تقع الجمهورية الغابونية في غرب وسط أفريقيا. يحدها خليج غينيا إلى الغرب، وغينيا الاستوائية إلى الشمال الغربي، والكاميرون إلى الشمال وجمهورية الكونغو نحو الشرق والجنوب. وتبلغ مساحتها 270,000 كم2 تقريباً كما يقدر عدد سكانها بـ 1,500,000 نسمة. وعاصمتها وأكبر مدنها هي مدينة ليبرفيل.
منذ استقلالها عن فرنسا يوم 17 آب/أغسطس 1960 حكم الغابون ثلاثة رؤساء. في أوائل التسعينيات طورت الغابون نظام التعددية الحزبية ووضعت دستوراً ديمقراطيًا جديدًا يسمح بعملية انتخابية أكثر شفافية وبإصلاح العديد من المؤسسات الحكومية. وساعدت الكثافة السكانية الصغيرة جنباً إلى جنب مع الموارد الطبيعية الوفيرة والاستثمار الأجنبي الخاص في جعل الغابون واحدة من أكثر بلدان المنطقة ازدهارًا، حيث يُعد مؤشر التنمية البشرية للغابون هو الأعلى في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء.
أصل التسمية
اسم الغابون ينبع من غابو، بالبرتغالية يعني "عباءة"، وهو ما يقرب من شكل مصب نهر كومو ليبرفيل.
التاريخ
أول من سكن المنطقة هم شعب بيغمي، لكن ومع هجرة شعب بانتو إلى المنطقة أصبحوا أكثر عدداً حتى استبدلوهم في النهاية. هناك حالياً العديد من المجموعات القبلية في البلاد وأكبرها شعوب فانغ الذين يشكلون 25 في المئة من السكان.
وصل أول الأوروبيين (الملاح البرتغالي دييغو) إلى المنطقة في القرن الخامس عشر. كما يعود اسم البلاد الحالي إلى الاسم البرتغالي "غاباو" وهو مشتق من الكلمة العربية "قَبَاء" ولها نفس المعنى والذي هو تقريباً على شكل مصب نهر كومو عند ليبرفيل. وصل الهولنديون إلى المنطقة عام 1593. بينما وصل الفرنسيون للمنطقة عام 1630. قاد المستكشف الفرنسي بيير سافورنيا دو برازا حملته الأولى في منطقة الغابون والكونغو عام 1875. وأسس مدينة فرانسفيل وأصبح لاحقاً حاكماً للسلطة الاستعمارية. عاش عدة جماعات من البانتو في المنطقة التي هي الآن الغابون عندما احتلتها فرنسا رسمياً في عام 1885 وأصبحت جمهورية ذاتية الحكم داخل الاتحاد الفرنسي بعد الحرب العالمية الثانية.
في عام 1910 أصبحت الغابون واحدة من أربعة أقاليم في أفريقيا الاستوائية الفرنسية وهو اتحاد دام حتى عام 1959. ثم نالت هذه الأراضي استقلالها في 17 آب/أغسطس 1960. وانتخب أول رئيس للغابون في عام 1961 ليون إمبا بينما كان عمر بونغو أونديمبا نائباً للرئيس. وكانت المصالح الفرنسية عنصراً حاسماً في تحديد مستقبل الزعامة في الغابون بعد الاستقلال. تدفقت الأموال الفرنسية في الحملة الانتخابية الناجحة لـ "إمبا".
بعد وصول إمبا إلى السلطة قمع الصحافة وحظر المظاهرات السياسية كما فرضت قيود على حرية التعبير واستبعدت الأحزاب السياسية الأخرى تدريجياً عن السلطة وتم تغيير الدستور ليتماشى مع الخطوط الفرنسية في تمركز السلطة في يد الرئاسة التي شغلها إمبا نفسه. مع ذلك حل إمبا الجمعية الوطنية في كانون الثاني/يناير عام 1964 وفرض نظام حكم الحزب الواحد، ثم حاول أنقلاب عسكري الإطاحة به من السلطة واستعادة الديمقراطية البرلمانية. وأصبح نظام إمبا الدكتاتوري رديفاً لعبارة "المصالح الفرنسية"» حيث جرى إنزال مظلي فرنسي في غضون 24 ساعة لاستعادة إمبا إلى السلطة.
بعد بضعة أيام من القتال قضي على الانقلاب وسجن أغلب المعارضون، على الرغم من الاحتجاجات الواسعة وأعمال الشغب. لم تقلق الحكومة الفرنسية من الإدانة الدولية للتدخل وبقيت قوات المظليين في معسكر دوغول على مشارف عاصمة الغابون. عندما توفي إمبا عام 1967 حلَّ مكانه بونغو واستمر رئيساً للدولة حتى وفاته عام 2009.
