مقالات

خاص "وردنا"- "الحزب" لن يرد على اغتيال الطبطبائي...وإصرار أميركي لنزع السلاح ولا كلام يعلو على لغة الحرب

خاص

صحيح ان كل المؤشرات تدل على ان اسرائيل ستصعّد في استهدافاتها العسكرية في لبنان الا ان عملية اغتيال الرجل الثاني في "حزب الله" هيثم الطبطبائي كانت مفاجئة ومباغتة، وتحمل دلالات سياسية وأمنية بالغة الدقة والاهمية خصوصا انها جاءت بعد مرحلة من الهدوء النسبي في الضاحية الجنوبية لبيروت اذ تركزت الغارات والاغتيالات بعد اتفاق وقف اطلاق النار في الجنوب والبقاع. 

عملية الاغتيال ستشكل نقطة تحول في التصعيد الاسرائيلي الذي سيصبح أكثر خطورة خصوصا اذا تمت مقارنتها بمرحلة اغتيال القيادي العسكري في حزب الله فؤاد شكر، وما تلاها من عمليات اغتيال طالت قادة بارزين في الحزب. وما يزيد في ارتفاع منسوب الخطورة، اعلان إسرائيل تنسيقها العملية مع أميركا ما يعني ان الاخيرة أعطت الضوء الاخضر لتوسيع عملياتها في لبنان بالتزامن مع تكرار رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو تعهده بمواصلة استهداف حزب الله في لبنان كما ان القناة 12 الإسرائيلية أكدت بأنّ المنظومة الأمنية مستعدة لكل السيناريوهات بعد اغتيال الطبطبائي، إضافة الى اعلان الجيش الإسرائيلي اليوم الإثنين، عن بدء مناورات على مستوى قيادة الأركان للتعامل مع حالة حرب.

وفيما يرى البعض ان عملية الاغتيال تحمل العديد من الرسائل منها ما هو موجه الى رئيس الجمهورية الذي يسعى الى التفاوض، وابعاد شبح جولة جديدة من الحرب عن لبنان، والى الجيش اللبناني الذي ينفذ قرار الحكومة بحصرية السلاح في وقت اعتبر فيه مصدر أمني إسرائيلي أن جولة إضعاف حزب الله يجب أن تُنجز قبل نهاية العام، وان حكومة لبنان لن تقوم بهذه المهمة، ولن ننتظر. أما الرسالة الثالثة، فهي موجهة إلى حزب الله نفسه بعد ان أشارت وسائل إعلام إسرائيلية أن نجاح العملية جاء بفضل العامل البشري بدلالة الى الاختراق الأمني.

بعد هذا التصعيد، لا بد من التساؤل: هل سيرد حزب الله على اغتيال الطبطبائي بعملية نوعية وقاسية، وتنزلق الامور الى مواجهة مفتوحة أو سيعمد سياسة ضبط النفس في وقت أكدت فيه إذاعة الجيش الإسرائيلي تعزيز مستوى الاستعداد في منظومة الدفاع الجوي لاحتمال رد حوثي على اغتيال الرجل الثاني في حزب الله أمس؟ وماذا يعني توقيت العملية في ظل مطالبة الموفدين الاميركيين، وآخرهم الوفد الأميركي برئاسة سيباستيان غوركا، بضرورة إنجاز لبنان الخطوات المطلوبة منه قبل نهاية العام الحالي، وأبرزها تشديد الرقابة على أموال الحزب والاسراع في تنفيذ حصرية السلاح؟. وما المقصود ومدى جدية التصاريح الاسرائيلية التي تشدد على أنه يمكن إضعاف الحزب دراماتيكيًّا لسنوات طويلة بقتال لأيام فقط؟ 

