أكد رئيس الجمهورية في كلمة ألقاها عشية عيد الاستقلال أن الاستقلال ليس حدثاً عابراً أو ذكرى من الماضي، بل هو “حقيقة حيّة صُنعت بدماء شهداء سقطوا على طريق طويل من التضحيات”، مشدداً على أن الثاني والعشرين من تشرين الثاني ليس سوى يوم واحد في رزنامة هذا النضال الوطني.
وأشار عون إلى أن حديث الاستقلال يبدأ من مواجهة الحقيقة، ومن حيث تُختبر قيمة الدولة ومعنى السيادة، معتبراً أن درب الاستقلال الحقيقي ينطلق من حضور الدولة لا غيابها، ومن سيادتها لا ازدواجيتها، ومن تحرير كل شبر من الأراضي اللبنانية.
واعتبر أن لبنان أخطأ في إدارة استقلاله، لافتاً إلى أن عوامل خارجية دفعت البلاد إلى حروب معقدة قبل خمسين عاماً، انتهت باتفاق الطائف، إلا أن لبنان وقع لاحقاً تحت وصاية خارجية جديدة شوّهت مسار هذا الاستقلال، قبل أن يدخل مجدداً في صراعات المحاور الإقليمية التي حاولت توظيفه ورقة في صراعات النفوذ.
وأوضح أن لبنان يمر اليوم بمرحلة مصيرية تشبه مرحلتي الاستقلال الأول والثاني، وسط تحولات إقليمية ودولية عميقة، مشيراً إلى وجود انطباعين متناقضين داخل البلاد، أحدهما ينكر التغييرات الجذرية التي شهدتها المنطقة، والآخر يذهب إلى الاعتقاد بزوال مكوّن لبناني أساسي، معتبراً أن كلا الموقفين يمثلان حالة إنكار خطرة ومجافية لجوهر الميثاق الوطني.
وشدد عون على أن اللبنانيين تعبوا من غياب الدولة ومشاريع الدويلات، وأن الحياة لم تعد ممكنة في ظل اللادولة، مؤكداً أن المسألة لا تقتصر فقط على حصر السلاح وقرار السلم والحرب بيد الدولة، رغم أهمية ذلك، بل تتعداه إلى حصر ولاء اللبناني لوطنه وانتمائه الدستوري لدولته، بهدف إعادة ترسيخ ثقافة الدولة كنهج حياة وسلوك يومي.
وختم مؤكداً أن تجديد الاستقلال يتطلب إرادة وطنية جامعة تعيد الاعتبار للدولة كمؤسسة سيادية ضامنة لوحدة اللبنانيين ومستقبلهم.


