خاص

بينما تخطو دمشق نحو ترتيب مقعدها على خريطة التحالفات، وتدفع باتجاه المحور الأميركي بعد نحو 60 عامًا من القطيعة، لايزال لبنان يعيش في المنطقة الرمادية؛ فمنذ سقوط نظام بشار الأسد في سوريا والمشهد الإقليمي والدولي يتبدّل بشكلٍ جذري، فأين لبنان مما يجري وما انعكاس هذا التحوّل سياسيًا؟ هل سيبقى متفرجًا أم سيخوض دورًا فاعلًا؟

دوافع دمشق وخياراتها الجديدة

"الشرع قائد قويّ للغايّة، وأنا معجب به" بهذه الكلمات وصف الرئيس الأميركي دونالد ترامب الرئيس السوري أحمد الشرع عند لقائه في البيت الأبيض، إذ وُصفت زيارة الشرع بالتاريخية بعد سنوات من القطيعة اتجاه دمشق إبان حكم الأسدين في سوريا، في حين يسعى الشرع إلى رفع جميع العقوبات المفروضة على بلاده، وإقناع المجتمع الدولي بالمشاركة في جهود إعادة إعمار سوريا والاستثمار بها، بعد صراعٍ دامٍ عاشته البلاد لما يزيد عن 13 عامًا، إضافةً إلى تغيير دمشق موازين القوى في المنطقة؛ ولكن "كل هذه التبدّلات السياسية مؤقتة" بحسب الأمين العام للمؤتمر الدائم للفيدرالية الدكتور ألفرد رياشي، إذ صرّح "لوردنا": "أنّ هذه المرحلة انتقالية كما كان النفوذ الشيعي مسيطرعلى المنطقة سابقًا واليوم نحن بحالة تبدُّل سُني أو ما يسمى بالمرحلة السياسية السُنية، ولكن هناك مهمة صعبة تواجهها حكومة دمشق في أن توازن علاقتها مع المحور الأميركي من جهة وإيران وروسيا من جهةٍ أخرى على الرغم من العلاقات الجيدة القائمة بين حكومة دمشق وموسكو".

وأضاف أنّ "حكومة الشرع تحاول بناء علاقات مع الولايات المتحدة والدول الكبرى، ولكن يرى أنّ هناك مشكلة بناء ثقة بين حكومة دمشق والحكومات الغربية رغم إزالتهم من على لوائح الإرهاب، وبناءً عليه لا اتوقع أن تطول مرحلة حكمهم في سوريا".

لبنان والفرصة الضائعة

بات المشهد في لبنان اليوم مُبهم المعالم، ويترافق ذلك مع ما تشهده المنطقة من تطورات إقليمية متسارعة، إذ أكد الدكتور ألفرد أنّ "هناك فرصة كبيرة اليوم للسلام أمام لبنان والذي كثيرًا ما حاولنا التعويل عليه، ولكن للأسف المعنيين في لبنان ضعيفي التجاوب أمام أهمية المرحلة، والخوف الأكبر من إضاعة هذه الفرصة، والأجدر تفعيل علاقة جيدة مع الولايات المتحدة ضمن استراتيجية الربح للطرفين، وإعادة تفعيل أيضًا دور الحوار والسلام للبنان أمام العالم، فمرحلة ربط لبنان بوصايات ودول أخرى قد انتهت، والعلاقة مع سوريا اليوم يجب أن تكون علاقة حيوية وحسن جوار بين البلدين".

مرحلة حساسة

أوضح الرياشي أن "لبنان بات يمر بمرحلة حساسة جدًا، ويفقد أصدقاءه من الدول، الواحدة تلو الأخرى، مؤكدًا أن أهم صديق لدينا الآن هو الولايات المتحدة، ويجب اتخاذ خطوات إصلاحية واستراتيجية سريعة، وإذا لم تُتخذ الإجراءات اللازمة، سيصبح لبنان معزولًا تمامًا".

ونوّه بأن "المطلوب دوليًا من لبنان هو الحفاظ على الحياد السياسي، وإجراء الإصلاحات السياسية والاقتصادية اللازمة، وحل مسألة سلاح حزب الله، وفتح قنوات للسلام في أسرع وقت ممكن، وإعادة تفعيل العلاقات الدولية".

وبينما تتبدّل موازين القوى الإقليمية، على لبنان أن يختار طريقه بوضوح، إما الانخراط الفاعل ضمن التحولات الجديدة أو مواجهة عزلته المتزايدة، فالفرصة أمامه محدودة والزمن ليس في صالحه".

يقرأون الآن