أعلنت وزارة الحرب الأميركية، عن موافقة الإدارة الأميركية على حزمة مساعدات عبر "سلطة السحب الرئاسي" مخصصة للبنان، بقيمة تقديرية تبلغ 14.2 مليون دولار.
وتهدف الحزمة إلى تعزيز قدرات الجيش اللبناني وتمكينه من تفكيك مخازن الأسلحة والبنى التحتية العسكرية التابعة للمجموعات غير النظامية، وفي مقدّمها "حزب الله"، فهل تكون عاملاً مساعداً لخطة الجيش بـ "حصر السلاح" في يد الدولة؟
يرى العميد المتقاعد خليل الحلو في حديثه لـ"وردنا" أن موازنة الدفاع بالدولة 90% منها تتجه نحو الرواتب، و10% تسير نحو اتجاهات مختلفة كالطبابة، والصيانة.
وعن سبب ضآلة المساعدات التي كانت تصل إلى الجيش من قبل الولايات المتحدة الأميركية بين عام ١٩٩٠ و٢٠٠٨، يجيب الحلو أنّه في عهد الرئيس إميل لحود تلقّى الجيش مساعدات من نوع "الملالات، والشاحنات، وسواها من المعدات غير المسلحة". حتى الملالات التي وصلت في تلك الحقبة أثارت جدلاً واسعاً آنذاك، بسبب الإصرار على أن تتضمّن هذه المساعدات رشاشات.
العميد المتقاعد خليل الحلو
ويُضيف أنّ المساعدات للجيش في تلك الفترة اقتصرت فقط على ضمان قدرته على الحركة المحدودة. غير أنّه ابتداءً من عام ٢٠٠٨ تغيّرت نوعية المساعدات الأميركية، وبدأت فعلياً بالتصاعد ولو بشكل تدريجي.
ويُذكّر الحلو بأنّ الجيش خاض معركة نهر البارد باللحم الحي، وخلال هذه المعركة عام ٢٠٠٧ برز اهتمام أميركي كبير بالجيش وبضرورة تطويره، حيث جرى تزويده بالذخائر وبدأت المساعدات الأميركية تتقدّم شيئاً فشيئاً على الصعيد العسكري، بحيث بلغت في تلك المرحلة حدود الـ٦ ملايين دولار.
ويتابع أنّه في ذلك الوقت حصل الجيش على تجهيزات عسكرية شاملة، من العتاد إلى الطيران، وهذا الدعم ما زال مستمراً حتى اللحظة، وهو غير مرتبط إطلاقاً بسلاح حزب الله.
يكشف الحلو أنّ القدرة العملانية للجيش اللبناني في عام ٢٠٢٥، سواء من ناحية القوة العسكرية عبر العتاد أو من ناحية العديد، تبدو مختلفة بشكل واضح إذا قارنّاها بوضعية الجيش في السابق. ويؤكّد أنّ أغلب هذه الإمكانيات التي يمتلكها الجيش اليوم تعود أساساً إلى المساعدات الأميركية، إضافةً إلى المساعدات البريطانية، والألمانية، والهولندية، والإيطالية، في حين تبقى الأهم بينها المساعدات العربية.
تقوم الدول العربية والأوروبية بتقديم هذه المساعدات لأن الجيش اللبناني يمثل عامل استقرار كبير للبنان، كما يمثل عامل استقرار لها، وبحسب الحلو، فمن دون هذه المساعدات الاستقرار سيتأثر بشكل سلبي حكماً، وعلى هذا الأساس تبقى التنظيمات المتطرفة في لبنان غير قادرة على التحرك بشكل مطلق، وذلك منذ العام، ناهيك عن مساهمة الجيش بتخفيض موجة النزوح السوري إلى أوروبا.
ويشير الحلو الى أنّ "المساعدات حيوية بالنسبة للبنان، وتخدم مصلحته لأن لا خيار آخر سواها".
