دخل لبنان مرحلة الخطر الجدّي بإجماع محلي ودولي، حيث تتقاطع الاستنتاجات حول احتمالية ضربة عسكرية إسرائيلية لحزب الله، باتت على مسافة قريبة من أن تدخل حيّز التنفيذ باعتبار أن حزب الله يعيد انتاج قدراته العسكرية تحضيراً لمواجهة مع إسرائيل. هذا الأمر لا يخفيه "الحزب" حيث أنه لطالما يؤكد سواء من خلال قيادييه أو نوابه بأن الحزب يتعافى ويستعيد قدراته حتى أنه مستعد للمواجهة مع إسرائيل في حال حدوث ضربات أو هجوم برّي على المناطق المحرّرة كنموذج "بليدا" على سبيل المثال.
هذه العوامل وسواها تؤكد كما التحذيرات الدولية بصورة خاصة أن حزب الله في حال استمرّ في تعنّته واصراره على التمسُّك بالسلاح ورفضه لأي حل سياسي مع إسرائيل لاستقرار الحدود؛ فقطع رأس "الحزب" سيكون الأساس لإسرائيل، ومبرّر هذا الأمر فشل الدولة اللبنانية في حسم ملف "نزع سلاح حزب الله" بالرغم من إصرار الحكومة برئاسة نواف سلام على استكمال مهامها في تطبيق خطة الجيش وهذا يؤكده الموقف الأميركي بشكل مباشر.
وكان المبعوث الأميركي توم برّاك أول المحذرين باستمرار تعنُّت "الحزب" برفضه لمسار تسليم السلاح وقيام دولة في لبنان وعواقب هذا التعنُّت، وكان آخر الرسائل التي وجهها برّاك للبنان أن إسرائيل قد تتحرك منفردة إذا لم ينزع لبنان سلاح حزب الله، ولكن في المقابل أطلّ في مقابلة تلفزيونية مؤكداً أن حزب الله في لبنان بات في وضع ضعيف سياسيا وعسكريا، داعيا إلى مسار تدريجي لنزع سلاحه.
وأوضح المبعوث الأميركي السابق: "الحزب حاليا في أضعف حالاته سياسيا، ربما ليس بنفس مستوى ضعفه قبل ستة أشهر، لكنه لا يزال ضعيفا، فالشعب لم يعد يريده، أما عسكريا، فأصف وضعه بأنه ضعيف جدا لمحاربة إسرائيل، لكنه قوي بما يكفي لمحاربة لبنان".
اللافت في ما قاله هوكستين أن الحكومة اللبنانية صوتت على قرار لنزع سلاح الحزب، والآن يجب تنفيذ القرار، ولكن من دون ضغط مفرط على النظام خوفا من انهياره أو اندلاع حرب أهلية، والجدول الزمني المعقول للتوقعات هو عدم وجود أسلحة ثقيلة جنوب نهر الليطاني، ثم البدء بإزالة الصواريخ بعيدة المدى، ثم الانتقال إلى الصواريخ متوسطة المدى".
ولكن هل هذا يعني بأن هناك انقساما داخل الإدارة الأميركية، أم أن هناك توجها أميركيا للاسراع في المفاوضات بين لبنان وإسرائيل للتخفيف من وتيرة الحرب؟!
الصحافي أسعد بشارة يؤكد في هذا الصدد خلال حديثه لـ "وردنا" بأن أموس هوكستين ينتمي إلى الإدارة السابقة، أي إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن والرأي الذي أدلى به لا يعكس موقف إدارة الرئيس دونالد ترامب.
ويلفت بشارة إلى أن الإدارة الأميركية تُعبّر عن مواقفها من خلال مبعوثيها الرسميين ومن خلال السياسة الخارجية، أي عبر وزير الخارجية والرئيس الأميركي مباشرة.
ويشدد على أن الموقف الأكثر وضوحًا في التعبير عن توجهات الإدارة الأميركية هو ما صدر عن أورتاغوس والموفد الأميركي توماس برّاك، التي باتت توحي بأن هناك تصعيدًا في اللهجة تجاه لبنان، وتحميله مسؤولية المماطلة في تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، وهذا يعني أن هناك تفهمًا أميركيًا للتصعيد الإسرائيلي، الذي ربما ينتقل إلى مرحلة أكثر خطورة.
ويختم بشارة حديثه لـ "وردنا" مشيراً إلى أن "الأجندة الأميركية تجاه لبنان واضحة؛ إذ تسعى الولايات المتحدة إلى تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، وترسي مفاوضات من أجل ترسيخ الاستقرار على طرفي الحدود كمرحلة أولى، وعلى هذا الأساس تدخل الدولة اللبنانية الآن في مرحلة هي الأصعب في تعاملها مع التطورات المحتملة.


