رأى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، اليوم الثلاثاء، أن التوصل إلى اتفاق بشأن الحرب في أوكرانيا "أوشك أن يتحقق"، مبدياً تفاؤلاً دون الكشف عن تفاصيل، ومكتفياً بالقول خلال فعالية في البيت الأبيض: "سنحقق ما نصبو إليه".
ويأتي هذا التصريح في وقت أكد فيه مسؤول أوكراني دعم كييف لإطار اتفاق السلام المقترح مع روسيا، مع الإشارة إلى وجود قضايا حساسة لا تزال بحاجة إلى تسوية. ووفق مصدر مطّلع، فإن النسخة الأحدث من مسودة الخطة الأميركية باتت "أفضل بكثير" لأوكرانيا، بعدما أجريت عليها تعديلات جوهرية جعلتها قابلة للتنفيذ، من بينها السماح لكييف بالاحتفاظ بجيش قوامه 800 ألف جندي مقابل 600 ألف في النسخة الأولى.
من جانبه، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي استعداد بلاده للمضي قدماً في اتفاق سلام مدعوم من الولايات المتحدة، مؤكداً رغبته في مناقشة النقاط الحساسة مباشرة مع ترامب، وبحضور الحلفاء الأوروبيين. كما دعا خلال خطاب أمام "تحالف الراغبين" إلى وضع إطار لنشر "قوة طمأنة" في أوكرانيا واستمرار الدعم الأوروبي طالما لم تُظهر موسكو استعداداً لإنهاء الحرب.
وفي السياق ذاته، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن فرصة إحراز تقدم نحو "سلام جيد" باتت سانحة، محذراً من أن أي اتفاق يجب أن يستند إلى ضمانات أمنية قوية لا تقتصر على تعهدات ورقية، ومشدداً على ضرورة دور فاعل للحلفاء الأوروبيين في توفير هذه الضمانات.
بالتوازي مع المساعي الدبلوماسية، شهدت الجبهات تصعيداً خطيراً، حيث شنت روسيا هجمات مكثفة بالطائرات المسيّرة والصواريخ على العاصمة كييف، ما أسفر عن مقتل سبعة أشخاص وإصابة 21 آخرين، إضافة إلى تعطيل واسع في أنظمة الكهرباء والتدفئة. وأفاد زيلينسكي بأن القوات الروسية أطلقت أكثر من 460 مسيّرة و22 صاروخاً، استهدف معظمها قطاع الطاقة.
وفي المقابل، أعلنت السلطات الروسية مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة 16 آخرين جراء هجوم أوكراني واسع بالمسيرات على مدن جنوب روسيا، بينها نوفوروسيسك وروستوف وكراسنودار، مؤكدة إسقاط 249 طائرة مسيّرة خلال ليلة واحدة.
وحذّر المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي من مخاطر استمرار الحرب على سلامة محطة زابوريجيا النووية، مشيراً إلى أن أي اتفاق سلام يجب أن يتضمن ترتيبات خاصة وآلية تعاون بين روسيا وأوكرانيا لضمان أمن المحطة. وأكد أن غياب وقف إطلاق النار يبقي احتمال وقوع حادث نووي قائماً.
وبحسب مسودة خطة السلام الأميركية، يُقترح إعادة تشغيل المحطة تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية مع تقاسم إنتاج الكهرباء بين الطرفين، وهو ما وصفه غروسي بأنه مسألة سياسية تُحسم لاحقاً، مؤكداً في المقابل أن دور الوكالة "لا غنى عنه" في أي صيغة مستقبلية.
وفي برلين، شدد وزير الخارجية الألماني على أن المسؤولية النهائية لإنهاء الحرب تقع على عاتق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، داعياً إياه إلى إظهار استعداد حقيقي للتفاوض، ومؤكداً أن أوروبا والولايات المتحدة وأوكرانيا مستعدة للمضي قدماً نحو السلام إذا توفرت الإرادة السياسية.
ويُنتظر أن تشهد الأيام المقبلة جولة مكثفة من الاتصالات واللقاءات، وسط تقارير تفيد بإمكانية زيارة زيلينسكي إلى الولايات المتحدة لوضع اللمسات الأخيرة على اتفاق محتمل مع ترامب، قد يشكل بداية لمسار سياسي ينهي واحدة من أكثر الحروب دموية في أوروبا الحديثة.


