ذكرت صحيفة "الغارديان" أنه في إطار "حروب الرقائق" أصبحت أشباه الموصلات نقطة اشتعال في العلاقة بين الولايات المتحدة والصين. وقالت إن القتال من أجل التكنولوجيا بات أكثر أهمية في القرن 21، وهو مصدر رئيسي للعداء بين القوتين العظميين في العالم.
وستتوجه وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، إلى بكين في محاولة لترسيخ العلاقات الاقتصادية، وسيكون على رأس جدول الأعمال كيفية التعامل مع حرب الرقائق المتزايدة بين الصين والولايات المتحدة، وفقا للصحيفة.
وتزور يلين الصين من الخميس إلى الأحد حيث تجتمع مع مسؤولين صينيين، على ما أعلنت الوزارة، الاثنين.
وخلال زيارتها بكين، تبحث وزيرة الخزانة مع أعضاء في الحكومة في أهمية "أن يدير البلدان علاقتهما بطريقة مسؤولة، بوصفهما الاقتصادين الرائدين في العالم"، حسب وزارة الخزانة.
كذلك، تعتزم يلين التشديد على ضرورة "التواصل مباشرة بشأن مجالات الاهتمام والعمل على مواجهة التحديات العالمية".
اللقاءات الثنائية لم تنجح في وضع ضوابط لعملية إنتاج الرقائق
وكان قد التقى الرئيس الأميركي، جو بايدن، بنظيره الصيني، شي جين بينغ، قبال أشهر للمرة الأولى في محاولة لتخفيف التوتر.
وفي منتصف حزيران/يونيو، توجه وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إلى بكين حيث استقبله الرئيس الصيني، وهو لقاء فُسّر على أنه تقدم دبلوماسي.
لكن خلال تجمع في إطار حملته في كاليفورنيا في نهاية حزيران/يونيو الماضي، وصف بايدن نظيره الصيني بأنه "دكتاتور"، في تصريح اعتبرته بكين "استفزازا".
وفرضت إدارة بايدن العام الماضي قيودا على تصدير أشباه الموصلات الأميركية ومكونات التكنولوجيا إلى الصين. وقبل ذلك، كانت قد أبقت على رسوم جمركية فرضها ترامب على منتجات تصدرها الصين إلى الولايات المتحدة.
المنافسة بين العملاقين تشتد والخوف من أن تتحول الى حرب تكنولوجية
وعلى الرغم من المبادرات الدبلوماسية من كلا الجانبين، فإن المنافسة في التكنولوجيا المتقدمة بين القوتين العظميين لا تظهر أي علامة على التراجع، وفقا للصحيفة.
والاثنين الماضي، أظهرت بكين "نبرة معادية" لرحلة يلين، حيث قررت فرض قيود على تصدير اثنين من المعادن التي تقول الولايات المتحدة إنها ضرورية لإنتاج أشباه الموصلات وغيرها من التقنيات المتقدمة.
وقالت صحيفة "غلوبال تايمز" الحكومية الصينية: "لا يوجد سبب يدعو الصين لمواصلة استنفاد مواردها المعدنية الخاصة، سوى منعها من متابعة التطور التكنولوجي".
وأدى تحرك الصين لتقييد صادرات بعض المعادن شائعة الاستخدام في إنتاج أشباه الموصلات والسيارات الكهربائية والصناعات المتقدمة تقنيا إلى تصعيد الحرب التجارية مع الولايات المتحدة وقد تتسبب في تفاقم الاضطرابات في سلاسل التوريد العالمية.
وقالت شركة أميركية منتجة لرقائق أشباه الموصلات إنها تقدمت بطلب للحصول على تصاريح تصدير لطمأنة المستثمرين. وقال منتج للجرمانيوم في الصين لرويترز إن الاستفسارات من الخارج والأسعار ارتفعت بين عشية وضحاها.