"حزب الله" لن يرد على اغتيال الطبطبائي

 الخبير العسكري والاستراتيجي العميد خالد حمادة أكد في حديث لموقع "وردنا" ان حزب الله لن يرد على اغتيال الطبطبائي، وهذا القرار هو قرار إيراني وليس قرار الحزب. لنتحدث في سياق التجربة. اسرائيل تقوم بكل ما تقوم به منذ اتفاق وقف اطلاق النار، وحزب الله لا يرد انما يكتفي بالقول انه استعاد بنيته العسكرية، وانه جاهز للمواجهة. ما الذي استجدّ اليوم مع العلم ان هناك أكثر من 300 عنصر من الحزب تم اغتيالهم منذ توقيع اتفاق وقف اطلاق النار؟ ألا يشكل ذلك سببا كافيا للرد؟. الحزب لن يرد لأنه حتى في حرب الاسناد التي شنها الحزب بقرار من إيران لم تدخل فيها لأنها كانت تريد توجيه رسالة واضحة الى الاميركيين بأننا قادرون على ضبط ايقاع المعارك، ويجب أن نكون جزءا من التسوية في المنطقة. اليوم، تريد ايران توجيه رسالة أخرى مفادها اننا لن ندخل المعركة، وحريصون على أمن اسرائيل، وهذا ما جاء على لسان الأمين العام للحزب نعيم قاسم. ما يعني اننا قادرون على لجم حزب الله، وقادرون على حفظ أمن المستوطنات. ايران تثابر على هذا الموقف، وحزب الله لن يستطيع الرد. ربما اذا دخلت ايران الحرب، واستشعرت ان هذه هي الجولة النهائية، قد تلجأ لدفع حزب الله لدخول المعركة، لكن وفق الظروف القائمة حاليا، فالحزب لن يدخل الى معركة بسبب الاستهداف مهما كان. 

رسالة للدولة اللبنانية لتغيير الآداء 

 ما حصل بالامس رسالة واضحة الى الدولة اللبنانية: يجب تغيير الآداء المتعلق بمسألة حصرية السلاح، وعدم الاكتفاء بمهل مفتوحة، وعدم الاكتفاء بحصرية السلاح في جنوب الليطاني. الخطة يجب أن تشمل كل لبنان. اما الرسالة السياسية الاخرى، فهي معروفة من قبل الولايات المتحدة الاميركية التي لن تفاوض طهران على أي شيء خارج حدودها. مسألة لبنان كما سوريا واليمن ليست نقطة للنقاش مع طهران. يجب أن ندرك ان الخط البياني الاميركي العريض يستند الى مسألة واحدة: عدم الإبقاء على سلاح أي ذراع من أذرع ايران في المنطقة بحسب حمادة الذي اعتبر ان الاهم من المهل الزمنية هو عدم التراجع عن قرار تجريد حزب الله من سلاحه. والعلاقات اللبنانية الاميركية من سيء الى أسوأ، وآخر تجلياتها، الغاء زيارة قائد الجيش والتصريحات الاميركية العالية السقف. كل ذلك يدل على ان ليس هناك من عودة الى الوراء، وهناك اصرار أميركي على نزع السلاح. اذا الدولة اللبنانية لم تبادر الى مسار تغيير حصرية السلاح، فسيدخل لبنان حلقة من التصعيد رأينا في الامس مشهدا منه.

 لا كلام يعلو على لغة الحرب

وأوضح حمادة انه عندما تقول اسرائيل انها ستضعف حزب الله دراماتيكيا بعمل عسكري لمدة أيام، هذا يعني شكل من أشكال السيناريوهات العسكرية. وربما ما حصل بالامس، يتحول الى سلسلة من العمليات المتلاحقة على مدى أيام محدودة ما سيؤدي الى دمار وقتل واحراج أكثر فأكثر الى الدولة اللبنانية بالذهاب نحو مسار أكثر جدية في مسألة حصرية السلاح.

اما في ما يتعلق بالرد من خارج لبنان ربما من سوريا أو الاردن أو اليمن، أشار حمادة الى ان ما من طرف سيرد في سوريا التي اتخذت مسارا بات واضحا للجميع. أما في الاردن، من سيرد؟. وبالنسبة للحوثيين، معروف نطاق ردهم. تبقى جبهة لبنان الاكثر سخونة.

وبالتالي، نحن في مرحلة عنف. لا كلام يعلو على لغة الحرب. اذا انحدرت الامور نحو مزيد من العنف، فالبابا لاوون ربما يؤجل زيارته، لكن السياسة الاميركية غير مرتبطة بزيارة البابا. وفي حال أجّلت اسرائيل تصعيدها لبعد زيارة البابا، هل ستتغير السياسة الدولية تجاه لبنان والمنطقة؟. لا يجوز التوقف عند هذه المواعيد والاستحقاقات التي لن تغيّر في السياسة الاميركية بأي شيء. علينا الخروج من التخريف اللبناني وفق ما قاله حمادة.

يقرأون الآن