وفي موضوع حصر السلاح، يؤكد أنه تم التلويح من قبل الولايات المتحدة الأميركية والمجتمع الدولي بتوقيف هذه المساعدات في حال لم تتجاوب الدولة مع هذا المطلب، ووفقا لذلك، كان القرار الأميركي الأخير بمساعدة الجيش أمنياً بـ" 17 مليون دولار".
وتابع: "هذه المساعدات ستستمر بشكل متصاعد إلى حين يكون لبنان قادراً على تأمين قدرات الجيش التسليحية بتمويل من ميزانيته؛ ومن دونها لا يستطيع لبنان أن يستمرّ بتنفيذ خطة حصر السلاح".
ويشدّد الحلو على أن الجيش يحتاج إلى المزيد من العديد ليتمكن من تطبيق خطة "حصر السلاح". فالحاجة الأساسية لتنفيذ هذه الخطة هي وجود العسكر، والعسكر بحد ذاته بحاجة إلى موازنة تضمن له القدرة على الإنتاج والاستمرارية. ويُضيف أنّ الولايات المتحدة الأميركية، في ما يتعلق بتمويل الموازنات والرواتب، لا تستطيع أن تقدّم المساعدة المباشرة للدولة، فيما يبقى هذا الجانب هو ما يحتاجه الجيش ليس فقط لتطبيق خطة "حصر السلاح" فحسب، بل من أجل استمراريته بشكل عام، لا سيّما وانّ مهمّته ليست مرتبطة فقط بالجنوب، إنما بالحدود اللبنانية – السورية، والمخيمات الفلسطينية.
وانتقد الحلو من ينظّر بأن الجيش اللبناني غير قادر على ضبط الأمن والردع، وقال: "من ينطق بهذا الكلام هو نفسه من خاض حرب خاسرة مع إسرائيل، دُمّرت من خلالها مدن وقرى بيئته، ومخازن الأسلحة، واستهداف قادته".
ويختم الحلو حديثه لـ "وردنا" قائلاً: "الجيش اللبناني كما باقي الجيوش لديه معدات كبيرة وثقيلة، والبرهان على ذلك المسيّرات التي استخدمها الجيش بمطاردة تجار المخدرات في بعلبك، أما "الحزب" لا يمتلك صواريخ مضادة للطائرات، ولا طائرات؛ فعلياً لم يعد يمتلك سوى الرشاشات والصواريخ التي لم تعد تنفع أمام القدرة العسكرية الإسرائيلية".
من ناحيته، يشير العميد المتقاعد فادي داوود لـ "وردنا" إلى أن ميزانية الجيش اللبناني هي قائمة على المساعدات، وليست قائمة على ميزانية الدولة باعتبار أن هذه الميزانية بالكاد تساوي الرواتب والمصاريف الأساسية، فلا يوجد في الجيش ميزانية للتسليح أو التسلح حتى ميزانية صيانة الآليات تعتبر ضئيلة جداً. لذلك يعتبر داوود انّ "المساعدات سواء كانت أميركية أو أوروبية هي فعالة للغاية ومهمة جداً للجيش، خصوصاً لصيانة الآليات".
وكشف داوود أن قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل اتخذ قراراً بألّا يدخل الجيش بصدام داخلي، أو يخوض عملية عسكرية ينتج عنها مواجهة داخلية، أمّا بالنسبة للمساعدات فقد تكون عاملاً مهماً وأساسياً في مهمات الجيش العسكرية والعملياتية لمرحلة متقدمة جداً.
العميد المتقاعد فادي داوود
ويختم داوود حديثه لـ "وردنا" قائلاً:" من المفيد أن نذكّر بأن الجيش اللبناني في ضبط الحدود أدى دوراً أساسياً وفعالاً سواء من ناحية بناء الأبراج، وتزويدها بالكاميرات والحساسات وهذه تساعده أيضاً بـ "خطة حصر السلاح" عبر ضبط المخازن من خلال تقنيات متطورة لكي لا تعرّض العنصر البشري في الجيش للـ "الكشف والخطر المباشر".