دولي

موت بريغوجن يدفن مشكلة.. لكنه يحيي مشكلات جديدة لبوتين

موت بريغوجن يدفن مشكلة.. لكنه يحيي مشكلات جديدة لبوتين

وفاة رئيس مجموعة فاغنر العسكرية الروسية الخاصة يفغيني بريغوجن في حادث تحطم طائرة تجعل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أقوى على المدى القصير بعد التخلص من شخصية قوية تحدت سلطته وهددت بجعله يبدو ضعيفا.

لكن موته، الذي لم يصدر تأكيد رسمي له باستثناء بيان من هيئة الطيران يقول إنه كان على متن الطائرة، سيحرم الرئيس الروسي أيضا من لاعب قوي وذكي أثبت فائدته للكرملين بإرساله مقاتلي المجموعة إلى بعض من أكثر المعارك دموية في حرب أوكرانيا وكذلك بتعزيزه المصالح الروسية في أنحاء أفريقيا.

عمل انتقامي

وقالت مؤسِسة شركة (آر. بوليتيك) الاستشارية تاتيانا ستانوفايا، "مهما كانت أسباب تحطم الطائرة، سيرى الجميع أنه عمل انتقامي وعقابي، ولن يتدخل الكرملين بوجه خاص في هذا".

وأضافت "من وجهة نظر بوتين وكثيرين من أفراد قوات الأمن والجيش، يجب أن يكون موت بريغوجن عبرة لأي أتباع محتملين".

* افتراض خاطئ

جاء الحادث بعد شهرين من اليوم الذي نفذ فيه بريغوجن ومقاتلو فاغنر المرتزقة تمردا سيطروا فيه على مدينة في جنوبي روسيا وتقدموا نحو موسكو، وأسقطوا عددا من طائرات القوات الجوية الروسية مما أودى بحياة طياريها.

ووصف بوتين، الذي تحدث في الماضي عن كراهيته للخونة، الأمر بأنه "طعنة في الظهر".

وبعد التمرد، توقف بريغوجن عن انتقاداته المتواصلة لمؤسسة الدفاع لكنه واصل عملياته وتحرك بحرية فيما يبدو داخل وخارج روسيا على الرغم من اتفاق مع الكرملين كان من المفترض أن ينتقل بموجبه إلى روسيا البيضاء.

وقال عباس جالياموف، وهو كاتب خطب سابق في الكرملين وتصفه روسيا حاليا بأنه "عميل أجنبي"، إن بريغوجن افترض خطأ أن بوتين لا يمكنه الاستغناء عنه بسبب نطاق وأهمية أنشطته.

وشملت هذه الأنشطة عمليات واسعة النطاق في أفريقيا حيث قامت فاغنر بتوسيع خدمات مقاتليها في بلدان مثل مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى مقابل امتيازات تعدين الذهب والماس.

ووضع الكرملين هذه الأنشطة في إطار أنها محض عمليات تجارية خاصة، لكنه استخدم فاغنر لتوسيع النفوذ الروسي في القارة في منافسة مع قوى غربية مثل فرنسا والولايات المتحدة.

وقال جالياموف إن بريجوجن "افترض أن بوتين لا يريد المخاطرة بكل هذا... لقد قلل من مدى أهمية أن يبعث بوتين رسالة لجميع المتمردين المحتملين مفادها: أيها الرجال، لا تعتقدوا أن بوسعكم اقتراف هذا والبقاء على قيد الحياة".

* "لعبة العروش"

لكن وفاة بريغوجن، إذا تم تأكيدها، لن تخلو من كلفة يتكبدها بوتين.

وقال محللون إن ذلك يفتح احتمال نشوب صراع فوضوي من أجل السيطرة على إمبراطورية فاغنر التجارية الضخمة، واحتمال حدوث انقسام بين البراغماتيين الراغبين في الاندماج مع وزارة الدفاع وبين الفصيل القومي المتطرف المستاء والذي ينفس بالفعل عن غضبه على قنوات التواصل الاجتماعي.

وقال آندرو بورين، المدير التنفيذي لشركة (فلاشبوينت) لاستخبارات التهديدات وهو مسؤول سابق في الاستخبارات الأميركية "أعتقد أنه من الممكن من نواح كثيرة أن تظهر بيئة (تشبه مسلسلي) ’لعبة العروش’ أو ’آل سوبرانو’ يكون لدينا فيها تنافس بين فصائل وجماعات منبثقة أصغر من فاغنر".

وأضاف "على المدى الطويل، أعتقد أنها خسارة استراتيجية" لروسيا.

وقال صامويل راماني، المحلل في مركز (روسي) البحثي في لندن ومؤلف كتاب "روسيا في أفريقيا"، إن فقدان شبكة بريغوجن الواسعة سيؤثر سلبا على بوتين.

وأضاف راماني في مقابلة هاتفية إن بوتين "سيفقد علاقات شخصية كثيرة استطاع بريغوجن إقامتها في تلك القارة، بما في ذلك نوع العلاقات التي قد تكون ضرورية لتصدير الذهب والماس من الدول الخاضعة لعقوبات مثل مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى".

وتحطمت الطائرة في اليوم نفسه الذي أعلنت فيه وسائل الإعلام الرسمية الروسية إقالة سيرجي سوروفيكين، القائد السابق للمجهود الحربي الروسي في أوكرانيا، من منصب قائد القوات الجوية. وقالت تقارير واسعة الانتشار لكن غير مؤكدة أن سوروفيكين خضع لتحقيق في احتمال ضلوعه في تمرد بريغوجن.

وقال راماني إن سقوط الرجلين قد يعيق قدرة موسكو على شن عمليات هجومية قادرة على الصمود في العام المقبل. والرجلان يعتبران على نطاق واسع من أكثر الأشخاص تأثيرا في حرب تعرضت فيها روسيا لإخفاقات كثيرة محرجة.

وأضاف راماني إنه إذا كان بوتين مسؤولا عن مقتل بريغوجن، فإن هذا يظهر استعداده للضلوع في قمع وحشي لأي نوع من المعارضة.

ومضى يقول "لكنه يكشف هشاشة أيضا لأنه سيتعين عليه استخدام القوة الآن لقمع هؤلاء القوميين المتطرفين الذين استطاع سابقا احتواءهم وترويضهم بضمهم إلى ائتلافه. وهذا ليس مؤشرا إيجابيا على قدرة بوتين على الاستمرار بعد عام 2024".

يقرأون الآن