فرضت إسرائيل حصارا كاملا على قطاع غزة بعد أن دفعت حركة "حماس" بمقاتليها عبر السياج الحدودي في وقت مبكر من صباح يوم السبت في هجوم مباغت أسفر عن مقتل 1300 على الأقل من المدنيين والجنود.
وقطاع غزة جبهة في الصراع مع إسرائيل منذ عقود وهو معزول عن العالم الخارجي بالكامل تقريبا منذ 16 عاما. فيما يلي المحطات الرئيسية في التاريخ الحديث للقطاع وعزلته الاقتصادية القائمة منذ فترة طويلة:
* من قلب الصراع
اعتمدت حدود قطاع غزة في أعقاب حرب 1948 عندما سيطرت قوات مصرية على القطاع الذي يبلغ طوله 40 كيلومترا بما يشمل مدينة غزة.
وظل القطاع خاضعا للسيطرة المصرية لأغلب العقدين التاليين حتى سيطرت عليه إسرائيل خلال حرب 1967. وأصبح القطاع نقطة محورية في الانتفاضتين الفلسطينيتين في 1988 و2000.
ومع اتضاح مدى صعوبة التوصل لاتفاق سلام شامل بين إسرائيل والفلسطينيين، أجلت إسرائيل كل مواطنيها وجنودها من قطاع غزة في 2005.
* فرض حصار
بعد خروج إسرائيل من القطاع فرضت حصارا مؤقتا بريا وجويا وبحريا عليه، وفرضت أيضا قيودا على الصادرات وحدت بشكل كبير ممن يمكنهم الدخول إليه.
وتعللت إسرائيل بمخاوف أمنية وأصبح الحصار دائما اعتبارا من 2007 فصاعدا بعد أن سيطرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على القطاع وتغلبت على مقاتلين موالين للرئيس محمود عباس في حرب أهلية استمرت لفترة وجيزة.
وساندت مصر إلى حد ما الحصار بفرض إجراءات مشددة بينما تعتبر حماس تهديدا لاستقرارها. وتمتد الحدود بين مصر وقطاع غزة على مسافة نحو 12 كيلومترا.
*الظروف المعيشية
تقول منظمة "هيومن رايتس ووتش"، المعنية بحقوق الإنسان، إن إسرائيل حولت قطاع غزة بالنسبة لسكانه، البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة ويتزايدون بسرعة، إلى "سجن مفتوح" بمساعدة مصر.
وفي تقرير صدر هذا العام، قدرت وكالات الأمم المتحدة أن 58 في المئة من سكان القطاع يحتاجون لمساعدات إنسانية، حيث يعيش 29 في المئة من الأسر هناك في ظروف معيشية قاسية أو كارثية. والنسبتان في الحد الأقصى للأوضاع حادة التردي وذلك مقابل 10 في المئة في 2022.
ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن المساعدات الغذائية مطلوبة هناك لما يقرب من 1.3 مليون شخص. وقالت سلطة المياه الفلسطينية إن أكثر من 90 في المئة من المياه المتاحة في قطاع غزة غير صالحة للشرب.
ويحصل عدد قليل للغاية من الفلسطينيين على تصاريح لزيارة أقاربهم أو أصدقائهم في الضفة الغربية، لكن إسرائيل زادت في الفترة الأخيرة عدد تصاريح العمل لسكان غزة. وبالنسبة لمعظم سكان غزة، يعتبر معبر رفح إلى مصر هو بوابة الخروج الوحيدة لكن يتعين على المسافرين تسجيل أسمائهم قبل أسابيع، في قائمة انتظار طويلة.
وسمحت مصر بخروج 19 ألفا و608 أشخاص من غزة في شهر آب/أغسطس، وهو أكبر عدد منذ تموز/يوليو 2012 بحسب بيانات الأمم المتحدة. وسمحت إسرائيل بخروج 58 ألفا و606 أشخاص معظمهم من العمال بالأجر اليومي، أي أعلى بنسبة 65 في المئة من المتوسط الشهري في عام 2022، لكنه أقل بنسبة 88 في المئة من مستويات عام 2000.
* الأثر الاقتصادي
حدت القيود المفروضة منذ فترة طويلة بشكل كبير من وصول الفلسطينيين إلى سوق العمل الإسرائيلية التي كانت مصدرا كبيرا للتوظيف قبل انتفاضة عام 2000.
ويقول مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إن معدل البطالة في غزة من بين أعلى المعدلات في العالم. ويبلغ معدل البطالة 46 بالمئة، ولا يزال أعلى بين الشباب إذ يصل إلى نحو 70 بالمئة، بحسب أحدث بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
ووفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي فإن دخل الفرد في غزة يقدر بنحو ربع مستواه في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل.
وتفرض إسرائيل قيودا على الواردات إلى غزة من البضائع التي ترى أنه يمكن استخدامها لأغراض عسكرية، بما في ذلك الأسمنت وقضبان الحديد. ومن المفارقات أنه قبل هجوم حماس، شهد هذا العام ارتفاعا في الواردات. وبدا كذلك أن سوق التصدير في غزة على وشك تسجيل أعلى مستوى منذ عام 2007.
* حصار تام
أعلنت إسرائيل يوم الاثنين فرض حصار تام على القطاع مانعة دخول الطعام والوقود والمياه إلى غزة، وأغلقت جميع المعابر. كما تغلق مصر أيضا معبرها إلى غزة.
وتوقفت محطة الكهرباء الوحيدة في القطاع، وبدأ ينفد الوقود اللازم لتشغيل مولدات الطوارئ في المستشفيات.
وتطالب اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالسماح بدخول الوقود إلى المستشفيات لكن إسرائيل استبعدت ذلك ما لم تطلق حماس سراح الرهائن الذين تحتجزهم.
ودعا برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة إلى إنشاء ممرات إنسانية لإدخال الغذاء إلى غزة، محذرا من أن الإمدادات قد تنفد سريعا.