لبنان

واشنطن وباريس حذرتا "حزب الله" من اتخاذ "القرار الخاطئ" ...ولبنان لا يحتمل الدخول في حرب

واشنطن وباريس حذرتا

يواصل الاميركيون استخدام كل قنواتهم الاوروبية والعربية لمنع توسع الجبهة نحو الجنوب اللبناني. وبعد العمليات المحدودة على الحدود، كرر الاميركيون نقل رسائل الى الحكومة اللبنانية والجيش اللبناني، ومن خلالهما الى "حزب الله"، بأن واشنطن ستكون الى جانب اسرائيل، لكنها ليست طرفاً في الحرب، وانها لن تمنع اسرائيل من تنفيذ اي ضربات قاسية ضد لبنان، بما في ذلك بيروت، في حال لجأ حزب الله الى اجتياح المستوطنات الاسرائيلية في الشمال، مع طلبات مباشرة من الجيش والحكومة بمنع اي تحرك لعناصر فلسطينية على الحدود.

ونقلت وسائل إعلام أميركية وفق "الشرق الاوسط" عن مسؤولين في إدارة الرئيس جو بايدن وحلفائها أنهم وجهوا هذه التحذيرات على رغم ترجيح المسؤولين الأميركيين الكبار في الإدارة أن "حزب الله" لن ينضم إلى حرب "حماس" ضد إسرائيل، و"على رغم من بعض التصعيد على الحدود" اللبنانية – الإسرائيلية.

وكشفت شبكة "سي إن إن" الأميركية أن الرسالة نقلت إلى "حزب الله" عبر عدد من القنوات، وبينها رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري. وقد ذكر مسؤولون في الإدارة الأميركية بري في إحاطة الكونغرس يوم الأحد باعتباره وسيطاً، وفقاً لشخص مطلع على الإحاطة الإعلامية. ولن تتعامل الولايات المتحدة رسمياً مع "حزب الله" المصنف على أنه جماعة إرهابية، لذا فإن بري هو قناة طبيعية واحدة.

ونقلت أيضاً عن مصدر لم تسمه أن "فرنسا أبلغت حزب الله أيضاً، بناء على طلب إسرائيل، أنه يجب عليه البقاء بعيداً عن الحرب وعدم التصعيد أكثر وإلا سترد إسرائيل بشكل كبير"، مضيفاً أن "هذه المناقشات نسقت أيضاً مع الولايات المتحدة".

وأكد دبلوماسي غربي أن "الحلفاء الغربيين الذين لديهم علاقات غير رسمية مع حزب الله نقلوا بعض الرسائل"، مضيفاً أن رد "حزب الله" يشير إلى "إرادة موجودة مسبقاً بعدم التصعيد في الوقت الراهن".

وكان مسؤول دفاعي كبير قال: "نحن قلقون للغاية في شأن اتخاذ حزب الله القرار الخاطئ واختيار فتح جبهة ثانية لهذا الصراع"، مضيفاً: "نحن نعمل مع إسرائيل ومع شركائنا في كل أنحاء المنطقة لاحتواء هذا الأمر في غزة".

وعلاوة على الرسائل، أمر وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن بنشر مجموعة حاملة الطائرات "يو إس إس جيرالد فورد" في شرق البحر الأبيض المتوسط، في "جزء كبير منها كرسالة إلى حزب الله وداعميه الإيرانيين بالامتناع عن دخول الحرب".

وقال مستشار الأمن القومي الأميركي جايك سوليفان: "دعوني أكون واضحاً، نحن لم نحرك الحاملة لحماس، بل "قمنا بتحريك حاملة الطائرات لتوجيه رسالة ردع واضحة إلى الدول الأخرى أو الجهات الفاعلة غير الحكومية التي قد تسعى إلى توسيع نطاق هذه الحرب".

حزب الله: عدم استقبال اي رسالة

من جهته، قرر "حزب الله" عدم استقبال اي رسالة او موفد يحمل تهديداً، وهو ابلغ من يعنيهم الامر بأن التهويل لا ينفع لا معه ولا مع المقاومة في فلسطين، وان الوسيط المرحّب به هو فقط من يحمل طلباً في سياق مشروع وقف العدوان الاسرائيلي، وانه لا يمكن سؤال المقاومة – فضلاً عن مطالبتها – بأي خطوة تتعلق بعمل مقاومين فلسطينيين عبر الحدود اللبنانية.

