خاص

في خضم الصراع المستعر في الشرق الأوسط منذ عقود يقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على مفترق طرق تاريخي من خلال الموقف الإسرائيلي المؤيد لخطة ترامب لحكم غزة بعد الحرب، حيث كان الاجتماع بين نتنياهو وترامب حاسماً بشأن الموافقة الإسرائيلية على خطة إنهاء الحرب بعد عامين تقريبا من "الطوفان".

هذه الخطّة المكونة من 21 بندًا لإنهاء الحرب لم تعد مجرد ورقة على الطاولة، بل أصبحت ساحة صراع دبلوماسي وسياسي، حيث تتقاطع الطموحات الإسرائيلية مع الضغوط الأميركية، بينما تترقب حماس والمجتمع الدولي كل خطوة بحذر.

أمّا السؤال الأبرز، فهو عن الدور التركي في هذه الخطة ومخرجاتها، خصوصاً بعد اللقاء الذي جمع كلّ من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض خلال الأيام الماضية، حيث ناقش الطرفان حزمة واسعة من الملفات الإستراتيجية، بدءا من التعاون الدفاعي وصفقات التسليح والتجارة، وصولا إلى القضايا الإقليمية مثل الحرب على غزة، التي كانت حاضرة على طاولة النقاش رغم تباين موقفي البلدين. فأنقرة تواصل انتقادها الشديد لإسرائيل، بينما تؤكد واشنطن تحالفها معها، مع سعي إدارة ترامب إلى الوساطة لوقف القتال. ورغم الخلافات، شدد الطرفان على أهمية وقف الحرب وحماية المدنيين ودعم الجهود الإنسانية في القطاع.

الخبير في الشؤون التركية محمد نورالدين يشير في حديثه لـ"وردنا" إلى أن تركيا كعضو في حلف الشمال الأطلسي، ومن خلال علاقتها الجيّدة مع كلّ من الولايات المتحدة الأميركية وحركة حماس، يختلف دورها عن بقيّة الأطراف المعنيّة بالوضع في الشرق الأوسط والحرب في غزة تحديدا.

ويعتبر نورالدين أن مقاربة تركيا للوضع في غزّة، فيها كثيرٌ من الالتباس وعدم الوضوح. على سبيل المثال، ومن أجل الحفاظ على علاقتها مع أميركا وترامب تحديداً، ومن أجل مواجهة خصومها في المنطقة وهم كثر تمارس، تمارس تركيا لعبة مزدوجة. ويشير الى انّ "جوهر الموقف التركي هو الدعم الكامل للقضية الفلسطينية ولحركة حماس في غزة، ولكن نظريّاً ليس هناك أي موقف عملي ضد إسرائيل ونتنياهو والولايات المتحدة الأميركية".

ويؤكد نور الدين أن "الموقف التركي عمليّاً هو مع ما تمضي به الولايات المتحدة الأميركية، وهي لا تستطيع تجاوز السقف الأميركي الأطلسي في الموقف مما يجري في غزة والشرق الأوسط عموماً، لذلك كانت تركيا في موقف الداعم بقوّة لخطة ترامب للسلام في غزة".

خلال الساعات الماضية، صرّح الأتراك بأنهم سيقدّمون كل ما يستطيعون، وسيُساهمون بشكل مباشر في إنجاح خطة ترامب في غزة، على الرغم من أن هذا الأمر يبدو مستغرباً بعض الشيء، إذ إن الخطة لا تقوم على "حلّ الدولتين"، وتنصّ على إخراج حماس نهائياً من غزة. فهل تؤيّد تركيا فعلاً هذا الطرح؟

يكشف نورالدين أن هذا الأمر هو موضع نقاش فعلي حتّى في الداخل التركي، لأن هناك اعتراض على الموقف الرسمي التركي من هذه الخطة ولا يمكن اعتبار الموقف التركي عامل ضاغط لتنفيذ خطة ترامب على حساب الحقوق الفلسطينية وموقف حماس تحديداً في غزة.

وتابع: تركيا تسعى عمليّاً من خلال رئيس استخباراتها إبراهيم كالن لكي تضغط على حماس للقبول بخطّة ترامب، والذريعة التركية في هذا الضغط أن الأولويّة هي لوقف اطلاق النّار في غزة، وبالتالي وقف "الإبادة" بمعزل عن مضمون الخطّة السياسيّة التي ستلي وقف النّار.

ويختم نورالدين حديثه لـ "وردنا" بأن "هذا الموقف ليس مقبولاً من قبل حماس لأن وقف إطلاق النار بحد ذاته ليس هدفاً، بل خطة وقف النار وواقع غزة ما بعد الحرب يبقى الأساس، والخطّة تنص على إخراج قادة حماس من غزّة وبالتالي الموقف التركي الآن هو في موقع الضاغط على حماس للقبول بالخطّة ولكن هل ينجح بذلك؟

يقرأون الآن