مقالات آخر تحديث في 
آخر تحديث في 

خاص "وردنا"- نهاية الحرب في غزة.."حماس" دفعت الفاتورة الأكبر

خاص

في السابع من أكتوبر 2023، نفّذت حركة حماس هجوما واسعاً على إسرائيل، أطلق شرارة حرب غير مسبوقة، قلبت من خلالها المعادلة الإقليمية رأساً على عقب إلى حدّ بات يدرك من خلاله الجميع أن كلّ شيء بعد السابع من أكتوبر لم يعد كما قبله حتى في إسرائيل التي خرجت من هذه المواجهة أقوى من قبل.

أما في التاسع من أكتوبر 2025، توصل الطرفان إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الرهائن والأسرى وإدخال المساعدات، مما ينهي المواجهة الدامية، التي خلّفت آلاف الضحايا وخسائر مادية لا تحصى. وبعد عامين من القتال والخسائر الهائلة، تبرز الأسئلة حول حصيلة هذه المواجهة: ماذا حققت حماس من 7 أكتوبر؟ ما هي "الفاتورة" التي دفعتها بموافقتها على وقف إطلاق النار؟ هل وقف إطلاق النار لبّى الأهداف الأساسية التي بموجبها قامت حماس بعملية 7 أكتوبر؟

الهدف الأول والأساسي الذي سعت إليه حماس من خلال هجوم 7 أكتوبر كان تعطيل اتفاقيات السلام بين إسرائيل ودول المنطقة لاسيما الدول العربية، وكان ثمن ذلك أنها ارتمت بأحضان المحور الإيراني، وهذا ما أدى إلى التعجيل في عزلتها السياسيّة إن كان على الصعيد العربي أم الدولي.

غير أنّ هدف تعطيل اتفاقيات السلام مع إسرائيل لم يتحقق، إذ أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن مسار السلام في المنطقة سيُستأنف من جديد وعلى نطاق أوسع، ما يعني أن العملية لم توقف المشروع، بل ربما سرّعت إعادة صياغته وفق توازنات جديدة.

الهدف الثاني كان تعزيز موقع حماس السياسي والعسكري، وإظهارها كقوة فلسطينية قادرة على فرض معادلات جديدة. لكن النتيجة جاءت معاكسة تماما، إذ أدت الحرب إلى إبعاد الحركة عن الحكم في غزة، وسط حديث متزايد عن نفي قياداتها إلى الخارج، إضافة إلى تراجع التأييد الشعبي داخل القطاع بعد أن أثقلت الحرب كاهل السكان بالدمار والمعاناة. وعلى المستوى الدولي، وجدت حماس نفسها في عزلة شبه تامة، مع تراجع أي دعم سياسي مباشر لقادتها.

أما الهدف الثالث، فتمثل في إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية، فيما روجت الحركة لمفهوم "تبييض السجون". لكن الواقع أتى مغايرا تماما، فقد ارتفع عدد الأسرى الفلسطينيين بعد السابع من أكتوبر إلى أكثر من 16 ألفا، بينما لا يُتوقع أن يفرج اتفاق غزة إلا عن عدد محدود جدا من المعتقلين.

أما المفاجأة هي على صعيد حماس التي وافقت خلال المفاوضات مع إسرائيل على الإفراج عن جميع الأسرى الإسرائيليين دفعة واحدة لإنهاء الحرب في غزة، وعلى هذا الأساس تم الاتفاق بين الطرفين فيما يتعلق بتسليم الرهائن. دون أن ننسى أنه من ضمن الأسرى الفلسطينيين الذي طالبت فيه حماس بشكل أساسي، هو مروان البرغوثي وهو ما كرّرت إسرائيل رفضه منذ السابع من أكتوبر 2023 إلى إعلان وقف إطلاق النار في غزّة، كما أن إسرائيل رفضت إعطاء حماس جثمان يحيى ومحمد السنوار.

الهدف الرابع كان تحقيق انتصار عسكري ومعنوي ساحق ضد إسرائيل. غير أن حصيلة الحرب جاءت عكسية، إذ قُتل معظم قادة حماس العسكريين والسياسيين، وتعرضت بنيتها التنظيمية للتفكيك الممنهج، مما جعل الحركة تخسر قدرتها على السيطرة الميدانية التي كانت تملكها قبل الحرب؛ ناهيك عن ملاحقة شبح الموت لقياداتها في الخارج بعد الهجوم الإسرائيلي على الدوحة ومحاولة استهدافه لقيادة حماس في قلب قطر.

وهذه الحصيلة جعلت القيادي في حركة حماس موسى أبومرزوق يعترف في إحدى مقابلاته بأن "لو كنا نعلم بأن 7 أكتوبر كان سيؤدي إلى هذا الدمار وهذه الخسائر لما قمنا به".

بينما تمثل الهدف الخامس في فك الحصار عن غزة ووقف الاستيطان في الضفة الغربية. إلا أن الحصار بقي قائما، بل ازدادت القيود الإنسانية والاقتصادية قسوة. وعلى الأرض، تقلصت مساحة غزة الفعلية بفعل العمليات العسكرية الإسرائيلية، في حين أعلنت إسرائيل مشروع "E1" لتوسيع الاستيطان في الضفة الغربية، ما يعني أن أحد أبرز شعارات الحرب تحول إلى نتيجة معاكسة تماماً.

لا شك أن حركة حماس حققت نقطة أساسية في الحرب وجوهرية، وهي إعادة القضية الفلسطينية إلى الواجهة الدولية، غير أن هذا "الانتصار الرمزي"، إن صحت تسميته كذلك، جاء على حساب دماء نحو 70 ألف شخص ومأساة إنسانية غير مسبوقة في تاريخ القطاع؛ فحركة حماس التي كانت تطالب منذ 7 أكتوبر بانسحاب إسرائيل من الأراضي الفلسطينية المحتلة، ووقف حصار غزة المفروض عليها منذ العام 2005، وقعت اتفاق وقف إطلاق النار تحت سقف إنهاء "الإبادة الإسرائيلية" في غزة ولكن بشروط إسرائيلية.

ما أكده وقف إطلاق النار في غزة، ومسار المفاوضات التي حصلت بين حماس وإسرائيل أن الأهداف التي أعلنتها حماس في السابع من أكتوبر، والنتائج التي فرضتها الوقائع بعد عامين من الحرب، تسير في اتجاهين متعاكسين فبدلا من كسر الحصار أو تغيير المعادلات الإقليمية، وجدت الحركة نفسها أمام عزلة سياسية، وانهيار ميداني، وخسائر بشرية فادحة.

يقرأون الآن