والى جانب العملية التي نُفّذت أمس "لإفهام اسرائيل بأن لا تغيير لقواعد الاشتباك، واصلت المقاومة في لبنان الاستنفار والتعبئة في صفوفها، والتنسيق مع بقية قوى المقاومة. وتتواصل الاتصالات التنسيقية بين حزب الله والحرس الثوري الايراني وحماس والجهاد الاسلامي لدرس الخيارات التي تساعد المقاومة في فلسطين على الصمود وافشال خطة العدو".

وقالت مصادر معنية لـ "الاخبار" ان على قوى المقاومة خارج فلسطين القيام بكل "العمليات الذكية" التي تربك جيش الاحتلال وتمنعه من حشد كل طاقاته في وجه القطاع، وإفهام العدو بأن غزة ليست متروكة لقدرها، اضافة الى درس الخطوات في حال تورط الجيش الاميركي في الحرب مباشرة الى جانب العدو".

واشارت المصادر الى "ادلة كثيرة ظهرت في الساعات الـ 48 الماضية تشير إلى ان قيادة العدو العسكرية والامنية لا تقل تخبطاً عن قيادته السياسية، رغم حملة التهويل في الاعلام العالمي، مع تفاصيل كثيرة ترد لحظة بلحظة عن حجم الفوضى التي تعاني منها الجبهة الداخلية في اسرائيل".

الحرب الواسعة مستبعدة

من جهة أخرى، قالت مصادر امنية لـ"الجمهورية": "حتى الآن يمكن القول انّ قواعد الاشتباك التي تحكم الجبهة الجنوبية ما زالت مستقرة ولا تخرج عن الفعل ورد الفعل المتوقع. بدليل ان العمليات التي تحصل في هذه الجبهة، والتراشق الذي يواكبها، تحصل في اطار محدّد ومحدود في آن معاً على جانبي الحدود، تسود بعده حال من الهدوء، وهو ما شهدناه في الايام الاخيرة، ما يعني ثبات قواعد الاشتباك من دون أي تغيير فيها. لكن هذا لا يمنع إمكانية تطوّر الأمر أكثر تِبعاً لتطورات الميدان، وتبعاً لحصول ما سمّاه المتحدث باسم قوات اليونيفيل "سوء فهم" قد يتطوّر إلى تسخين الجبهة الجنوبية.

وإذ لفتت المصادر الى انّ "حزب الله" باركَ عملية "حماس" وتفاعل معها بتأكيده على حق الشعب الفلسطيني في مقاومة العدو، الا انّ الثابت لدينا انه لم يكن في جوّ هذه العملية، ومن هنا استبعدت المصادر "أن يُقبل الحزب على فتح جبهة قتال واسعة مع اسرائيل، والامر نفسه بالنسبة الى اسرائيل، التي اكدت الوقائع المتلاحقة منذ عملية "حماس" انّ اولويتها استهداف غزة، وتتجنّب بالتالي إرباكها بفتح جبهة جديدة في الشمال، وهو ما عكسَه رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو بتحذيره مَن سمّاهم "أطرافاً أخرى" من انتهاز الفرصة لفتح جبهة جديدة على الحدود الشمالية"، وهو ما عكسته ايضاً التحذيرات المتتالية التي اطلقتها واشنطن على لسان الرئيس الاميركي جو بايدن ووزير الخارجية الاميركي انتوني بلينكن من فتح جبهات اخرى. وضمن هذا السياق، ابلغت رسائل اميركية واوروبية مباشرة الى الجانب اللبناني تؤكد العمل للحفاظ على هدوء الجبهة الجنوبية".

وبحسب معلومات موثوقة لـ"الجمهورية" في هذا السياق، فإنّ الجانب اللبناني رد على هذه الرسائل بتأكيد الالتزام بمندرجات القرار 1701، وانّ مصدر الخطر على المنطقة الجنوبية ليس من لبنان بل هو من جانب اسرائيل، وهو ما أبلغه رئيس مجلس النواب نبيه بري بشكل مباشر الى السفيرة الاميركية في لبنان دوروثي شيا خلال زيارتها الى عين التينة ظهر امس الاول".

