المخبأ للصلاة، وصعد بعض كبار الضباط أيضا".

كما "كان من الواضح للمراقبين في شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) أن الاجتماع سيتفرق خلال دقائق، وقد تفقد إسرائيل الزخم. فإذا اتجه الجنرال في اتجاه، ورئيس الاستخبارات في اتجاه آخر، وقائد سلاح الصواريخ في اتجاه ثالث، فسيكون من الصعب جداً على إسرائيل تحديد أماكنهم وتصفيتهم، وسوف يختفي الجنرال بالتأكيد إلى الأبد. كانت الطائرات الإسرائيلية قريبة جداً، وفي شعبة الاستخبارات وسلاح الجو كانوا يبحثون عن فكرة لإبقاء الضباط في المخبأ لبضع دقائق أخرى".

جدير بالذكر أن صحيفة "نيويورك تايمز" كشفت قبل يومين عن نتائج تحقيق الاستخبارات الإيرانية حول كيفية تمكن إسرائيل من تحديد أماكن أولئك القادة العسكريين الـ 25، والاستخباراتيين، والعلماء النوويين، ومعرفة أماكن تنقلاتهم، ورسم خرائط لروتينهم اليومي وترتيبات أمنهم، ومعرفة مكان وجودهم بالضبط في الساعة 02:55 ليلا، عندما كان من المقرر أن تُلقى القنابل. وتوصل الإيرانيون إلى استنتاج - أكدته مصادر إسرائيلية - بأن إسرائيل اكتشفت الحلقة الأضعف في الترتيب الأمني الضخم الذي أحاط بالأهداف التي كان من المقرر تصفيتها: حراسهم الشخصيون.

ووفق "نيويورك تايمز"، تمكنت إسرائيل من تتبع تحركات شخصيات إيرانية بارزة واستهدافها خلال المواجهة الأخيرة عبر تتبع الهواتف المحمولة التي كان يحملها أفراد من قوات أمنهم.

ووفقا لـ"يديعوت أحرنوت"، كانت الفكرة الأساسية في العمليتين هي بناء القدرة على تحديد أماكن ما بين 20 إلى 25 هدفا بشريا لضربهم جميعا في الضربة الافتتاحية للحملة، على افتراض أنهم سيتوخون الحذر لاحقا وسيكون من الأصعب بكثير ضربهم، و"كان من الواضح أن الأهداف ليست في مكان واحد، ولا يتبعون بالضرورة روتينا ثابتا. وأن جزءاً كبيرا سيكون في المنزل، وجزءا آخر ربما في الممتلكات الاحتياطية أو في أماكن غير متوقعة".

وبين التقرير، أن "هذه القدرة كانت بحاجة إلى الحفاظ عليها مع إنذار قصير جدا، أي معرفة مكان كل من هؤلاء العلماء والقادة في أي لحظة، إذ أن الحاجة إلى مراقبة مجموعة كبيرة كهذه في نفس الوقت، بينما معظمهم يخضعون لحراسة مشددة، هي مهمة مستحيلة من حيث جمع المعلومات الاستخباراتية".

ولفتت "يديعوت أحرونوت" إلى أن "نتنياهو أنشأ لجنة خاصة به، برئاسة القائم بأعمال رئيس مجلس الأمن القومي السابق، البروفيسور يعقوب ناغل، والتي أوصت، مثل سابقتها، بإيقاف جميع أنشطة "الموساد" وتحويل التخطيط للحرب الشاملة إلى الجيش الإسرائيلي"، مشيرة إلى أن "هذا القرار سمح بتحرير ميزانيات ضخمة لصالح التخطيط للعملية الجديدة. فما استغرق من "الموساد" 13 عاما ولم يخرج أبدا إلى حيز التنفيذ، استغرق من الجيش الإسرائيلي، وبشكل أساسي من شعبة الاستخبارات العسكرية وسلاح الجو، أقل من عامين".

وأورد التقرير: في المجال النووي، صدر توجيه من قيادة "أمان" للتركيز بشكل متزايد على مجموعة الأسلحة. كان من الواضح أن قدرات التخصيب لدى الإيرانيين مهمة لدرجة أن هجوما جويا مكثفا فقط يمكن أن يعالجها، وهي قدرة يشك كثيرون في ما إذا كانت إسرائيل تملكها. "لذلك، تم اتخاذ الخطوات اللازمة لتوفير معلومات استخباراتية لخطة هجوم جوي فعالة قدر الإمكان على المواقع الثلاثة، ولكن كان من الواضح أن هذا لا يكفي في يوم الصفر"، كما قال مصدر عسكري رفيع لـ"يديعوت أحرونوت". وفي ربيع عام 2024، قدم رئيس قسم العمليات في "أمان" نسخة أولية من الخطة لرئيس الوزراء نتنياهو.