وقالت وزارة التجارة الصينية إنها ستسيطر اعتبارا من أول آب/أغسطس على صادرات ثمانية منتجات من الجاليوم وستة منتجات من الجرمانيوم لحماية أمنها القومي ومصالحها، في خطوة اعتبرها محللون ردا على جهود واشنطن المتصاعدة للحد من التقدم التكنولوجي للصين.
وقال بيتر آركيل، رئيس اتحاد الصين العالمي للتعدين "ضربت الصين قيود التجارة الأميركية في موضع مؤلم".
وأضاف "الجاليوم والجرمانيوم مجرد نوعين من المعادن الثانوية لكن المهمة جدا لنوع من منتجات التكنولوجيا، والصين هي المنتج المهيمن لمعظم هذه المعادن. والاقتراح بأن دولة أخرى قد تحل محل الصين في المدى القصير أو حتى على المدى المتوسط ضرب من الخيال".
وتأتي القيود التي تفرضها الصين في الوقت الذي تدرس فيه واشنطن فرض قيود جديدة على تصدير الرقائق الدقيقة المتقدمة تقنيا إلى الصين، بعد سلسلة من القيود في السنوات القليلة الماضية.
ومن المتوقع أيضا أن تفرض الولايات المتحدة وهولندا قيودا أخرى على بيع معدات إنتاج الرقائق لشركات تصنيع الرقائق الصينية هذا الصيف ضمن جهود تهدف إلى منع استخدام الجيش الصيني لتقنيتهما.
وتأتي هذه الإجراءات في وقت يعتقد أن إدارة بايدن تستعد فيه لتوسيع قيودها الخاصة على بيع الرقائق الدقيقة المتقدمة إلى الصين، وفقا للصحيفة.
شخصيات أميركية أوضحت حقيقة القلق من هيمنة الصين على تقنية تحديث الرقائق
وتتمحور مخاوف واشنطن في أن يتفوق جيش التحرير الشعبي الصيني على الجيش الأميركي من حيث القوة الكلية، وفي أن يتم استخدام التكنولوجيا الأميركية للقيام بذلك.
وأمر شي جين بينغ جيش التحرير الشعبي بأن يصبح جيشا من "الطراز العالمي" بحلول عام 2049، الذكرى المئوية لحكم الحزب الشيوعي الصيني. ويتضمن جزء كبير من ذلك تطوير أسلحة مستقلة، بما في ذلك الصواريخ الفرط صوتية، واستخدام الذكاء الاصطناعي (AI) في عدة مجالات، بما في ذلك الحرب الإلكترونية.
ومن غير الواضح مدى قرب الصين من تحقيق هذا الهدف. ووفقا للتقرير السنوي لوزارة الدفاع الأميركية حول القوة العسكرية للصين، فإن جيش التحرير الشعبى الصينى "يسعى وراء قدرات قتالية من الجيل التالي (...) من خلال الاستخدام الموسع للذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة الأخرى في كل مستوى من مستويات الحرب".
ولكن في حين أن الصين رائدة عالميا في بعض تطبيقات الذكاء الاصطناعي، مثل التعرف على الوجه، فإن صناعتها المحلية ليست قادرة بعد على إنتاج أشباه الموصلات الأكثر تقدما التي تدعم هذه التقنيات. لذلك تعتمد الشركات الصينية والجيش على الواردات للحصول على الرقائق المتقدمة، وفقا للصحيفة.
وارتفع عدد الشركات المصنعة للرقائق الإلكترونية في الصين من حوالي 1300 عام 2011 إلى 22800 شركة بحلول عام 2020.
ومع ذلك، فإن هذا النمو الهائل تركز على الشركات التي تصنع رقائق أكبر حجما وأقل تقدما من الناحية التكنولوجية.
وتشير التقديرات إلى أن الصين بعيدة كل البعد عن هدفها المتمثل في تحقيق الاكتفاء الذاتي في أشباه الموصلات بنسبة 70 في المئة بحلول عام 2025.