وقال خبير عسكري لـ"الجمهورية": "ان العمليات العسكرية بالشكل الذي تجري فيه من استهداف لبعض المواقع والنقاط العسكرية ضمن الاراضي اللبنانية المحتلة، وما يليها من تراشق مدفعي وصاروخي ضمن ما تسمّى المناطق المفتوحة على جانبي الحدود الجنوبية لا يَصِل الى القوى والبلدات اللبنانية او المستوطنات الاسرائيلية، تؤكد بما لا يقبل ادنى شك ان لا اسرائيل ولا حزب الله معنيان بإشعال هذه الجبهة والدخول في حرب على نطاق واسع. وتبعاً لذلك فإنّ اتساع الحرب الراهنة لتشمل جبهة لبنان هو أمر غير وارد الحدوث".

على أن الخطر الاكبر، كما يقول الخبير العسكري، كامِن في غزة، حيث انّ المستويات السياسية الامنية والعسكرية والسياسية في اسرائيل قررت ان تحوّلها ارضاً محروقة وتدمّرها بالكامل بما يمهّد لاجتياح برّي للقطاع. وما ورد على لسان بعض القادة الاسرائيليين بدعوة فلسطينيي غزة الى الرحيل الى شبه جزيرة سيناء، يكشف بوضوح عن مشروع إسرائيلي مُعد مسبقاً، يبدو انه مدعوم بأكبر حشد دولي تتصدره الولايات المتحدة الاميركية، لفرض واقع فلسطيني جديد وربما تغيير في خريطة المنطقة. وهذا المشروع يشكل بالتأكيد الشرارة لاشتعال واسع النطاق، وضمن هذا الاطار أنظر بقلق بالغ الى اتفاق نتنياهو والمعارضة الاسرائيلية على تشكيل حكومة حرب موسعة".

لبنان لا يحتمل الدخول في حرب آنية

في سياق تحليلي للتطوّرات الميدانية والصمود والمعادلة الجديدة التي فرضتها حماس في حربها مع اسرائيل، وفي قراءة له للتطوّرات الميدانية، أشار النائب السابق شامل روكز إلى أنَّ "عملية طوفان الأقصى ناجحة إلى أقصى الحدود بسرّيتها وضروراتها وضخامتها ومفاجآتها، إذ لغاية الآن لا أحد يعرف ماذا جرى في غزة، إذ إنّها عملية رد اعتبار للفلسطينيين أينما وجدوا، داخل فلسطين أم خارجها، خاصةً أنَّ المعارك انطلقت من الداخل وضدّ المستعمرات التي أقيمت على أرض فلسطين المحتلّة".

روكز اعتبرَ في حديث لـ"الأنباء" الإلكترونية أنَّ "ما جرى في السابع من تشرين الأول ٢٠٢٣ سيدرّس مستقبلاً في المعاهد، باعتباره فخر للأمة العربية جمعاء"، لافتاً إلى أنَّ "الأهم كيف سيتمّ استثمار هذا الانتصار، كي لا يذهب سدىً، وألاّ يتحوّل إلى صراع بين الفلسطينيين أنفسهم، على أن يتمّ استثماره على الصعيد العربي أيضاً واستفادة الأمّة العربية، كما ألا يفرط في الإنجازات التي تحققت".

وإذ أكّد روكز "ضرورة تحرير كلّ الأسرى والسجناء في السجون الإسرائيلية وأن تكون مبادرة السلام العربية التي تمّ إطلاقها في قمة بيروت ٢٠٠٢ التي طالبت بحلّ الدولتين، إذ إنها بمثابة الممرّ الإلزامي لأيّ مبادرة لوقف إطلاق النار"، متوقعاً التعاطي مع هذه القضية من خلال المفاوضات التي قد يتطرق لها مجلس الجامعة العربية خاصة، أن تكون مرحلة بحجم هذا الانتصار يجب أن ينعكس إيجاباً على كلّ المستجدات المتعلّقة بالقضية الفلسطينية، لأن نتائج أوسلو جاءت مخزية، على حد تعبيره.

وعليه، وسطَ كلّ التوتّر الذي تمرّ به المنطقة إلّا أنَّ لبنان لا يحتمل الدخول في حرب آنية، في ظلّ غياب عمود الدولة والانهيار المتفشّي في المؤسسات، ما يحمّله أعباءً إضافية قد تكون كارثية على المستويين الصحي والاجتماعي على حدّ سواء.

يقرأون الآن