خاص- الأزمة الاقتصاديّة في لبنان تدفع بالقطاع الزراعي نحو مزيد من الانهيار

لم يعد بمقدوري تناول طبق فتوش في هذه الأزمة الاقتصاديّة المُرّة. ربّما لم يعد يحقّ للفقراء في هذا البلد أن يتنعّموا بخيرات أرضه.

هكذا بدأ سيمون كلامه لموقع "وردنا"، معتبراً أنّ لقمة العيش باتت مهدّدة، وشراء الخضار والفاكهة بات حكراً على الأغنياء فقط. ويتابع: "كيلو البصل البلدي بـ 140 ألف ليرة، أمّا كيلو الثوم بـ160 ألف. والبندورة فحدّث ولا حرج، لم أتذوّقها منذ أن كان الدّولار 70 ألف ل.ل. عندما كان الكيلو الواحد يُباع بـ40 ألف ليرة. هذا غير عن غلاء الروكا والبقدونس والنعناع..الخ

والسّلطة التي كانت تزيّن مائدتنا اللبنانية، لم تعد موجودة.

قصّة سيمون تعبّر عن قسم لا بأس به من المواطنين الذين لم يعد بمقدورهم شراء الخضار والفاكهة من الأسواق. ولو فعلوا، ستكون "بالحبّة".

كيف وصلنا الى ما نحن عليه اليوم، وكيف يتعامل القطاع الزراعي مع الأزمة الراهنة ؟

كلفة الإنتاج بالدّولار.. والصّرخة عالية

في حديثه لموقع "وردنا"، يؤكّد رئيس تجمّع المزارعين في البقاع ابراهيم الترشيشي، أنّ القطاع الزراعي يعاني من إهمال الدّولة وغياب المسؤولين، لاسيّما مع تراجع سعر صرف الليرة.

ويٌضيف: القطاع الزراعي هو الأكثر تأثراً في هذه الأزمة، لأنّ كلفة الإنتاج تحتسب بالدّولار، وبيع المنتوجات في الأسواق على الليرة اللبنانيّة. وما بالنا من المزارعين الذين استغنوا عن هذا القطاع بشكلٍ نهائي. و"هذه المرحلة التي نحن فيها، لا توصلنا سوى للإنحلال والإنحطاط وتدهوره أكثر فأكثر"، مؤكداً أنّ المشكلة الأساسية تكمن في غياب الدّعم الحكومي.

وأشار الى أن صرخة موظّفي القطاع الزراعي عالية، ولو بإمكانهم الإستقالة لما تردّدوا نهائياً، علماً أنّهم يداومون يومين الى ثلاثة أيام في الأسبوع.

وردا على سؤال حول مسؤولية تجّار الفاكهة والخضار برفع الأسعار، أجاب ترشيشي: "الأسعار تُدرس بحسب العرض والطّلب، إذا كان هناك فائض في الإنتاج السّعر ينخفض والعكس صحيح، حتّى ولو الدّولار واصل ارتفاعه".

وعللّ ترشيشي أسباب ارتفاع الأسعار بشكلٍ هائل بثلاثة أمور:

أولًا بسبب العوامل المناخيّة وانخفاض درجات الحرارة، ممّا يخفف من كمية الإنتاج.

ثانيًا دولرة الأسعار بسبب عدم استقرار سعر الصرف.

وثالثًا إقبال النّاس على شراء أكثر من حاجاتها مع قدوم شهر رمضان. رغم ذلك، نتّكل على استيراد ما لا يقلّ عن سبعين في المئة من المنتوجات الزّراعيّة.

ويُكمل: الشرط الأساسي لانتعاش القطاع الزراعي في لبنان هو أن نصدر قسمًا منها وإلّا الزراعة انتهت والكساد بات سيّد الموقف.

الإختلاف بالأسعار "مسألة طبيعية"

وفي السيّاق عينه، يوضّح رئيس مصلحة حماية المستهلك زهير برّو، أنّ الإختلاف بالأسعار هي مسألة طبيعيّة، وحين يكون الاقتصاد حر تكون الأسعار مختلفة بين سوقٍ وآخر.

وعن سؤال ما إذا هنالك خطوات لمراقبة الأسعار، أكّد لموقع "وردنا" أن لا رقابة عليها أبدًا. الأسعار يتم تخفيضها بوجود إقتصادٍ مُنتج، وقويّ ووجود منافسة بدلًا من الإحتكارات. والأهم من ذلك وجود كيان للدولة تدعو للطمأنينة وهذا غير متوفّر في لبنان.

وعن دولرة الأسعار قال: "حذّرنا من دولرة المنتوجات الزراعيّة سابقًا. ومعالجة هذا الموضوع يتطلّب خطّة متكاملة لدعم القطاع الزاعي والصناعي من قبل الدّولة والاستثمار بها".

وحذّر برّو من أنه في ظل غياب الدّولة عن الإستثمار في هذا القطاع، مصير الزراعة سيكون له المزيد من الإنهيارات ومزيد من الأعباء على اللبنانيين. 


أين وزارة الوصاية من هذا الواقع؟

مصدر في وزارعة، طلب عدم الكشف عن اسمه، وصف واقع القطاع "بالمذري جداً" لاسيما وأنه قبل ثلاثين سنة كان لبنان قادراً على تأمين جزء كبير من استهلاكه المحلي تصل حدّ تسعين في المئة، لكنه تحويل الى بلد ريعي يستورد أكثر من خمسة وثمانين في المئة من احتياجاته. وشدد المصدر، على أن تطبيق الخطة الزراعية التي اعدتها الوزارة بات أكثر من ضرورة وطنية. خصوصاً أن الأسمدة واللقاحات البيطرية التي يتم استيرادها كانت تصنع محلياً لكنها اختفت بفعل السياسات الاقتصادية الخاطئة، وبالتالي باتت كلفة الانتاج أغلى بكثير من الدول المحيطة.

هذا الى جانب تكبيل وزارة الوصاية بميزانية أقل ما يقال عنها أنها متواضعة، كما ان الأزمة الحالية تركت أثرها البالغ على موظفي وزارة الزراعة، شأنها شأن سائر القطاعات العامة. 


يقرأون الآن