حذّرت الحكومة اليمنية من تفاقم أزمة سوء التغذية في البلاد في ظل تراجع تمويل المانحين، ودعت المنظمات الأممية والدولية إلى تقديم مزيد من الدعم لتفادي كارثة إنسانية تهدد حياة آلاف الأطفال والنساء.
وقال نائب وزير التخطيط والتعاون الدولي نزار باصهيب، خلال اجتماعات عقدها في عدن مع قيادات من منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسف» وبرنامج الأغذية العالمي، إن اليمن يقف أمام ناقوس خطر يستدعي تحركاً عاجلاً وممنهجاً، استناداً إلى مؤشرات ميدانية مقلقة.
وأضاف أن مضاعفة الجهود الإنسانية والتنسيق الفعال مع الحكومة يمثلان شرطاً أساسياً لضمان استدامة التدخلات وتحقيق أثر ملموس، داعياً إلى مشاركة فاعلة في المؤتمر الدولي للأمن الغذائي المقرر عقده في أكتوبر المقبل.
ويواجه نحو 18 مليون شخص في اليمن الجوع الحاد، مما يفاقم مخاطر انتشار المجاعة في العديد من المناطق اليمنية، لا سيما المناطق الواقعة تحت سيطرة ميليشيات الحوثي.
وبحسب تقديرات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن، فإن أسرة واحدة من كل 5 أسر على الأقل ستواجه نقصاً شبه كامل في الغذاء والاحتياجات الأساسية الأخرى، مما يؤدي إلى زيادة تعرضها لخطر الوفاة جوعاً.
وأوضح المحلل السياسي اليمني، محمود الطاهر، أنه لا يمكن الحديث عن أزمة جوع حاد في عموم اليمن، حيث إن هناك تبايناً واضحاً بين المناطق المحررة والمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
وأكد الطاهر، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن المناطق المحررة شهدت خلال الفترة الماضية إصلاحات اقتصادية ملموسة ساعدت على تحقيق استقرار نسبي في المعيشة، منها تحسن سعر العملة الوطنية أمام الدولار، وانتظام صرف رواتب موظفي الدولة، مما وفر مظلة أمان أساسية لشرائح واسعة من المواطنين.
وأفاد أن الوضع مختلف تماماً في مناطق سيطرة الحوثيين، إذ يواجه السكان ضغوطاً خانقة نتيجة نهب الميليشيات مرتبات الموظفين منذ سنوات، وفرض جبايات باهظة وضرائب تعسفية، إضافة إلى مصادرة ممتلكات اليمنيين.
وشدّد الطاهر على أن الممارسات الحوثية تُعد السبب الحقيقي وراء تفاقم معاناة اليمنيين، وليس غياب الموارد، مؤكداً أن الأزمة الإنسانية في اليمن مرتبطة بشكل رئيس بعوامل سياسية وإدارية في مناطق الحوثيين أكثر من كونها أزمة انعدام موارد غذائية، وهو ما يجب أن يُسلط الضوء عليه بدقة.
من جانبه، أكد المحلل السياسي اليمني، موسى المقطري، أن نقص التمويل يمثل أحد الأخطار التي تواجه اليمنيين حالياً، إذ يعتمد عدد كبير بشكل كلي على المساعدات، مما يجعل نقص التمويل عاملاً مباشراً في ازدياد معاناة الملايين، وتفاقم الأزمات الصحية والغذائية والتعليمية بشكل قد لا يمكن احتواؤه لاحقاً.
وذكر المقطري، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن هذه المعاناة تتركز في مناطق سيطرة الحوثيين الذين يمارسون انتهاكات غير مسبوقة بحق اليمنيين، مؤكداً أن الآثار المترتبة على نقص التمويل الإنساني في اليمن تشمل ارتفاع معدلات الفقر والجوع، بسبب تقليص برامج الدعم الغذائي، في وقت أصبح ملايين اليمنيين غير قادرين على تأمين وجباتهم اليومية، مما يعني مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي.
وحذر من خطورة زيادة معدلات سوء التغذية لدى جميع الفئات، خاصة الأطفال والنساء الحوامل وكبار السن، مع ارتفاع احتمالية الوفاة في حال غياب التدخل العاجل، لافتاً إلى أن هذه المخاطر تحتم على المجتمع الدولي زيادة التمويل المخصص للاستجابة الإنسانية في اليمن لتلبية الاحتياجات المتزايدة للسكان، والانتقال إلى مربع الاستجابة العاجلة والمنسقة لتفادي كارثة إنسانية وشيكة تهدد حياة الملايين.