اتجهت درجات الحرارة قي أنحاء العالم نحو ارتفاعات مثيرة للقلق واتسع نطاق انتشار الظروف المناخية المتطرفة في وقت سعى فيه أكبر بلدين مسببين للتلوث في العالم، الصين والولايات المتحدة، اليوم الاثنين إلى استئناف محادثات المناخ.
ومع قول العلماء إن الهدف المتمثل في إبقاء ارتفاع درجة حرارة الكوكب في حدود 1.5 درجة مئوية عن مستويات ما قبل الثورة الصناعية يصبح بعيدا عن المتناول فإن الدليل على وجود أزمة مناخية يطالعنا في كل مكان.
وسجلت بلدة سانباو النائية في منطقة قاحلة بشمال غرب الصين رقما قياسيا لدرجة الحرارة بلغ 52.2 مئوية.
واستعرت حرائق الغابات في أوروبا قبل موجة الحر الثانية، والتي من المقرر أن تصعد بدرجات الحرارة إلى 48 درجة مئوية.
وفي الولايات المتحدة، تلقى ربع السكان تحذيرات من موجات حر شديدة، ويرجع ذلك جزئيا إلى قبة حرارية استقرت فوق الولايات الغربية.
وكتب المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جيبريسوس، على "تويتر" قائلا "في أجزاء كثيرة من العالم، يُتوقع أن تُسجل اليوم درجات حرارة قياسية".
وأضاف "أزمة المناخ ليست تحذيرا. إنها تحدث. أحث قادة العالم على التحرك الآن".
وفي استئناف للجهود الدبلوماسية بشأن الاحتباس الحراري بين القوتين العظميين، اجتمع جون كيري المبعوث الأمريكي لشؤون المناخ مع نظيره الصيني شيه تشن هوا في بكين، وحثا على اتخاذ إجراءات مشتركة لخفض انبعاثات الميثان وتقليص استخدام الفحم في توليد الطاقة.
وقال كيري في إشارة إلى تزايد العواصف والحرائق "في الأيام الثلاثة المقبلة، نأمل أن نتمكن من البدء في اتخاذ بعض الخطوات الكبيرة التي تنقل إشارة إلى العالم حول الهدف الجاد للصين والولايات المتحدة لمواجهة خطر وتهديد وتحد مشترك للبشرية جمعاء أوجده البشر بأنفسهم".
وأضاف أن هذا "مُسمم لكل من الصينيين والأميركيين وسكان كل بلد على هذا الكوكب".
وتهدد درجات الحرارة المرتفعة التي طال أمدها في الصين شبكات الطاقة والمحاصيل وتثير مخاوف من تكرار جفاف العام الماضي الذي كان الأشد ضراوة منذ 60 عاما.
واكتسب إعصار تاليم قوة ومن المقرر أن يصل ليلا إلى الساحل الجنوبي للصين، مما سيرغم البلاد على إلغاء رحلات الطائرات والقطارات في منطقتي قوانغدونغ وهاينان.
وفي كوريا الجنوبية، أودت الأمطار الغزيرة بحياة 40 شخصا مع تهاوي سدود أنهار مما تسبب في فيضانات مفاجئة. وجاءت الفيضانات في أعقاب أكبر هطول للأمطار تسجله العاصمة سول العام الماضي.
والإعصار المضاد المعروف باسم شارون الذي قد يتسبب في أن تتخطى أوروبا أعلى درجة حرارة مسجلة بها تبلغ 48.8 درجة مئوية، وربما يحدث ذلك في جزيرة سردينيا الإيطالية.
* "مخيف جدا"
يرطب السائحون في العاصمة الإيطالية أجسادهم أمام مروحتين عملاقتين أقيمتا خارج الكولوسيوم وهم ينهلون من حين إلى آخر من ماء نافورة قرب الدرج الإسباني.
وفي إسبانيا، قد ترتفع درجات الحرارة لتبلغ 44 درجة مئوية في بعض المناطق. وأجبر حريق غابات في جزيرة لا بالما بمنطقة جزر الكناري أربعة آلاف شخص على إخلاء المنطقة قبل أن تتم السيطرة عليه بعد انخفاض درجات الحرارة حسبما قال المسؤول المحلي سيرجيو رودريجيز في مقابلة مع قناة "تي.في.إي".
ولطالما حذر العلماء من أن تغير المناخ، الناجم عن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري، سيجعل موجات الحر أكثر تواترا وضراوة وفتكا.
وتقول خدمة كوبرنيكوس لتغير المناخ بالاتحاد الأوروبي إن عامي 2022 و2021 شهدا أكثر فصول الصيف حرارة في القارة.
وقال أندرياس فلوريس، أستاذ علم وظائف الأعضاء المساعد في جامعة ثيسالي اليونانية، إن المباني والطرق تخزن الحرارة أثناء النهار وتطلقها ليلا مما يتسبب في بقاء درجات الحرارة أعلى من أربع درجات مئوية مقارنة بالمناطق المحيطة بها ويساهم في زيادة المخاطر الصحية بالنسبة للفئات العمرية والسكانية الأضعف.
وأضاف "لقد رأينا أن هذه الزيادة في درجات الحرارة ليلا في المدن تساهم في كثير من الأحيان في وفيات أكثر مما كنا نعتقد".
* "أرض مجهولة"
ربما أودت موجات الحر في فصل الصيف الماضي بحياة زهاء 61 ألف شخص في أوروبا، ويخشى تكرار ذلك في الموسم الحالي.
وقال عالم المناخ ومدير معهد بيير سيمون لابلاس في فرنسا روبرت فوتارد:"ما يقلقني هو الصحة حقا، صحة الأشخاص المعرضين للخطر الذين يعيشون تحت أسقف منازل غير مؤهلة للتكيف مع مثل درجات الحرارة المرتفعة هذه. وهذا قد يؤدي إلى وفيات كثيرة".
كما ساعدت القبة الحرارية عبر غرب الولايات المتحدة في هطول أمطار غزيرة في الشمال الشرقي مما أودى بحياة خمسة أشخاص على الأقل. وانتشرت التحذيرات من الحرارة حتى فلوريدا.
وقال كارلو بونتمبو، مدير خدمة كوبرنيكوس لتغير المناخ بالاتحاد الأوروبي، إن هناك نمطا واضحا لموجات الحر التي أصبحت أكثر شيوعا كما توقع العلماء.
وأضاف "نحن بالفعل في أرض مجهولة تماما. لم نر شيئا مثل هذا في ذاكرتنا الحية وفي تاريخنا".
رويترز