يجتمع وزراء خارجية الدول العربية والإسلامية، الأحد، في العاصمة القطرية الدوحة، لبحث مشروع قرار بشأن الهجوم الإسرائيلي الأخير على الدوحة، تمهيداً لعرضه على القادة في القمة العربية - الإسلامية الطارئة التي تستضيفها قطر، الاثنين.
يأتي ذلك بينما تتواصل الاتصالات بين وزراء خارجية الدول المشاركين في القمة لتنسيق المواقف بشأن المستجدات الإقليمية والدولية قبل بدء الاجتماعات الرسمية.
وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، إن «انعقاد القمة في ذاته هو رسالة جوهرها أن قطر ليست وحدها... وأن الدول العربية والإسلامية تقف إلى جوارها».
وأضاف، في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذه الاعتداءات الإسرائيلية للأسف هي نتيجة صمت المجتمع الدولي على جريمة الإبادة في غزة لعامين كاملين... وشعور قادة الاحتلال بأن بإمكانهم ارتكاب أي أفعال، والإفلات بها». وأكّد أبو الغيط أنه «يجب وضع حد لهذا الوضع المؤسف، لأن انهيار القانون الدولي سندفع ثمنه جميعاً بكل أسف».
ونقلت وكالة «الأنباء القطرية» عن مستشار رئيس مجلس الوزراء، المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية القطرية، ماجد بن محمد الأنصاري، قوله، السبت، إن «القمة سوف تناقش مشروع قرار بشأن الهجوم الإسرائيلي على دولة قطر، مقدم من الاجتماع التحضيري لوزراء خارجية الدول العربية والإسلامية، الذي سيعقد الأحد»، مشيراً إلى أن بلاده «تستضيف الاثنين القمة العربية - الإسلامية الطارئة، التي تعقد في ضوء التطورات الأخيرة في المنطقة».
وأضاف الأنصاري أن «انعقاد القمة العربية - الإسلامية في هذا التوقيت، له معانٍ ودلالات عدة، ويعكس تضامناً عربياً إسلامياً واسعاً مع قطر في مواجهة العدوان الإسرائيلي الجبان الذي استهدف مقرات سكنية لعدد من قادة حركة (حماس)، ويؤكد رفض هذه الدول القاطع لإرهاب الدولة الذي تمارسه إسرائيل».
وكانت قطر قد أعلنت، الخميس، عقد قمة عربية - إسلامية طارئة لمناقشة الغارة التي نفّذها سلاح الجو الإسرائيلي، الثلاثاء الماضي، على مقرات سكنية لقيادات من حركة «حماس»، وهو الهجوم الذي أدانته دول ومنظمات خليجية وعربية ودولية.
ومن المقرر أن تناقش القمة تداعيات الموقف والخطوات الواجب اتخاذها لمنع انزلاق المنطقة لمزيد من الصراعات. وأكّدت إيران مشاركة رئيسها مسعود بزشكيان في القمة، كما أكدت العراق مشاركة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني. وقالت الرئاسة التركية إن الرئيس رجب طيب إردوغان سيزور الدوحة الاثنين.
وفي إطار «التنسيق المشترك» بين دول الإقليم، قبل انعقاد القمة العربية - الإسلامية الطارئة بالدوحة، أجرى وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، اتصالات هاتفية مع نظرائه في السعودية الأمير فيصل بن فرحان، وفي تركيا هاكان فيدان، وفي باكستان محمد إسحاق.
وتناولت الاتصالات «تقييم الأوضاع الراهنة»، بحسب إفادة رسمية لـ«الخارجية المصرية»، السبت، أشارت إلى أن الاتصالات جرى خلالها تبادل وجهات النظر حول سبل التعامل مع التحديات السياسية والأمنية الجسيمة التي تواجه المنطقة وتداعيات الأحداث الأخيرة. وشدّد الوزراء على «أهمية تضامن الدول العربية والإسلامية في هذا المنعطف الخطير الذي تمر به المنطقة، وضرورة مواصلة تنسيق المواقف في المجالات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية، بما يحقق المصالح العربية والإسلامية، ويسهم في تحقيق الأمن والاستقرار بالمنطقة».
عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، السفير محمد حجازي أكد أن «القمة تأتي في توقيت شديد الخطورة والحساسية بعد الهجوم الإسرائيلي على قطر، في مشهد أدانه المجتمع الدولي»، مشيراً في هذا الصدد إلى إدانة مجلس الأمن للهجوم في «جلسة غير مسبوقة».
وأضاف حجازي لـ«الشرق الأوسط» أن «القمة ستكون على أجندتها أمور عدة، على رأسها الهجوم الإسرائيلي على قطر، إضافة إلى التأكيد على التمسك بحلّ الدولتين ورفض تهجير الفلسطينيين، كونه يهدد الاستقرار الإقليمي»، موضحاً أن «القمة ستوجه رسالة للأسرة الدولية، مفادها التأكيد على رفض ممارسات التهجير الممنهج التي ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني».
وندّد مجلس الأمن، الجمعة، بالهجوم الإسرائيلي على الأراضي القطرية، ونصّ في بيان لم يذكر إسرائيل بالاسم على أن أعضاءه «يعبرون عن تنديدهم بالغارات الأخيرة في الدوحة، وهي أرض وسيط رئيسي».
وأشار عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية» إلى أنه «من المنتظر أن تؤكد القمة على أهمية تنفيذ خطة التعافي المبكر وإعادة الإعمار كونها البديل الوحيد للتهجير»، متوقعاً أن «تشهد القمة مناقشة للقرار الصادر من (الجامعة العربية) أخيراً، بمبادرة سعودية - مصرية بشأن الرؤية المشتركة للتعاون والأمني الإقليمي». وتوقع أن تلي القمة اجتماعات محدودة، وأخرى على المستوى التنفيذي، تستهدف إصدار إعلان سياسي يضع أسس ومبادئ الأمن والتعاون الإقليمي في المنطقة.
وأكّد مصدر دبلوماسي عربي أن الرؤية المشتركة للأمن والتعاون الإقليمي، التي اعتمدها وزراء الخارجية العرب في اجتماع بالقاهرة أخيراً بمبادرة سعودية - مصرية، ستكون موضع نقاش بين القادة المشاركين في القمة، كونها تضع أساساً للتعاون في المنطقة، وترسم خريطة طريق لتحقيق الأمن الإقليمي.
وتضمنت الرؤية العربية المشتركة للأمن والتعاون في المنطقة، التي اعتمدها مجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري، مطلع الشهر الحالي، «التأكيد على ضرورة العمل على إنهاء احتلال إسرائيل للأراضي العربية، وعدم إمكانية التعويل على ديمومة أي ترتيبات للتعاون والتكامل والتعايش بين دول المنطقة، في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي لبعض الأراضي العربية أو التهديد المبطّن باحتلال أو ضم أراضٍ عربية أخرى».
فيما أشارت مصادر دبلوماسية عربية، تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «القمة تستهدف تنسيق المواقف بشأن الانتهاكات الإسرائيلية، والتأكيد على التضامن مع قطر عقب الهجمات الأخيرة، وتقديم رسالة تضامن عربي وإسلامي مع قطر، مع توجيه رسالة للعالم تؤكد رفض الممارسات الإسرائيلية».
وعوّلت المصادر على نتائج زيارة رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن، للولايات المتحدة ولقائه مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، مشيرة إلى أن «الإدانة الدولية والأميركية للممارسات الإسرائيلية ستعزز المواقف العربية والإسلامية، وتزيد من قوتها، ما يجعلها قوة ضغط لوقف تجاوزات دولة الاحتلال».
واستضاف ترمب، في نيويورك، الجمعة، رئيس الوزراء القطري على العشاء، وانضم إليهما المبعوث الأميركي الخاص، ستيف ويتكوف. وذلك عقب اجتماع استغرق ساعة، جمع رئيس الوزراء القطري، ونائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس، ووزير الخارجية ماركو روبيو، في البيت الأبيض.