في آذار / مارس 1991 وضع دستور جديد للبلاد. كان من بين أحكامه قانون للحقوق وإنشاء هيئة لضمان تلك الحقوق (المجلس الوطني للديمقراطية) ومجلس استشاري حكومي يتعامل مع القضايا الاقتصادية والاجتماعية. أجريت انتخابات تشريعية متعددة الأحزاب في 1990-1991 على الرغم من أن أحزاب المعارضة لم تكن قانونية.
استلم الرئيس الحاج عمر بونغو أونديمبا السلطة في الفترة من 1967 حتى وفاته في حزيران / يونيو 2009 حيث أعيد انتخابه لثلاث فترات رئاسية متتالية مدة كل منها سبع سنوات آخرها في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2005. وفقاً للأرقام التي قدمتها وزارة الداخلية في الغابون، حصل على 79.1% من الأصوات. خلف بونغو بعد وفاته روز فرانسين روغومبه وهو رئيس مجلس الشيوخ في الغابون.
دستور غابون
سن الاقتراع في الغابون هو 21 عاماً. في عام 2003 عدل الرئيس دستور غابون لإزالة أي قيود على عدد فترات الرئاسة. يحتفظ الرئيس بسلطات قوية مثل سلطة حل الجمعية الوطنية وإعلان حالة الطوارئ وتأخير التشريعات وإجراء الاستفتاءات وتعيين أو اقالة رئيس الوزراء فضلاً عن أعضاء مجلس الوزراء. في النتائج المؤقتة فاز الحزب الديمقراطي الغابوني الحاكم بـ 84مقعداً من أصل 120 في البرلمان.
يوم 3 أيلول/سبتمبر 2009 انتخب ابن عمر بونغو علي بونغو رئيساً للبلاد. كما هو الحال في الانتخابات السابقة في الغابون طعنت أحزاب المعارضة بالنتائج. كما كانت هناك دعوات للمقاطعة واتهامات بتزوير الانتخابات والرشوة. أثار إعلان نتائج أعمال نهب وحرق للقنصلية الفرنسية في بورت جنتيل. مع ذلك فإن العديد من المراقبين الدوليين بما في ذلك الجماعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا ذكروا أن الانتخابات "تلبي المعايير الدولية" لديمقراطية التصويت، وحثت شعب الغابون على قبول النتيجة.
تمتلك الغابون جيشاً صغيراً مهنياً من حوالي 5,000 عسكري يقسم إلى الجيش والبحرية والقوات الجوية وقوات الدرك والشرطة الوطنية. مهمة القوات الغابونية الدفاع عن البلاد ولم يدرب للقيام بدور هجومي. كما توجد قوة قوامها 1800 رجل لحماية الرئيس.
في أيلول / سبتمبر 2007 أعلن رينيه نديميزو أوبيانغ المتحدث باسم الحكومة أن مجلس الوزراء قرر إلغاء عقوبة الإعدام رسمياً والتي لم تطبق في البلاد منذ أكثر من عقد من الزمان.
في 7 كانون الثاني/يناير 2019 أعلن مجموعة من الضباط انقلابهم على الرئيس، ومنعوا إذاعة كلمة الرئيس علي بونغو أونديمبا بمناسبة العام الجديد، وأعلنوا تشكيل مجلس وطني للإصلاح وسط إطلاق نار في العاصمة ليبرفيل. بعد بضع ساعات، أُلقي القبض على الضباط المتورطين، وأعلنت الحكومة في دولة الغابون فشل محاولة الانقلاب.
صنفت الغابون 21 من أصل 53 دولة أفريقية في مؤشر إبراهيم للحكم الأفريقي في عام 2009. مؤشر إبراهيم هو مقياس شامل للإدارة الأفريقية مبني على المتغيرات المختلفة التي تعكس نجاح الحكومات في توفير السلع السياسية الأساسية لمواطنيها.
الجغرافيا
تقع الغابون على ساحل المحيط الأطلسي من إفريقيا الوسطى، وعلى خط الاستواء فهي ذات مناخ استوائي ونظام واسع من الغابات المطيرة التي تغطي 85% من البلاد. هناك ثلاث مناطق متميزة هي: السهول الساحلية (تتراوح ما بين 2-30 كم من شاطئ المحيط)، والجبال (جبال كريستال إلى الشمال الشرقي من ليبرفيل، وكتلة شيلو في الوسط حيث أعلى قممها هي ايبوندجي مونت عند 1575 م) والسافانا شرق البلاد. تشكل السهول الساحلية جزءاً كبيراً من صندوق الحياة البرية العالمي للمناطق الغابات الساحلية الأطلسية الاستوائية الإيكولوجية وتحتوي على بؤر من غابات المنغروف في أفريقيا الوسطى على مصب نهر موني على الحدود مع غينيا الاستوائية.