و"هكذا وُلدت عملية "نارنيا"، وبناء على المعلومات الاستخباراتية الدقيقة حول ما يجري في إيران والقدرة التكتيكية-العملياتية التي بُنيت على مدار سنوات، قررت "أمان" أن تفعل شيئا يبدو خياليا: وضع خطة لتصفية علماء الأسلحة في إيران بهجوم جوي متزامن".

وتابع التقرير: "كانت الأهداف الأولى هم كبار العلماء، أولئك الذين أدى تتبعهم منذ أواخر عام 2022 إلى تقدمهم نحو قنبلة. في الاستعدادات للهجوم على إيران في أعقاب الهجوم على إسرائيل في أكتوبر، اقترح البعض تصفيتهم، لكن الوزير رون ديرمر رأى أن يتم العمل فقط في إطار ما وافق عليه الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن بوضوح.. "سيكون هذا هو الأساس الذي يمكننا من خلاله لاحقا أن نتوجه إلى ترامب، عندما يتم انتخابه، ونقول إنه في المرة القادمة يجب أن نفعل أكثر من ذلك بكثير".. وهكذا، ومنذ أكتوبر فصاعدا، تم العمل على قوائم العلماء المستهدفين بالاغتيال، واستخلاص الدروس من عمليات التصفية في غزة ولبنان، وأُجريت نماذج مشتركة لا تُحصى بين "أمان" وسلاح الجو. وفي الوقت نفسه، بدأت عملية "الزفاف الأحمر" تتشكل، حيث كان حاجي زاده، قائد سلاح الجو في الحرس الثوري، هو الهدف الأول في القائمة، ثم أضيفت أسماء أخرى".

وكان علي حاجي زاده هو "القائد الأعلى رتبة على قائمة استهداف إسرائيل، وذلك بسبب مكانته الرفيعة وقربه من المرشد، وأيضا بسبب الحساب المفتوح لإسرائيل معه، ولكن بشكل أساسي لأن هو ومساعديه المقربين كانوا في قلب قيادة وسيطرة منظومة الصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية، إذ قدّرت إسرائيل أن هذه المجموعة هي التي ستحاول إطلاق ضربة مضادة إيرانية بمئات الصواريخ على الأراضي الإسرائيلية رداً على الضربة الإسرائيلية"، حسب "يديعت أحرونوت".

وبين تقرير الصحيفة أن "أمان" وسلاح الجو "كانا يخططان لتصفية حاجي زاده في منزله في ساعات الصباح الباكر، ولكن حدث تطور غير متوقع: تلقى الإيرانيون معلومات من "حزب الله" تفيد باحتمال أن إسرائيل تخطط لشيء ما، فاستدعى حاجي زاده على الفور كامل فريقه القيادي الأمامي إلى المخبأ. عرف الإسرائيليون في "أمان" وسلاح الجو كيف يستوعبون هذا التغيير، وقرروا ببساطة تحويل مسار الطائرات إلى هناك. وأمر قائد سلاح الجو تومر بار بإضافة صف إضافي من القنابل الخارقة للمخابئ للتأكد من أن من يجلس في المخبأ لن يخرج منه حيا".

ولكن بعد ذلك، وكما ذُكر سابقا في التقرير، حدثت مشكلة أخرى. رأى حاجي زاده أنه لا يحدث شيء، واعتقد أن المعلومات كانت خاطئة، وقرر إنهاء الاجتماع الذي كان منعقدا في مقر قيادة القوة الجو-فضائية للحرس الثوري. كان من الواضح للإسرائيليين الذين كانوا يراقبونهم أنهم سيتفرقون قريبا، وبحث الجيش الإسرائيلي عن حل، خوفاً من فقدان الفرصة التي قد لا تعود لتصفيتهم جميعا. وبعد التشاور مع كبار قادته، ومناقشة عدة خيارات مختلفة، أمر بار ( تومر بار، قائد سلاح الجو الإسرائيلي) بالحل. في لحظة واحدة، قامت 140 طائرة تابعة لسلاح الجو بتشغيل أنظمة "تحديد الصديق من العدو" (IFF) الخاصة بها، بحيث ظهرت فجأة على شاشات الرادار في سلاح الجو الإيراني. تلقى حاجي زاده الخبر ونزل على الفور مع كامل فريقه القيادي إلى المخبأ، حيث لقوا حتفهم جميعا بعد دقائق قليلة، في الساعة 02:55، في عملية قصف دقيقة".

يقرأون الآن