أكبر نهر الغابون هو أوجوي بطول 1200 كم. تحتوي الغابون على ثلاثة مجالات كارستية حيث توجد المئات من الكهوف في الصخور الكلسية والدولوميت. منها غروت دو لاستورفيل وغروت دو ليبامبا وغروت دو بونغولو وغروت دو كيسيبوغو. كما لا تزال بعض الكهوف مجهولة حتى الآن. زار وفد من ناشيونال جيوغرافيك الكهوف في صيف عام 2008.
الحدود الدولية للغابون طولها 2551 كم. حدودها مع غينيا الاستوائية (350 كلم)، والكاميرون (298 كم) في اتجاه الشمال، وجمهورية الكونغو (1903 كم) في اتجاه الغرب والجنوب، أما المياه الإقليمية للغابون فتمتد 22 كم داخل المحيط الأطلنطي.
الاقتصاد
الغابون أكثر ازدهارا من معظم البلدان المجاورة حيث نصيب الفرد من الدخل أعلى بأربع مرات من متوسط منطقة أفريقيا جنوب الصحراء. يعود هذا الأمر في في جزء كبير منه لإنتاج النفط. بينما يقول النقاد أن ناتج النفط لا يدخل في تحديث أو تنويع الاقتصاد الغابون التي لا تزال تعتمد اعتماداً كبيراً على مواردها الطبيعية. الغابون عضو كامل العضوية في أوبك بين عامي 1975-1995. كما أنها مصدر للمنغنيز الحديد والخشب. أغلقت مناجم اليورانيوم بالقرب من فرانسفيل عام 2001 بسبب المنافسة الجديدة في السوق العالمية، وتصب الجهود الحالية على إعادة فتحها. كما توجد جهود حثيثة لاستغلال مناجم الحديد الواقعة إلى الشمال الشرقي من ماكوكو ابتداء من عام 2012.
خلال التسعينيات، أدى تراجع قيمة الفرنك الأفريقي بالغابون لأن تكافح في سداد ديونها الخارجية. قدمت فرنسا وصندوق النقد الدولي المزيد من القروض والمساعدات مقابل تنفيذ تغييرات اقتصادية. شركاء الغابون التجاريين الرئيسيين هم الولايات المتحدة والصين وروسيا للصادرات بينما تأتي أغلب الواردات من فرنسا.
السياحة
الغابون صغيرة الحجم وهي تقع على جانبي خط الاستواء على الساحل الغربي لوسط أفريقيا ولها حدود مشتركة مع كل من الكاميرون وغينيا الاستوائية وجمهورية الكونغو. البلاد غنية بالحيوانات وتشكل الغابات الاستوائية 85% من مساحة البلاد بالإضافة إلى الكثافة السكانية المنخفضة. يضاف إلى ما سبق السافانا وأشجار المانغروف والبحيرات والشواطئ مما يجعلها موئلاً مثالياً لأنواع مختلفة من الحيوانات والزواحف بما في ذلك 20,000 من غوريلا الأراضي المنخفضة الغربية و 60,000 من فيلة الغابات (الأكثر عدداً في القارة) و 700 نوع من الطيور الغريبة.
وتتمتع الغابون بثروة نفطية هائلة، منذ اكتشاف العديد من رواسب النفط في المناطق المجاورة للعاصمة ليبرفيل عام 1931، ما جعلها ضمن أكبر 5 منتجين للنفط الخام في جنوب الصحراء الأفريقية، تبعاً لبيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية.
وقد عادت الغابون رسمياً إلى منظمة الدول المصدرة للنفط"أوبك" عام 2016، بعد أن كانت عضواً سابقاً فيها بين 1975 و1995، وتركت مؤقتاً بسبب الرسوم السنوية المرتفعة، بحسب تقرير سابق لصحيفة "الشرق الأوسط". هذا، وبلغ إنتاج الغابون من الغاز الطبيعي 454 مليون متر مكعب بنهاية 2021، ارتفاعاً من 80 مليون متر مكعب فقط في 2010، وفقاً لتقرير "أوبك" السنوي. وهي تمتلك 26 مليار متر مكعب من احتياطيات الغاز الطبيعي المؤكدة بنهاية 2021، معظمها في حقول النفط. وتعتمد الحكومة الغابونية بشكل كبير على إيرادات النفط الخام، والتي تمثل مع إيرادات السوائل الأخرى قرابة 45% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. ثم إن صادرات الغابون من النفط والسوائل الأخرى شكّلت ما يقرب من 79% من إجمالي إيرادات الصادرات خلال عام 2021.